المؤلفات » التوحيد عند مذهب أهل البیت (علیهم السلام)

الفصل الرابع

صفات اللّه التنزيهيّة
(حسب الحروف الألفبائية)

الاتّحاد الرؤية
الاحتياج الزمان
التركيب الشبيه
الجسمانية الشريك
الجهة الضدّ
الجوهروالعرض الكيفيات المحسوسة
الحدّ اللذة والألم
الحركة والسكون المثيل
الحلول المكان
الحوادث


الصفحة 78

الصفحة 79

الصفات التنزيهيّة / 1: الاتّحاد

الاتّحاد عبارة عن صيرورة الشيئين شيئاً واحداً من غير زيادة ولا نقصان(1).

القائلون بالاتّحاد :

1 ـ النصارى: قالوا بأنّ الله تعالى اتّحد بالمسيح، أو قالوا باتّحاد الأقانيم الثلاثة الأب والابن وروح القدس(2).

2 ـ الصوفية: قالوا بأنّ الله تعالى يتّحد بالعارف عندما يصل العارف في سيره وسلوكه إلى مرحلة الفناء في الله تعالى(3).

3 ـ النصيرية: قالوا بأنّ الله تعالى اتّحد بعلي بن أبي طالب(عليه السلام)(4).

أدلة نفي اتّحاده تعالى بالأشياء :

1 ـ الاتّحاد بنفسه محال; لأنّ الأقسام المتصوّرة بعد فرض اتّحاد شيئين عبارة

____________

1- انظر: النكت الاعتقادية، الشيخ المفيد: الفصل الأوّل، ص 29.

قواعد المرام، ميثم البحراني: القاعدة الرابعة، الركن الثاني، البحث السادس، ص 74.

كشف الفوائد، العلاّمة الحلّي: الباب الثاني، ص 223.

2- انظر: قواعد المرام، ميثم البحراني: القاعدة الرابعة، الركن الثاني، البحث السادس، ص 74.

مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج الخامس، البحث الخامس، ص 205.

إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث التوحيد، الدليل على نفي الاتّحاد، ص 238.

3- انظر: المصدر السابق.

قواعد العقائد، نصيرالدين الطوسي: الباب الثاني، لا يجوز عليه الاتّحاد، ص 72.

4- انظر : الملل والنحل ، محمّد بن عبدالكريم الشهرستاني : ج 1 ، الباب الأوّل، الفصل السادس، النصيرية ، ص 188 .


الصفحة 80

عن:

أوّلاً: بقاء الشيئين موجودين على ما كانا عليه: فلا اتّحاد بينهما; لأنّهما في هذه الحالة اثنان متمايزان لا واحد.

ثانياً: انعدام الشيئين معاً وإيجاد شيء ثالث: فلا اتّحاد بينهما; لأنّ المعدوم لا يتّحد بالمعدوم.

ثالثاً: انعدام أحدهما وبقاء الآخر: فلا اتّحاد بينهما; لأنّ المعدوم لا يتّحد بالموجود(1).

2 ـ الأقسام المتصوّرة للشيء قبل اتّحاد الله تعالى به:

أ : واجب الوجود: فيلزم تعدّد الواجب، وهو محال.

ب : ممكن الوجود: فالشيء الحاصل بعد الاتّحاد لا يخلو من أمرين:

الأوّل: واجب الوجود: فتكون النتيجة أن يصبح الممكن واجباً.

الثاني: ممكن الوجود: فتكون النتيجة أن يصبح الواجب ممكناً.

وكلاهما باطل، فيثبت بطلان اتّحاد الباري بغيره(2).

____________

1- انظر: قواعد العقائد، نصيرالدين الطوسي: الباب الثاني، لا يجوز عليه الاتّحاد، ص 71. المسلك في أصول الدين، المحقّق الحلّي: النظر الأوّل، المطلب الثالث، ص 65. قواعد المرام، ميثم البحراني: القاعدة الرابعة، الركن الثاني، البحث السادس، ص 74. كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الثاني، المسألة (14)، ص 407. مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج الخامس، البحث الخامس، ص 205. إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث التوحيد، الدليل على نفي الاتّحاد، ص 238.

2- انظر: النكت الاعتقادية، الشيخ المفيد: الفصل الأوّل، ص 29 ـ 30.

كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الثاني، المسألة (14)، ص 407.


الصفحة 81

الصفات التنزيهيّة / 2: الاحتياج

أدلة نفي الاحتياج عنه تعالى:

1 ـ إنّ الله تعالى غني عن الغير في كلّ شيء.

لأنّ الاحتياج من صفات الممكنات، وواجب الوجود منزّه عن الاحتياج(1).

2 ـ إنّ الله تعالى قديم، والقديم هو الذي يتقدّم على الكل فيكون غنيّاً عن الكل.

قال تعالى: { يا أيّها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد } [ فاطر : 15 ]

تنبيه :أقسام الاحتياج:

1 ـ في الذات: كاحتياج الأثر إلى الموثِّر.

2 ـ في الصفات: كاحتياج القادر ـ في كونه قادراً ـ إلى القدرة.

3 ـ في جلب المنافع ودفع المضار.

والله تعالى غني في جميع هذه الأقسام:

____________

1- انظر: النكت الاعتقادية، الشيخ المفيد: الفصل الأوّل، ص 31.

عجالة المعرفة في أصول الدين، محمّد بن سعيد الراوندي: فصل في الصانع وصفاته، ص 30. كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الثاني، المسألة (17)، ص 408. مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج الخامس، البحث الثاني عشر، ص 219.

إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث التوحيد، كونه تعالى غنيّاً، ص 239.


الصفحة 82

1 ـ إنّه تعالى غني بذاته; للأدلة الواردة أعلاه.

2 ـ إنّه تعالى غني بصفاته; لأنّ صفاته عين ذاته.

3 ـ إنّه تعالى لا يصح عليه النفع والضرر.

لأنّ النفع والضرر لا يجوزان إلاّ على من يلتذ ويتألّم.

واللذة والألم لا يجوزان إلاّ على صاحب الشهوة والنفور.

والشهوة والنفور من خواص الأجسام .

والله تعالى منزّه عن الجسمانية(1).

____________

1- انظر: شرح جمل العلم والعمل، الشريف المرتضي: وجوب كونه تعالى غنياً، ص 71.

تقريب المعارف، أبو الصلاح الحلبي: مسائل التوحيد، مسألة: في كونه تعالى غنياً، ص 87 .

الاقتصاد، الشيخ الطوسي: القسم الأوّل، الفصل الرابع، ص 74.

المسلك في أصول الدين، المحقّق الحلّي: النظر الأوّل، المطلب الثالث، ص 54.

مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج الخامس، البحث الثاني عشر، ص 218.

إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث التوحيد، كونه تعالى غنياً، ص 238 ـ 239.


الصفحة 83

الصفات التنزيهيّة / 3: التركيب

أقسام التركيب:(1)

1 ـ التركيب الخارجي: وهو التركيب من الأجزاء الخارجية، وهذه الأجزاء:

عند الفلاسفة: متكوّنة من المادة والصورة.

وعند علماء الطبيعة: متكوّنة من المادة والصورة والأجزاء العنصرية والذرية.

2 ـ التركيب الذهني: وهو التركيب من الأجزاء العقلية، من قبيل: الوجود والماهية والجنس والفصل.

3 ـ التركيب من الجهات والحيثيات، كحيثية الذات والصفة في الصفات الزائدة على ذاته تعالى.

4 ـ التركيب من الأجزاء الوهمية كأجزاء الخط والسطح والجسم.

والله تعالى منزّه عن جميع أنواع التركيب.

أدلة نفي التركيب في ذات الله تعالى :

1 ـ المركّب يحتاج ويفتقر إلى أجزائه، ولكن الله تعالى ـ كما ثبت سابقاً ـ منزّه عن الاحتياج والافتقار(2).

____________

1- انظر: كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الثاني، المسألة العاشرة، ص 406.

إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث التوحيد، استحالة التركيب في ذاته تعالى، ص 225.

قواعد العقائد، نصير الدين الطوسي: الباب الثاني: في صفاته تعالى، الصفات السلبية ص 68، هامش رقم (1 ) لمحقق الكتاب علي الرباني الكلبايكاني.

2- انظر: النكت الاعتقادية، الشيخ المفيد: الفصل الأول، ص 30.

قواعد العقائد: نصيرالدين الطوسي: الباب الثاني، الصفات السلبية، ص 68.

كشف الفوائد: العلاّمة الحلي: الباب الثاني، الصفات السلبية، ص 213 ـ 214.

الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد، مقداد السيوري: الركن الأول، في الصفات السلبية، ص 71.

إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث التوحيد، استحالة التركيب في ذاته تعالى، ص 224.


الصفحة 84

بعبارة أخرى:

وجود "الجزء" مقدّم على وجود "الكل".

وكلّ "جزء" من المركّب مغاير لغيره.

فيكون المركّب مفتقراً إلى أجزائه.

ولكن الله تعالى هو الغني الذي لا يفتقر إلى غيره(1).

2 ـ إذا كانت الذات الإلهية مركّبة، فإنّ هذه الأجزاء لا تخلو من أمرين:

أوّلاً ـ أجزاء قديمة، فيلزم تعدّد القدماء، وهذا باطل.

ثانياً ـ أجزاء حادثة، فيلزم تركيب الواجب من أجزاء غير واجبة، وهذا باطل.

3 ـ المركّب بحاجة إلى من يركّبه، وهو منفي عن الذات الإلهية.

4 ـ "الكل" مركب من "أجزاء" خارجية يكون ذات جوانب.

وجانبه هذا غير جوانبه الأخرى.

فهو بجانبه هذا منعدم عن الجوانب الأخرى، ويكون بجوانبه الأخرى منعدم عن هذا الجانب.

فيلزم هذا الأمر النقص في جميع الجوانب، وبالتالي يستوجب هذا الأمر النقص والقصور في الذات الإلهية، وهذا باطل(2).

5 ـ لو كان الله تعالى مركّباً من الأجزاء لكان علمه وقدرته ثابتة لكلّ واحدة من أجزائه المتغايرة، فيكون كلّ جزء من الله عالماً قادراً، فتتعدّد الآلهة، وهذا باطل.

____________

1- انظر: كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الأوّل، المسألة العاشرة، ص 405.

مناهج اليقين، العلامة الحلّي: المنهج الخامس، البحث الأول، ص 201 ـ 202.

2- انظر: براهين أصول المعارف الإلهية والعقائد الحقّة للامامية، أبو طالب التجليل: معرفة الله، نفي التركيب عنه تعالى، ص 72.


الصفحة 85

الصفات التنزيهيّة / 4: الجسمانية

الجسم هو الشيء المستلزم للأبعاد الثلاثة، وهي: الطول والعرض والعمق(1).

و "التجسيم" هو الاعتقاد بأنّ الله تعالى جسم.

أدلة تنزيه الله عن الجسمانية :

1 ـ الجسم بطبيعته يحتاج إلى مكان، وبما أنّ الله منزّه عن جميع أنواع الاحتياج، فلهذا يثبت تنزيهه تعالى عن الجسمانية(2).

2 ـ الجسم بطبيعته يتأثّر بالحوادث، فلو كان الله جسماً لما انفك عن الأمور الحادثة من قبيل الحركة والسكون، وكلّ ما لا ينفك عن هذه الأمور فهو حادث، ولكنّه تعالى أزلي قديم، فيثبت تنزيهه تعالى عن الجسمانية(3).

3 ـ الجسم بطبيعته محدود، فلو كان الله جسماً لكان محدوداً، وبما أنّه تعالى منزّه عن المحدودية، فلهذا يثبت تنزيهه تعالى عن الجسمانية(4).

4 ـ الجسم بطبيعته مركّب، فلو كان الله جسماً لكان مركباً، وبما أنّه تعالى منزّه عن التركيب، فلهذا يثبت تنزيهه تعالى عن الجسمانية(5).

____________

1- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 42، ذيل ح 6، ص 293.

2- انظر: الباب الحادي عشر، العلاّمة الحلّي: الفصل الثالث، الصفة الثانية، ص 51.

إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث التوحيد، استحالة اتّصافه تعالى بالآلات الجسمانية، ص 237.

3- انظر: نهج الحق وكشف الصدق، العلاّمة الحلّي: المسألة الثالثة، البحث الثالث، ص 56.

4- انظر: مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج الخامس، البحث الثاني، ص 202.

5- انظر: تلخيص المحصّل، نصيرالدين الطوسي: الركن الثالث، القسم الثاني، ص 256.

قواعد المرام، ميثم البحرانى: القاعدة الرابعة، الركن الثاني، البحث الثاني، ص 69.

مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج الخامس، البحث الثاني، ص 202.


الصفحة 86

أحاديث لأهل البيت(عليهم السلام) في تنزيه الله عن الجسمانية :

1 ـ قال الإمام علي(عليه السلام): "... ولا بجسم فيتجزّأ"(1).

2 ـ قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام):

... إنّ الجسم محدود متناه.

والصورة محدودة متناهية.

فإذا احتمل الحدّ، احتمل الزيادة والنقصان.

وإذا احتمل الزيادة والنقصان، كان مخلوقاً"(2).

3 ـ قال الإمام موسى بن جعفر الكاظم(عليه السلام): "إنّ الجسم محدود"(3).

4 ـ قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام): "سبحان من ليس كمثله شيء، لا جسم ولا صورة"(4).

5 ـ قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام): "ليس منّا من زعم أنّ الله عزّ وجلّ جسم ... إنّ الجسم مُحدَث"(5).

____________

1- التوحيد، الشيخ الصدوق: الباب 2، ح 34، ص 76.

2- الكافي، الشيخ الكليني: كتاب التوحيد، باب النهي عن الجسم والصورة، ح 6، ص 106.

3- المصدر السابق، ح 7، ص 106.

4- المصدر السابق: ح 2، ص 104.

5- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 6، ح 20، ص 101.


الصفحة 87

الصفات التنزيهيّة / 5: الجهة

أدلة نفي الجهة عن الله تعالى:

1 ـ الجهة لا تعقل إلاّ في المكان، والمكان ـ كما سيثبت لاحقاً ـ منفي عنه تعالى(1).

2 ـ الشيء الذي يكون في جهة لا يخلو من حالتين:

الأولى: يكون لابثاً في تلك الجهة.

الثانية: يكون متحرّكاً عن تلك الجهة.

فيكون الشيء في كلتا الحالتين غير منفك عن الحوادث.

وكلّ ما لا ينفك عن الحوادث، فهو حادث.

ولكن الله ـ كما سيثبت لاحقاً ـ منزّه عن الحوادث(2).

3 ـ الذات الموجودة في جهة معيّنة تكون محدودة في إطار تلك الجهة، وبما أنّ الله منزّه عن الحدّ، فلهذا يكون منزّهاً عن الوجود في جهة معيّنة.

ولهذا قال الإمام علي(عليه السلام): "من أشار إليه فقد حدّه"(3).

4 ـ الذات الموجودة في جهة معيّنة تكون مفتقرة إلى تلك الجهة.

____________

1- انظر: مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج الخامس، البحث الرابع، ص 204.

2- انظر: نهج الحق وكشف الصدق، العلاّمة الحلّي: المسألة الثالثة، المبحث الرابع، ص57، إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث التوحيد، كونه تعالى ليس في جهة من الجهات، ص 227 ـ 228.

3- نهج البلاغة، الشريف الرضي: خطب أميرالمؤمنين(عليه السلام)، خطبة (1 )، ص 14.


الصفحة 88

وبما أنّ الله منزّه عن الافتقار، فلهذا يكون منزّهاً عن الوجود في جهة معيّنة(1).

5 ـ الذات الموجودة في جهة معيّنة تكون غير موجودة في الجهة الأخرى، فإذا كان الله تعالى في جهة، فسيلزم خلوّه عن سائر الجهات، وهذا باطل.

سبب رفع الأيدي نحو السماء في الدعاء :

1 ـ قال الإمام علي(عليه السلام): "إذا فرغ أحدكم من الصلاة، فليرفع يديه إلى السماء، ولينصب في الدعاء".

فسأله أحد الأشخاص: يا أميرالمؤمنين أليس الله في كلّ مكان؟

قال(عليه السلام): "بلى".

قال: فلمَ يرفع يديه إلى السماء؟

فقال(عليه السلام): "أو ما تقرأ { وفي السماء رزقكم وما توعدون } [ الذاريات: 22 ]فمن أين يطلب الرزق إلاّ من موضع الرزق، وموضع الرزق وما وعد الله السماء"(2).

2 ـ سُئل الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): ما الفرق بين أن ترفعوا أيديكم إلى السماء وبين أن تخفضوها نحو الأرض؟

قال(عليه السلام): "ذلك في علمه وإحاطته وقدرته سواء، ولكنّه عزّ وجلّ أمر أولياءه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش; لأنّه جعله معدن الرزق"(3).

تفسير بعض الآيات القرآنية بعد معرفة استحالة إثبات الجهة لله تعالى :

1 ـ قوله تعالى: { وهو القاهر فوق عباده } [ الأنعام: 18 ]

المقصود من الفوقية هنا التعالي والعظمة والهيمنة في القوّة والقدرة(4)، وليس المقصود الفوقية الحسيّة، ومن الشواهد القرآنية على الفوقية غير الحسيّة قوله تعالى

____________

1- انظر: قواعد العقائد، نصيرالدين الطوسي: الباب الثاني، الصفات السلبية، ص 69.

كشف الفوائد، العلاّمة الحلّي: الباب الثاني، الصفات السلبية، ص 215 ـ 216.

الباب الحادي عشر، العلامة الحلّي: الفصل الثالث، الصفة الثانية، البحث الثاني، ص 52.

2- علل الشرائع، الشيخ الصدوق: ج 2، باب 50: العلّة التي من أجلها ترفع اليدين في الدعاء إلى السماء، ح1، ص 344.

3- التوحيد، الشيخ الصدوق، باب 36، ح 1، ص 242.

4- انظر: اللوامع الإلهية، مقداد السيوري، اللامع الثامن، المرصد الأوّل، النوع الثاني، ص 185.


الصفحة 89

حكاية عن فرعون: { وانا فوقهم قاهرون } [ الأعراف: 127 ]

2 ـ قوله تعالى: { إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } [ فاطر: 10 ]

أي: إنّ الأعمال الصالحة تصعد إلى الملائكة الكرام حفظة الأعمال الذين مسكنهم في السماء، ولهذا نُسب هذا الصعود إليه تعالى(1).

3 ـ قوله تعالى: { أءمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض } [ الملك: 16 ]

أي: أءمنتم من الله الذي يوجد في السماء ملائكته الموكّلون بإنزال العذاب عليكم متى ما يشاء(2).

4 ـ قوله تعالى: { يخافون ربّهم من فوقهم } [ النحل: 50 ]

أي: يخافون ربّهم أن ينزل عليهم العذاب من فوقهم(3).

____________

1- انظر: كنز الفوائد، أبو الفتح الكراجكي: ج 2، فصل: من الكلام في أنّ الله تعالى لا يجوز أن يكون له مكان، ص 106.

2- انظر: المنقذ من التقليد، سديدالدين الحمصي: ج 1، القول في نفي التشبيه عنه تبارك وتعالى، ص 108.

3- انظر: اللوامع الإلهية، مقداد السيوري: اللامع الثامن، المرصد الأوّل، النوع الثاني، ص 185.


الصفحة 90

الصفات التنزيهيّة / 6: الجوهر والعرض

دليل كونه تعالى ليس بجوهر :

إنّ الجوهر إمّا جوهر فرد أو خط أو سطح أو جسم.

وكلّ واحد منها مفتقر وحادث.

ولكن الله ليس بمفتقر ولا حادث(1).

دليل كونه تعالى ليس بعرض :

"العرض" يعتمد في وجوده على محلّه، وهو مفتقر إلى غيره، و ولكنّه تعالى منزّه عن الافتقار(2).

حديث شريف :

قال عبدالعظيم الحسني للإمام علي بن محمّد الهادي(عليه السلام):

يابن رسول الله إنّي أريد أن أعرض عليك ديني، فإن كان مرضياً أثبت عليه حتّى ألقى الله عزّ وجلّ.

فقال(عليه السلام): هات...

فقال عبدالعظيم: إنّي أقول: إنّ الله تبارك وتعالى... لا عرض ولا جوهر...".

____________

1- النكت الاعتقادية، الشيخ المفيد: الفصل الأوّل، ص 28، غنية النزوع، ابن زهرة الحلبي: الفصل الخامس، في أنّه تعالى ليس بجسم، ص 47.

2- النكت الاعتقادية، الشيخ المفيد: الفصل الأوّل، ص 29.

مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج الخامس، البحث الثاني، ص 203.

المسلك في أصول الدين، المحقّق الحلّي: النظر الأوّل، المطلب الثالث، ص 64 ـ 65.


الصفحة 91

فقال(عليه السلام):... هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده، فاثبت عليه..."(1).

____________

1- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 2، ح 37، ص 79 ـ 80 .


الصفحة 92

الصفات التنزيهيّة / 7: الحـدّ

إنّ الله تعالى منزّه عن الحدّ.

قال الإمام علي(عليه السلام): "ليس له [ سبحانه وتعالى ] حدّ ينتهي إلى حدّه"(1).

وقال(عليه السلام) أيضاً: "من زعم أنّ إله الخلق محدود فقد جهل الخالق المعبود"(2).

أدلة تنزيه الله عن الحدّ :

1 ـ قال الإمام علي(عليه السلام): "من حدّه [ تعالى ] فقد عدّه، ومن عدّه فقد أبطل أزله"(3).

2 ـ طلب أحد الأشخاص من الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) أن يحدّ الله تعالى له .

قال(عليه السلام): لا حدّ له.

قال ذلك الشخص: ولم؟

قال(عليه السلام): لأنّ كلّ محدود متناه إلى حدّ.

وإذا احتمل التحديد احتمل الزيادة.

وإذا احتمل الزيادة احتمل النقصان.

فهو غير محدود ولا متزايد ولا متناقص ولا متجزّء..."(4).

____________

1- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 2، ح 1، ص 35.

2- المصدر السابق، ح 34، ص 77.

3- نهج البلاغة، الشريف الرضي: قسم الخطب، خطبة 152، ص 278 ـ 279.

4- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 36، ح 3، ص 246.


الصفحة 93

الصفحة 94

الصفات التنزيهيّة / 8: الحركة والسكون

أدلة نفي الحركة عنه تعالى :

1 ـ قال الإمام علي(عليه السلام): "لا تجري عليه [ تعالى ] الحركة والسكون، وكيف يجرى عليه ما هو أجراه، أو يعود إليه ما هو ابتدأه، إذاً لتفاوتت ذاته، ولتجزّأ كنهه، ولامتنع من الأزل معناه..."(1).

2 ـ سئل الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "لم يزل الله متحرّكاً؟

فقال(عليه السلام): تعالى الله [ عن ذلك ]، إنّ الحركة صفة محدثة بالفعل"(2).

3 ـ قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) قال: "إنّ الله تبارك وتعالى لا يوصف بزمان ولا مكان، ولا حركة ولا انتقال ولا سكون، بل هو خالق الزمان والمكان والحركة والسكون، تعالى الله عمّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً"(3).

4 ـ قال الإمام موسى بن جعفر الكاظم(عليه السلام): "كلّ متحرّك محتاج إلى من يحرّكه أو يتحرّك به، فمن ظنّ بالله الظنون هلك"(4).

بصورة عامة:

الحركة تستلزم خلو الذات المتحرّكة من المكان التي كانت فيه واستقرارها في مكان غير المكان السابق، وهذا باطل بالنسبة إلى الله; لأنّه تعالى منزّه عن المكان.

____________

1- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 2، ح 1، ص 41.

2- الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، كتاب التوحيد، باب صفات الذات، ح 1، ص 107.

3- بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج 3، كتاب التوحيد، باب 14، ح 33، ص 330.

4- الكافي، الشيخ الكليني: باب الحركة والانتقال، ح 1، ص 125.


الصفحة 95

الصفات التنزيهيّة / 9: الحلول

الحلول عبارة عن: "قيام موجود بموجود على سبيل التبعية"(1).

الحلول عبارة عن دخول شيء في محل يحويه، ويحلّ داخله على سبيل التبعية.

ومعنى "على سبيل التبعية":

أن تكون الصلة بين "الحال" و "المحل" صلة تبعية كالصلة بين الجسم ومكانه.

القائلون بالحلول :(2)

ذهب بعض النصارى إلى القول بحلول الله في المسيح(عليه السلام).

ذهب بعض الصوفية إلى القول بحلول الله في أبدان العارفين.

أدلة استحالة حلوله تعالى في الأشياء :

1 ـ الحلول ملازم للجسمانية، والله منزّه عن الجسمانية(3).

2 ـ إذا جوّزنا الحلول على الله فإنّه تعالى:

أوّلاً: إمّا يكون حالاًّ في محل واحد:

____________

1- ، (2) انظر: تلخيص المحصل، نصيرالدين الطوسي: القسم الثاني، الصفات السلبية، ص 260 ـ 261.

قواعد المرام، ميثم البحراني: القاعدة الرابعة، الركن الأوّل، البحث الخامس، ص 73.

كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الثاني، المسألة الثالثة عشر، ص 407.

إشراق اللاهوت، عميدالدين العبيدلي: المقصد الخامس، المسألة الثانية عشر، ص 250.

إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث التوحيد، استحالة التحيّز للباري تعالى، ص 227.

3- حق اليقين، عبدالله شبر: الباب الثاني، ص 61.


الصفحة 96

فيلزم كونه تعالى جزءاً لا يتجزّأ، وهو محال.

لأنّ الجزء الذي لا يتجزّأ صغير جدّاً، والله منزّه عن الاتّصاف بهذه الصورة.

ثانياً: أن يكون حالاًّ في أكثر من محل واحد:

فيلزم كونه تعالى مركّباً وقابلاً للقسمة، وهو محال(1).

____________

1- مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج الخامس، البحث الثالث، ص 203.


الصفحة 97

الصفات التنزيهيّة / 10: الحوادث

الحوادث هي ما يطرء على الذات من التغيّرات المختلفة، من قبيل: الحركة والسكون، النوم واليقظة، اللذّة والألم، النشاط والضعف، ونحوها من الأعراض التي تنقل الذّات من حالة إلى أخرى.

دليل بطلان كونه تعالى محلاًّ للحوادث :

الحوادث تستلزم التغيّر والانفعال والتأثّر.

لأنّ الذات التي تطرء عليها الحوادث تتغيّر وتنفعل وتنتقل من حالة إلى أخرى.

وهذه من صفات الأشياء المادية والجسمانية.

وبما أنّه تعالى منزّه عن الأمور المادية والجسمانية، فلهذا يستحيل عليه أن يكون محلاًّ للحوادث(1).

حديث شريف :

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "... إنّه ليس شيء إلاّ يبيد أو يتغيّر، أو يدخله التغيّر والزوال، أو ينتقل من لون إلى لون، ومن هيئة إلى هيئة، ومن صفة إلى صفة، ومن زيادة إلى نقصان، ومن نقصان إلى زيادة، إلاّ ربّ العالمين فإنّه لم يزل ولا يزال بحالة واحدة..."(2).

____________

1- قواعد المرام، ميثم البحراني: القاعدة الرابعة، الركن الأوّل، البحث السابع، ص 74 . كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الثاني، المسألة (16)، ص 408. إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث التوحيد ص 232.

2- الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، كتاب التوحيد، باب معاني الأسماء واشتقاقها، ح 5، ص 115.


الصفحة 98

الصفحة 99

الصفات التنزيهيّة / 11: الرويـة

قال الشيخ المفيد: "لا يصح رؤية الباري سبحانه بالأبصار، وبذلك شهد العقل، ونطق القرآن، وتواتر الخبر عن أئمة الهدى من آل محمّد(عليهم السلام)، وعليه جمهور أهل الإمامة وعامّة متكلّميهم ... والمعتزلة بأسرها توافق أهل الإمامة في ذلك".(1)(2)

____________

1- أوائل المقالات، الشيخ المفيد: قول 25: القول في نفي الرؤية على الله تعالى بالأبصار، ص 57.

2- للمزيد راجع في هذا الكتاب: الفصل الخامس: رؤية الله بالبصر.


الصفحة 100

الصفات التنزيهيّة / 12: الزمان

اختلفت الأقوال حول حقيقة الزمان، ومن هذه الأقوال أنّ الزمان عبارة عن:

1 ـ الفلك الأعظم; لأنّه محيط بكلّ الأجسام.

2 ـ مقدار حركة الفلك الأعظم (قول أرسطو).

3 ـ مقدار حركة الطبيعة الفلكية(1).

تنزيه الله عن إحاطة الزمان به :

1 ـ قال الإمام علي(عليه السلام): "الحمد لله الذي... لم يسبقه وقت، ولم يتقدّمه زمان"(2).

2 ـ سئل الإمام علي(عليه السلام): يا أميرالمؤمنين متّى كان ربّنا؟

فقال(عليه السلام): ".. إنّما يقال: متى كان لمن لم يكن فكان، هو كائن بلا كينونة كائن..."(3).

3 ـ قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "إنّ الله تبارك وتعالى لا يُوصف بزمان... بل هو خالق الزمان"(4).

4 ـ سأل أحد الأشخاص الإمام محمّد بن علي الباقر(عليه السلام): أخبرني عن الله متى كان؟ فقال له(عليه السلام): ويلك أخبرني أنت متى لم يكن حتّى أخبرك متى كان، سبحان من لم يزل ولم يزال..."(5).

____________

1- للمزيد راجع: صراط الحق، محمّد آصف المحسني: ج 2، المطلب الثالث، ص 32.

2- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 2، ح 1، ص 33.

3- المصدر السابق: باب 27، ح 6، ص 171.

4- الأمالي، الشيخ الصدوق: المجلس (47)، ح 430 / 7، ص 353.

5- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 28، ح 1، ص 168.


الصفحة 101

دليل تنزيه الله عن إحاطة الزمان به :

يلزم إحاطة الزمان بالله تعالى:

أن يتقدّم جزء من الزمان على الله، وأن يتأخّر جزء آخر منه عليه فيكون الجزء الأول ماضياً.

ويكون الجزء الثاني مستقبلاً.

وهذا ما لا شك في امتناعه عليه تعالى.

لأنّ الله تعالى، لا يتقدّم عليه شيء، وهو عزّ وجلّ بكلّ شيء محيط.


الصفحة 102

الصفات التنزيهيّة / 13: الشبيه

لا خلاف بأنّ الله تبارك وتعالى لا يشبه شيئاً من مخلوقاته.

وقد قال تعالى واصفاً نفسه { ليس كمثله شيء } [ الشورى: 11 ](1)

____________

1- للمزيد راجع في هذا الكتاب: "الفصل الخامس عشر، المبحث الثاني، قول المشبّهة: تشبيه صفات اللّه بصفات الإنسان .


الصفحة 103

الصفات التنزيهيّة / 14: الشريك

أدلة استحالة وجود الشريك لله تعالى:

1 ـ دليل الاشتراك والامتياز

لو فُرض إلاهان في الوجود، فإنّهما:

سيشتركان في مفهوم "الإله".

وسيمتاز كلّ واحد منهما بأمر مغاير لما فيه اشتراكهما.

وحينئذ يكون كلّ واحد منهما مركباً مما به الاشتراك ومما به الامتياز.

وكلّ مركّب ممكن، ولكن الله تعالى واجب الوجود.

فيثبت بطلان وجود الشريك له تعالى(1).

2 ـ دليل التمانع

وجود الشريك يستلزم اختلاف إرادتيهما في بعض الأحيان.

وهذا ما يؤدّي إلى الفساد في نظام الوجود والإخلال بنظام الكون.

وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة بقوله تعالى: { لو كان فيهما آلهة إلاّ الله لفسدتا } [ الانبياء: 23 ]

* قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام):

"...إن قلت: إنّهما اثنان لم يخل من أن يكونا:

____________

1- أنظر: المسلك في أصول الدين، المحقق الحلّي: النظر الأوّل، المطلب الثالث، ص 55.


الصفحة 104

متّفقين من كلّ جهة.

أو مفترقين من كلّ جهة.

فلمّا رأينا الخلق منتظماً، والفلك جارياً، والتدبير واحداً، والليل والنهار والشمس والقمر، دلّ صحة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر على أنّ المدبّر واحد(1).

بعبارة أخرى:

لو كان في الوجود إلاهان، لكان كلّ واحد منهما قادراً لذاته.

فإذا أراد أحدهما تحريك جسم، وأراد الآخر تسكينه في حالة واحدة، فلا يخلو الأمر من الأقسام التالية:

الأوّل: يقع مرادهما، وهو محال; لأنّه جمع بين النقيضين، ويكون الجسم في هذه الحالة متحرّكاً وساكناً في وقت واحد، وهو محال.

الثاني: لا يقع مرادهما، ويلزم منه عجزهما، والإله لا يكون عاجزاً.

الثالث: يقع مراد أحدهما، فيكون الإله هو القادر، وأمّا العاجز فليس أهلاً للألوهية(2).

* سُئل الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): لم لا يجوز أن يكون صانع العالم أكثر من واحد؟

قال(عليه السلام): "لا يخلو قولك: إنّهما اثنان من أن يكونا قديمين قويين، أو يكونا ضعيفين، أو يكون أحدهما قويّاً والآخر ضعيفاً.

فإن كانا قويين فلم لا يدفع كلّ واحد منهما صاحبه ويتفرّد بالربوبية؟

وإن زعمت أنّ أحدهما قوي والآخر ضعيف ثبت أنّه واحد ـ كما نقول ـ للعجز الظاهر في الثاني"(3).

3 ـ جاء في وصية الإمام علي(عليه السلام) لولده الإمام الحسن(عليه السلام):

لو كان لربّك شريك لأتتك رسله، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه، ولعرفت أفعاله

____________

1- الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، كتاب التوحيد، باب حدوث العالم وإثبات المحدث، ح 5، ص 81 .

2- المصدر السابق، ص 55 ـ 56.

3- بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج 3، كتاب التوحيد، باب 6، ح 22، ص 230.


الصفحة 105

وصفاته، ولكنه إله واحد كما وصف نفسه...."(1).

____________

1- نهج البلاغة، الشريف الرضي: قسم الرسائل، رسالة رقم 31، ص 541.


الصفحة 106

الصفات التنزيهيّة / 15: الضـدّ

معاني "الضدّية" بين الشيئين:

المعنى الأوّل: لا يجتمعان في محل وزمان واحد.

مثال ذلك: الحرارة والبرودة، السواد والبياض.

المعنى الثاني: لكلّ واحد منهما أثر ينافي أثر الآخر.

مثال ذلك: الماء والنار.

المعنى الثالث: لأحدهما قدرة تمنع الآخر.

مثال ذلك: أن يتنازع شخصان في فعل واحد، وأحدهما أقوى من الآخر(1).

أدلة تنزيه الله عن وجود ضدّ له(2):

بالنسبة إلى المعنى الأوّل:

إنّ الله منزّه عن المكان والزمان، كما أنّ اجتماعه مع شيء آخر في مكان واحد يستلزم الحلول، والحلول ـ كما ثبت سابقاً ـ محال بالنسبة إلى الله تعالى.

بالنسبة إلى معنى الثاني:

كلّ ما سوى الله مخلوق، وليس له الاستقلالية في وجوده; لأنّ وجوده قائم بغيره، فلهذا يستحيل على أي مخلوق أن يترك أثراً منافياً عليه تعالى.

بالنسبة إلى المعنى الثالث:

____________

1- انظر: كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الثاني، المسألة (11)، ص 406. اللوامع الإلهية، مقداد السيوري: اللامع الثامن، المرصد الأوّل، الفصل الثالث،ص 156. إيضاح المراد، علي رباني كلبايكاني: المسألة (11) في أنّه تعالى لا ضدّ له، ص 87 .

2- انظر: المصدر السابق.


الصفحة 107

كلّ ما سوى الله ممكن الوجود، والممكن لا يستطيع أبداً مواجهة الواجب، ولهذا قال تعالى { وهو القاهر فوق عباده } [ الأنعام: 18 ].


الصفحة 108

الصفات التنزيهيّة / 16: الكيفيات المحسوسة

الكيفيات المحسوسة: من قبيل اللون والطعم والرائحة والحرارة والبرودة والرطوبة و...

أدلة تنزيه الله عن الكيفيات المحسوسة :

1 ـ الكيفيات المحسوسة من خواص الجسم والله تعالى منزّه عن الجسمانية.

2 ـ الكيفيات المحسوسة حادثة، لكن الباري غير حادث، فيمتنع أن يكون قابلاً للحوادث.

3 ـ الكيفيات المحسوسة تستلزم الانفعال، والله منزّه من الانفعال(1).

أحاديث لأهل البيت(عليهم السلام) حول تنزيه الله عن الكيفية :

1 ـ سئل رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن الله تعالى: كيف هو؟

قال(صلى الله عليه وآله): "وكيف أصف ربّي بالكيف، والكيف مخلوق الله، والله لا يوصف بخلقه"(2).

2 ـ قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) حول الله تعالى: "لا كيف له ولا أين; لأنّه عزّ وجلّ كيّف الكيف، وأيّن الأين"(3).

3 ـ قال الإمام علي(عليه السلام) حول الله تعالى: "... المعروف بغير كيفية"(4).

____________

1- انظر: تلخيص المحصّل، نصيرالدين الطوسي: الركن الثالث: القسم الثاني، ص 267 ـ 268.

مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج الخامس، البحث الثامن، ص 209.

2- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 44، ح 1، ص 303.

3- التوحيد، الشيخ الصدوق، باب 44، ح 2، ص 304.

4- المصدر السابق: باب 2، ح 34، ص 76.


الصفحة 109

4 ـ قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) حول الله تعالى: "... ولا يوصف بكيف... فكيف أصفه بكيف، وهو الذي كيّف الكيف حتّى صار كيفاً..."(1).

5 ـ قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "من نظر في الله كيف هو هلك"(2).

6 ـ قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام): "إذا سألوك عن الكيفية، فقل كما قال الله عزّ وجلّ: { ليس كمثله شيء } [ الشورى: 11 ]"(3)

____________

1- المصدر السابق: باب 8 ، ح 14، ص 111.

2- الكافي، الشيخ الكليني: كتاب التوحيد، باب النهي عن الكلام في الكيفية، ح 5، ص 93.

3- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 4، ح 14، ص 92 ـ 93.


الصفحة 110

الصفات التنزيهيّة / 17: اللذة والالم(1)

تعريف اللذة والألم عند المتكلّمين :

اللذة: حالة حاصلة من تغيّر المزاج إلى الاعتدال.

الألم: حالة حاصلة من تغيّر المزاج إلى الفساد.

تعريف اللذة والألم عند الفلاسفة :

اللذة: إدراك الذات ما يلائمها.

الألم: إدراك الذات ما ينافيها.

الألم في الذات الإلهية :

اتّفق الجميع على انتفاء الألم عنه تعالى، ودليل ذلك:

المتكلّمون: الألم من توابع المزاج، والمزاج يوجب التغيير والانفعال، والله تعالى منزّه عن هذه الأمور.

الفلاسفة: الألم إدراك الذات ما ينافيها، ولا مناف له تعالى; لأنّ ما عداه صادر عنه، فلا يكون منافياً له.

____________

1- انظر: قواعد العقائد، نصيرالدين الطوسي: الباب الثاني، الصفات السلبية، ص 70.

قواعد المرام، ميثم البحراني: القاعدة الرابعة، الركن الثاني، البحث الثامن، ص 75.

كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الثاني، المسألة (18)، ص 409.

مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج الخامس، البحث السابع، ص 208 ـ 209.

إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث التوحيد، استحالة قيام اللذة والألم بذاته تعالى، ص 233.


الصفحة 111

اللذة في الذات الإلهية :

وقع الخلاف بين العلماء حول وجود اللذة في الذات الإلهية:

المتكلّمون: إنّ الله تعالى منزّه عن اللذة; لأنّ اللذة من توابع المزاج، وملازمة للانفعال، ولا تصح إلاّ في الأجسام، والله تعالى منزّه عن المزاج والانفعال والجسمانية.

الفلاسفة: اللذة عبارة عن إدراك الذات ما يلائمها، والله تعالى مدرك لذاته بذاته، وذاته في غاية الجمال والكمال والبهاء، فلهذا يكون لله تعالى أعظم البهجة والسرور واللذة بذاته.

تنبيه :

منع العلماء توصيفه تعالى باللذة; لأنّ أوصاف الله توقيفية، ولا يجوز توصيفه تعالى إلاّ بما وصف به نفسه(1).

وقال مقداد السيوري في هذا الخصوص: "والذي يقتضيه العقل هو عدم التهجّم على هذه الذات المقدّسة بما لا ضرورة إلى إثباته ولم يرد الإذن فيه"(2).

____________

1- انظر من المصدر السابق: قواعد المرام: 75، كشف المراد: 409، مناهج اليقين: 209، إرشاد الطالبين: 236.

2- اللوامع الإلهية، مقداد السيوري: اللامع الثامن، المرصد الأوّل، الفصل التاسع، ص 161.


الصفحة 112

الصفات التنزيهيّة / 18: المثيل

"المثل" هو الشيء الذي يتوافق مع غيره في الماهية.

مثال ذلك: زيد مثل عمر في الإنسانية.

أدلة استحالة مماثلته تعالى لغيره :

1 ـ المماثلة تكون في "الماهية"، والله تعالى ليس له ماهية، فلا مثل له.

2 ـ إذا كان الشيئان متماثلين، فسيلزم من ذلك:

اشتراكهما في لوازم الذات.

ومن لوازم ذات الله تعالى "القدم".

ومن لوازم ذات غيره تعالى "الحدوث".

فإذا قلنا بأنّ ذاته تعالى مماثلة لذات غيره، فمعنى ذلك: أن يكون "الحدوث" من لوازم ذات الله تعالى الذي هو قديم.

وأن يكون "القدم" من لوازم ذات غير الله الذي هو حادث.

فيصبح الحادث قديماً، والقديم حادثاً، وهذا خلف.

فيثبت استحالة مماثلته تعالى لغيره(1).

3 ـ كلّ ذاتين اشتركا في أمر ذاتي:

فلابد أن يتميّز أحدهما عن الآخر بأمر عرضي.

____________

1- انظر: كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الثاني، المسألة (9)، ص405، نهج الحق وكشف الصدق، العلاّمة الحلّي: المسألة الثالثة، البحث الثاني،ص 54. إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث التوحيد، كونه تعالى لا مثل له، ص 224.


الصفحة 113

فيكون "ما به الامتياز" جزء لكلّ واحد منهما.

فلو شارك الله غيره في شيء من الأشياء، لكان مركباً، وبما أنّ الله منزّه عن التركيب، فلا يصح أن يكون له مماثل(1).

نفي المثيل عنه تعالى في القرآن الكريم :

قال عزّ وجلّ: { ليس كمثله شيء } [ الشورى: 11 ]

أي: ليس مثله شيء على وجه من الوجوه(2).

نفي المثيل عنه تعالى في الأحاديث الشريفة :

1 ـ قال الإمام علي(عليه السلام): "... فلا شبه له من المخلوقين، وإنّما يُشبّه الشيء بعديله، فأمّا ما لا عديل له، فكيف يُشبّه بغير مثاله..."(3).

2 ـ قال الإمام علي(عليه السلام): "كلّ ما في الخلق لا يوجد في خالقه"(4).

3 ـ قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "كلّ شيء وقع عليه اسم شيء سواه [ تعالى ] فهو مخلوق"(5).

4 ـ قال الإمام محمّد بن علي الباقر(عليه السلام): "ما وقع همّك عليه من شيء فهو خلافه، لا يشبهه شيء..."(6).

____________

1- مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج الخامس، البحث العاشر، ص 211.

2- فتكون "الكاف" في "كمثله" زائدة.

وقال الشريف المرتضى: "الكاف ليست زائدة، وإنّما نفى أن يكون لمثله مثل، فإذا ثبت ذلك عُلم أنّه لا مثل له; لأنّه لو كان له مثل لكان له أمثال، وكان لمثله مثل... نعلم بذلك أنّه لا مثل له أصلاً... فأراد الله تعالى أن يبيّن أنّه منزّه عن التشبيه أنّه كشيء أو مثل شيء".

متشابه القرآن ومختلفه، محمّد بن علي بن شهر آشوب: سورة الشورى، ص 104.

3- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 2، ح 13، ص 52.

4- التوحيد، الشيخ الصدوق: ح 1، ص 41.

5- المصدر السابق، ح 16، ص 58.

6- الكافي، الشيخ الكليني: كتاب التوحيد، باب إطلاق القول بأنّه شيء، ح1، ص 82 .


الصفحة 114

الصفات التنزيهيّة / 19: المكان

أدلة تنزيه الله عن وجوده في مكان:

1 ـ يستلزم ذلك احتياج الله إلى المكان، ولكنّه تعالى هو الغني الذي لا يحتاج إلى شيء(1).

سئل الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): هل يجوز أن نقول: إنّ الله عزّ وجلّ في مكان؟

فقال(عليه السلام): "سبحان الله وتعالى عن ذلك، إنّه لو كان في مكان لكان محدَثاً; لأنّ الكائن في مكان محتاج إلى المكان، والاحتياج من صفات المُحدَث لا من صفات القديم"(2).

2 ـ إنّ المكان الذي يكون الله فيه لا يخلو من أمرين:

الأوّل: قديم، فيستلزم ذلك تعدّد القدماء، وهذا باطل.

الثاني: حادث، والحادث محدود، ولكنّه تعالى غير محدود، والشيء المحدود لا يسعه إحاطة الشيء غير المحدود.

فيثبت بطلان وجوده تعالى في مكان(3).

____________

1- انظر: النكتب الاعتقادية، الشيخ المفيد: الفصل الأوّل، ص 29.

قواعد العقائد: نصيرالدين الطوسي، الباب الثاني، الصفات السلبية، ص 69.

قواعد المرام، ميثم البحراني: القاعدة الرابعة، الركن الثاني، البحث الرابع، ص 71.

الباب الحادي عشر، العلاّمة الحلّي: الفصل الثالث: الصفات السلبية، الصفة الثانية، ص 52.

2- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 28، ح11، ص174 .

3- انظر: كنز الفوائد، أبو الفتح الكراجكي: ج 2، فصل: من الكلام في أنّ الله تعالى لا يجوز أن يكون له مكان، ص 104.

إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث التوحيد، استحالة التحيّز للباري تعالى، ص 227.


الصفحة 115

أحاديث لأهل البيت(عليهم السلام) حول تنزيه الله تعالى عن الوجود في مكان :

1 ـ قال الإمام علي(عليه السلام): "... إنّ اللّه جلّ وعزّ أيّن الأين فلا أين له، وجلّ عن أن يحويه مكان..."(1).

2 ـ قال الامام علي(عليه السلام): "كان الله ولا مكان"(2).

3 ـ قال الإمام جعفر بن محمّد(عليه السلام): "ولا يوصف [ عزّ وجلّ ] بكيف ولا أين...، كيف أصفه بأين وهو الذي أيّن الأين حتّى صار أيناً، فعرفت الأين بما أيّنه لنا من الأين..."(3).

4 ـ سُئل الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): أين كان ربّنا قبل أن يخلق سماءً أو أرضاً؟ فقال(عليه السلام): "أين سؤال عن مكان، وكان الله ولا مكان"(4).

معنى نسبة بعض الأماكن إلى الله تعالى :

1 ـ ورد في معنى قول إبراهيم(عليه السلام): { إنّي ذاهب إلى ربّي سيهدين } [ الصافات: 99 ]

ومعنى قول موسى(عليه السلام): { وعجلت إليك ربِّ لترضى } [ طه: 84 ]

وقوله عزّ وجلّ: { ففرُّوا إلى الله } [ الذاريات: 51 ]

وغيرها من الآيات القرآنية التي تدل بظاهرها على وجود مكان لله تعالى(5).

قال الإمام علي بن الحسين زين العابدين(عليه السلام) ".. إنّ الكعبة بيت الله فمن حجّ بيت

____________

1- بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي، ج 57، باب 1، ح 63، ص 83 .

2- الإرشاد، الشيخ المفيد: ج 1، باب الخبر عن أميرالمؤمنين(عليه السلام) فصل: في ذكر مختصر من قضائه(عليه السلام)في إمارة أبي بكر، ص 201.

3- الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، كتاب التوحيد، باب النهي عن الصفة...، ح 12، ص 103 ـ 104. التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 8 ، ح 14، ص 111 ـ 112.

4- الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، كتاب التوحيد، باب الكون والمكان، ح 5، ص 89 ـ 90. التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 28، ح 4، ص 170.

5- من قبيل قوله تعالى في قصّة عيسى (بل رفعه الله إليه) [النساء: 158] راجع: بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج 3، كتاب التوحيد، باب 14، ح 17، ص 321.


الصفحة 116

الله فقد قصد إلى الله.

والمساجد بيوت الله، فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله وقصد إليه. والمصلّي مادام في صلاته فهو واقف بين يدي الله جلّ جلاله...

وإنّ لله تبارك وتعالى بقاعاً في سماواته، فمن عُرج به إليها، فقد عرج به إليه، ألا تسمع الله عزّ وجلّ يقول: { تعرج الملائكة والروح إليه } [ المعارج: 4 ] ويقول عزّ وجلّ: { إليه يصعد الكلم الطيّب والعمل الصالح يرفعه } [ فاطر: 1 ](1)

2 ـ سئل الإمام موسى بن جعفر الكاظم(عليه السلام):

لأيّ علّة عرج الله بنبيه(صلى الله عليه وآله) إلى السماء، ومنها إلى سِدرَة المنتهى، ومنها إلى حجب النور، وخاطبه وناجاه هناك، والله لا يوصف بمكان؟

فقال(عليه السلام): "إنّ الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان، ولا يجري عليه زمان، ولكنّه عزّ وجلّ أراد أن يشرّف به ملائكته وسكّان سماواته ويكرمهم بمشاهدته، ويريه من عجائب عظمته ما يخبر به بعد هبوطه، وليس ذلك على ما يقول المشبّهون، سبحان الله وتعالى عما يشركون"(2).

معنى وجود الله في كلّ مكان :

1 ـ قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): "هو في كلّ مكان، وليس هو في شيء من المكان بمحدود..."(3).

2 ـ قال الإمام علي(عليه السلام): "... هو في كلّ مكان بغير مماسة ولا مجاورة، يحيط علماً بما فيها، ولا يخلو شيء منها من تدبيره..."(4).

3 ـ قال الإمام علي(عليه السلام):

"لم يحلُل في الأشياء فيقال هو فيها كائن.

____________

1- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 28، ح 8 ، ص 172 ـ 173.

2- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 28، ح 5، ص 170.

3- المصدر السابق: باب 44، ح 1، ص 303.

4- الإرشاد، الشيخ المفيد: ج 1، باب: الخبر عن أميرالمؤمنين(عليه السلام)، فصل: في ذكر مختصر من قضائه(عليه السلام)في إمارة أبي بكر، ص 201.


الصفحة 117

ولم ينأ عنها فيقال هو عنها بائن

ولم يخل منها فيقال أينَ.

ولم يقرب منها بالالتزاق.

ولم يبعد عنها بالافتراق.

بل هو في الأشياء بلا كيفية(1).

4 ـ سئل الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): فهو [ عزّ وجلّ ] في كلّ مكان؟

أليس إذا كان في السماء كيف يكون في الأرض؟!

وإذا كان في الأرض كيف يكون في السماء؟!

فقال(عليه السلام): "إنّما وصفت المخلوق الذي إذا انتقل عن مكان، واشتغل به مكان، وخلا منه مكان، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه.

فأمّا الله العظيم الشأن المَلِك الديّان فلا يخلو منه مكان، ولا يشتغل به مكان، ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان"(2).

5 ـ عن محمّد بن نعمان قال: سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ: { وهو الله في السماوات وفي الأرض } [ الأنعام: 3 ]

قال(عليه السلام): "كذلك هو في كلّ مكان".

قلت: بذاته.

قال(عليه السلام): "ويحك! إنّ الأماكن أقدار، فإذا قلت: في مكان بذاته، لزمك أن تقول: في أقدار وغير ذلك، ولكن هو بائن من خلقه، محيط بما خلق علماً وقدرة وإحاطة وسلطاناً وملكاً... لا يبعد منه شيء، والأشياء له سواء علماً وقدرة وسلطاناً وملكاً

____________

1- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 2، ح 34، ص 77.

2- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 36، ح 3، ص248.


الصفحة 118

وإحاطة"(1).

____________

1- المصدر السابق: باب 9، ح 15، ص 128 ـ 129.


الصفحة 119

الصفحة 120

فهرس المطالب / تحميل الكتاب

فهرس المطالب

zip pdf