الصفحة 362

الله } يعني في ولاية أوليائه"(1).

8 ـ النفس :

النفس تعني ذات الشيء.

قال تعالى: { تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك } [ المائدة: 116 ]

أي: تعلم ما أغيّبه ولا أعلم ما تغيّبه(2).

أي: يحذّركم الله إيّاه من عقابه.

ويحتمل أن يكون المقصود من ذكره تعالى لنفسه:

أن يحذّر العباد من العقاب الذي يأتي من قبله ويصدر عن أمره لا العقاب الذي يصدر من غيره; لأنّ العقاب الذي يصدر مباشرة من الله تعالى يكون أبلغ تأثيراً وأشد ألماً(3).

9 ـ الروح :

الروح عبارة عن مخلوق اصطفاه الله ونسبه إلى نفسه تكريماً له كما نسب إلى نفسه بعض الأشياء المخلوقة، فقال: عبدي، جنّتي، ناري، سمائي وأرضي(4).

قال تعالى: { ونفخت فيه من روحي } [ الحجر: 29 ]

قال الإمام محمّد بن على الباقر(عليه السلام) حول هذه الآية: "روح اختاره الله واصطفاه وخلقه وأضافه إلى نفسه وفضّله على جميع الأرواح، فأمر فنفخ منه في آدم"(5).

وقال(عليه السلام) في حديث آخر أيضاً: "... وإنّما أضافه إلى نفسه; لأنّه اصطفاه على سائر الأرواح كما اصطفى بيتاً من البيوت، فقال: بيتي، وقال لرسول من الرسل: خليلي، وأشباه ذلك، وكلّ ذلك مخلوق مصنوع محدَث مربوب

____________

1- بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج 4، كتاب التوحيد، أبواب تأويل الآيات، باب 1.

2- انظر: الاعتقادات، الشيخ الصدوق: باب 1، ص 7.

3- انظر: حقائق التأويل، الشريف الرضي: المسألة السابعة، ص 78.

4- انظر: الاعتقادات، الشيخ الصدوق: باب 1، ص 5.

5- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 27، ح 1، ص 166.


الصفحة 363

مدبَّر"(1).

10 ـ المجيء والإتيان :

نسبة المجيء والاتيان إلى الله تكون بعد حذف شيء مضاف إلى الله تعالى، وهذا الحذف أمر متعارف في اللغة العربية.

قال تعالى: { وجاء ربك والملك صفاً صفاً } [ الفجر: 22 ]

أي : وجاء أمر ربّك(2) ، كما قال تعالى في آية أخرى: { يأتي أمر بك } [ النحل : 33 ]

وقال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) حول هذه الآية: "إنّ الله عزّ وجلّ لا يوصف بالمجيء والذهاب، تعالى عن الانتقال، إنّما يعني بذلك وجاء أمر ربّك ... "(3).

وقال تعالى: { هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة } [ البقرة: 210 ]

أي: أن يأتيهم عذاب الله(4)، أو يأتيهم وعده ووعيده(5).

11 ـ العرش :

قال تعالى: { الرحمن على العرش استوى } [ طه: 5 ]

ما هو عرش الله؟

قال الإمام علي(عليه السلام): "ليس العرش كهيئة السرير، ولكنّه شيء محدود، مخلوق، مدبّر، وربّك عزّ وجلّ مالكه... وأمر الملائكة بحمله، فهم يحملون العرش بما

____________

1- المصدر السابق: ح 3، ص 167.

2- انظر: الاعتقادات، الشيخ الصدوق: باب 1، ص 6.

3- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 19، ح 1، ص 158.

4- انظر: الاعتقادات، الشيخ الصدوق: باب 1، ص 6.

5- انظر: المنقذ من التقليد، سديدالدين الحمصي: ج 1، القول في نفي الشبيه عنه تعالى، ص 106.


الصفحة 364

أقدرهم عليه"(1).

متى خلق الله العرش؟

قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام): "إنّ الله تبارك وتعالى خلق العرش... قبل خلق السماوات والأرض"(2).

لماذا خلق الله العرش؟

قال الإمام علي(عليه السلام): "إنّ الله تعالى خلق العرش إظهاراً لقدرته، لا مكاناً لذاته"(3).

ويجد المتأمّل في الآيات القرآنية التي ورد فيها نسبة "العرش" إلى الله أنّه تعالى ذكر مسألة تدبير شؤون الخلق في العديد من هذه الآيات بعد ذكر استوائه على العرش.

قال تعالى: { إنّ ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثمّ استوى على العرش يدبّر الأمر } [ يونس: 3 ]

وقال تعالى: { الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش... يدبّر الأمر } [ الرعد: 2 ]

وقال تعالى: { الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثمّ استوى على العرش... يدبر الأمر من السماء إلى الأرض } [ السجدة: 4 ـ 5 ]

فنستنتج بأنّ العرش مخلوق جعله الله تعالى المنطلق لتدبير شؤون خلقه.

معنى استواء الله على العرش

الاستواء يعني استقرار شيء على شيء، كما أنّه كناية عن الاستيلاء والهيمنة والسيطرة والسيادة(4)، وبما أنّ الله تعالى منزّه عن الاستقرار المكاني فيلزم الأخذ بالمعنى المجازي.

____________

1- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 48، ح 3، ص 309.

2- المصدر السابق: باب 49، ح 2، ص 313.

3- الفرق بين الفرق، عبدالقاهر البغدادي: ص 200، نقلاً عن الإلهيات، جعفر السبحاني: 2 / 118.

4- انظر: مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني: مادة (سوا)، ص 439.


الصفحة 365

قال تعالى: { الرحمن على العرش استوى } [ طه: 5 ]

أي: الرحمن على العرش استولى وهيمن وسيطر عليه.(1) ليدبّر من خلال ذلك أمور خلقه.

أحاديث أهل البيت(عليهم السلام) حول استواء الله على العرش :

1 ـ قال الإمام علي(عليه السلام): "... لا أنّه عليه ككون الشيء على الشيء..."(2).

2 ـ قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام): "... لا يوصف بالكون على العرش لأنّه ليس بجسم، تعالى الله عن صفة خلقه علوّاً كبيراً..."(3).

3 ـ قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "من زعم هذا [ أي: من زعم أنّ الرب فوق العرش ] فقد صيّر الله محمولاً، ووصفه بصفة المخلوقين، ولزمه أنّ الشيء الذي يحمله أقوى منه..."(4).

4 ـ قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "... هو مستول على العرش، بائن من خلقه من غير أن يكون العرش حاملاً له، ولا أنّ العرش محلّ له... ونفينا أن يكون العرش... حاوياً له، وأن يكون عزّ وجلّ محتاجاً إلى مكان أو إلى شيء مما خلق، بل خلقه محتاجون إليه"(5).

5 ـ قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) حول قوله تعالى: { الرحمن على العرش استوى } : "استوى من كلّ شيء، فليس شيء أقرب إليه من شيء"(6).

____________

1- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 48، ذيل ح 9، ص 310 ـ 311.

غنية النزوع، ابن زهرة الحلبي: ج 2، الفصل الخامس، ص 48. المسلك في أصول الدين، المحقّق الحلّي: النظر الأوّل، المطلب الثالث، ص 63.

2- التوحيد، الشيخ الصدوق، باب 48، ح 3، ص 309.

3- المصدر السابق: باب 49، ح 2، ص 313.

4- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 49، ح 1، ص 312.

5- بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج 3، كتاب التوحيد، باب 3، ح 3، ص 29 ـ 30.

6- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 48، ح 1، ص 308.


الصفحة 366

12 ـ الكرسي :

المعنى الأوّل: الكرسي المنسوب إلى الله عبارة عن وعاء محيط بالسماوات والأرض.

قال تعالى: { وسع كرسيه السماوات والأرض } [ البقرة: 255 ]

أي: الكرسي مخلوق إلهي محيط بالسماوات والأرض.

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "خلق [ الله تعالى ] الكرسي فحشاه السماوات والأرض، والكرسي أكبر من كلّ شيء خلقه الله، ثمّ خلق العرش فجعله أكبر من الكرسي(1).

وعنه(عليه السلام) أيضاً: "كلّ شيء خلقه الله في جوف الكرسي ما خلا عرشه، فإنّه أعظم من أن يحيط به الكرسي"(2).

المعنى الثاني: الكرسي في اللغة العربية له معنيان:

أوّلاً: السرير

قال تعالى في قصّة سليمان: { والقينا على كرسيه جسداً } [ ص: 34 ]

ثانياً: العلم(3)، ولهذا يقال للصحيفة المتضمّنة للعلم المكتوب: كراسة(4)

قال تعالى: { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلاّ بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض } [ البقرة: 255 ]

سئل الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ: { وسع كرسيه السماوات والأرض } قال(عليه السلام): هو علمه(5).

13 ـ اللقاء :

اللقاء بشخص عظيم يعني الدخول تحت حكمه وقهره.

____________

1- الاحتجاج، الشيخ الطبرسي: ج 2، احتجاجات الإمام الصادق(عليه السلام)، رقم 223، ص 250.

2- المصدر السابق: ص 249.

3- انظر: لسان العرب، ابن منظور: ج 12، مادة (كرس)، ص 68.

4- انظر: جامع البيان، ابن جرير الطبري: ج 3، تفسير آية 255 من سورة البقرة، ذيل ح 4524، ص 15.

5- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 52، ح 1، ص 319.


الصفحة 367

قال تعالى: { إنّهم ملاقوا ربهم } [ البقرة: 46 ]

وقال تعالى: { يوم يلقونه } [ التوبة: 77 ]

فيحتمل في معنى اللقاء في هاتين الآيتين:

أوّلاً: إنّهم سيكونون يوم القيامة تحت حكم الله وقهره.

ثانياً: في الكلام حذف مضاف، أي: إنّهم ملاقوا جزاء ربّهم(1).

14 ـ القرب :

القرب بالنسبة إلى الله يعني القرب بالعلم والقدرة، ولا يمكن نسبة القرب المكاني والزماني إلى الله; لأنّه تعالى منزّه عن ذلك.

قال تعالى: { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } [ ق: 16 ]

أي: نحن أقرب إليه بالعلم والإحاطة والإشراف والسمع والبصر(2).

15 ـ الرضا والغضب :

قال تعالى: { رضي الله عنهم } [ المائدة: 119 ]

وقال تعالى: { غضب الله عليهم } [ الفتح: 6 ]

سبب تنزيه الله تعالى عن الرضا والغضب الانفعالي:

1 ـ سُئل الإمام الصادق(عليه السلام) عن الله تبارك وتعالى أله رضا وسخط؟ فقال(عليه السلام): نعم، وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين، وذلك أنّ الرضا والغضب دِخال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال، مُعتَمَل(3)، مركّب، للأشياء فيه مدخل، وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه، واحد، أحدي الذات وأحدي المعنى..."(4).

____________

1- انظر: اللوامع الإلهية، مقداد السيوري: اللامع الثامن، المرصد الأوّل، ص 178.

2- انظر: التبيان في تفسير القرآن، الشيخ محمّد بن الحسن الطوسي: ج9، تفسير آية 16 من سورة ق، ص364 .

3- معتمل يعني منفعل يتأثّر من الأشياء.

4- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 26، ح 3، ص 165.


الصفحة 368

2 ـ قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "... إنّه إذا دخله الضجر والغضب دخله التغيير، وإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة، ولو كان ذلك كذلك لم يعرف المكوِّن من المكوَّن، ولا القادر من المقدور، ولا الخالق من المخلوق، تعالى الله عن هذا القول علوّاً كبيراً"(1).

3 ـ قال الإمام محمّد بن علي الباقر(عليه السلام) حول غضب الله تعالى: "من زعم أنّ الله عزّ وجلّ زال من شيء إلى شيء فقد وصفه صفة مخلوق، إنّ الله عزّ وجلّ لا يستفزّه شيء ولا يغيّره"(2).

4 ـ قال الإمام علي(عليه السلام): "يحبّ ويرضى من غير رقّة، ويبغض ويغضب من غير مشقّة"(3).

المقصود من الرضا والغضب المنسوب إلى الله تعالى

1 ـ قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "... فرضاه ثوابه وسخطه عقابه من غير شيء يتداخله فيهيجه وينقله من حال إلى حال، فإنّ ذلك صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين، وهو تبارك وتعالى القويّ العزيز الذي لا حاجة به إلى شيء مما خلق، وخلقه جميعاً محتاجون إليه"(4).

2 ـ سئل الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): يابن رسول الله أخبرني عن الله عزّ وجلّ هل له رضا وسخط؟

فقال(عليه السلام): نعم، وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين، ولكنّ غضب الله عقابه، ورضاه ثوابه.

النتيجة :

صفة الرضا والغضب تتضمّن معنى التغيير والانفعال، وبما أنّ الله منزّه عن هذه المعاني، فيلزم أن يكون إطلاق هذه الصفات عليه تعالى من باب المجاز، وتكون

____________

1- المصدر السابق، ح 2، ص 164 ـ 165.

2- المصدر السابق: ح 1، ص 164.

3- نهج البلاغة، الشريف الرضي: خطبة 186، ص 367 ـ 368.

4- المصدر السابق: ح 3، ص 165.


الصفحة 369

هذه الصفات كناية عن ثوابه وعقابه.

تنبيه :

إذا تعلّق رضا الله وغضبه بالمكلَّف فالمقصود إثابة الله وعقابه. ولكنّ إذا تعلّق رضا الله وغضبه بأفعال العباد فالمقصود يكون الأمر والنهي.

فعندما نقول: إنّ الله يرضى الطاعة، فالمعنى: أنّه تعالى يأمر بها.

وعندما نقول: إنّ الله يغضب من المعصية، فالمعنى: أنّه تعالى ينهى عنها(1).

16 ـ السخرية والاستهزاء والمكر والخداع :

قال تعالى: { سخر الله منهم } [ التوبة: 79 ]

{ الله يستهزىء بهم } [ البقرة: 15 ]

{ ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين } [ آل عمران: 54 ]

{ يخادعون الله وهو خادعهم } [ النساء: 142 ]

قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام):

"إنّ الله تبارك وتعالى لا يسخر ولا يستهزىء ولا يمكر ولا يخادع، ولكنّه عزّ وجلّ يجازيهم جزاء السخرية، وجزاء الاستهزاء، وجزاء المكر والخديعة، تعالى الله عما يقول الظالمون علوّاً كبيراً"(2).

17 ـ النسيان :

نسيان الله لبعض العباد يعني إهماله تعالى لهم، وعدم الاهتمام بهم، وتركهم لشأنهم، فإذا فعل الله بهم ذلك فإنّهم سينسون أنفسهم، ويكون ذلك عقوبة من الله لهم إزاء نسيانهم لله تعالى.

قال تعالى: { نسوا الله فنسيهم } [ التوبة: 67 ]

____________

1- انظر: كنز الفوائد، أبو الفتح الكراجكي: ج 1، القول في الغضب والرضا، ص84 .

2- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 21، ح 1، ص 159.


الصفحة 370

قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) حول هذه الآية: "إنّ الله تبارك وتعالى لا ينسى ولا يسهو، وإنّما ينسى ويسهو المخلوق المحدَث، ألا تسمعه عزّ وجلّ يقول: { وما كان ربك نسيا } [ مريم: 64 ]

وإنّما يجازي من نسيه ونسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم، كما قال عزّ وجلّ: { ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون } [ الحشر: 19 ]

وقوله عزّ وجلّ: { فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا } [ الأعراف: 51 ].

أيّ نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا"(1).

وقال الإمام علي(عليه السلام): "أمّا قوله: { نسوا الله فنسيهم } إنّما يعني نسوا الله في دار الدنيا، لم يعملوا بطاعته، فنسيهم في الآخرة، أي: لم يجعل لهم في ثوابه شيئاً فصاروا منسيين من الخير"(2).

____________

1- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 16، ح 1، ص 155.

2- المصدر السابق، باب 36، ح 5، ص 253.


الصفحة 371

الصفحة 372

الفصل السادس عشر

أسماء اللّه تعالى

معنى وأقسام الاسم
   الهدف من وجود الأسماء لله تعالى
   أسماء الله الحسنى
   إحصاء أسماء الله تعالى
   خصائص أسماء الله تعالى
   توقيفية أسماء الله تعالى
   بيان أسماء الله ومعانيها


الصفحة 373

الصفحة 374

المبحث الأوّل

معنى وأقسام الاسم

معنى الاسم :

الاسم كلمة تدلّ على معنى تام غير مقيّد بزمان(1).

والأسماء: ألفاظ حاكية عن مسمّاها الخارجي(2).

أقسام الاسم :

يؤخذ الاسم من عدّة جهات، منها:

1 ـ يؤخذ من الذات بنفسها: كزيد وعمر، ومن قبيل لفظ الجلالة "الله".

2 ـ يؤخذ من جزء الذات: كالجسم للإنسان، وهذا القسم محال على الله تعالى; لأنّه ليس له جزء.

3 ـ يؤخذ من وصف الذات (الوصف الإيجابي): وهو الاسم الدال على الذات الموصوفة بصفة إيجابية معيّنة، كلفظ "العالم"، فإنّه اسم يدل على ذات متّصفة بالعلم.

4 ـ يؤخذ من وصف الذات (الوصف السلبي): وهو الاسم الذي يطلق على الذات باعتبار عدم اتّصافها بالصفة السلبية، كلفظ "القدّوس"، ومعناه الطاهر المنزّه عن كلّ عيب ونقص .

5 ـ يؤخذ من مبدأ الفعل (الوصف الفعلي): وهو الاسم الذي يطلق على الذات من حيث قيامها ببعض الأفعال، كالخالق والرازق.

____________

1- انظر: مبادىء العربية، رشيد الشرتوني: ج 2، باب الصرف، ص 31.

2- انظر: كنز الفوائد، أبو الفتح الكراجكي: ج 1، فصل في معرفة الاسم والصفة، ص 70. مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج الخامس، البحث الرابع عشر، ص 225.


الصفحة 375

تقسيم آخر للإسم :(1)

1 ـ اسم محض: الاسم الدال على الذات من غير ملاحظة صفة.

2 ـ اسم صفة: الاسم الدال على الذات باعتبار اتّصافها بصفة معيّنة.

الفرق بين الاسم والصفة :

1 ـ في خصوص وجود "ذات" و "صفة":

إذا نظرنا إلى الصفة بما هي صفة فسيطلق عليها عنوان "الصفة".

وإذا نظرنا إلى الذات من منطلق تلبّس الصفة بها فسيطلق عليها عنوان "الاسم"(2).

2 ـ "الصفة" تشير إلى معنىً تتلبّس به الذات.

"الاسم" يشير إلى الذات باعتبار تلبّسه بإحدى الصفات.

فالحياة والعلم صفتان، والحي والعالم اسمان(3).

3 ـ "الصفة" لا تكون محمولاً، فلا يقال: الله علم، الله خلق.

ولكن "الاسم" يكون محمولاً، فيقال: الله عالم، الله خالق.

____________

1- معجم الفروق اللغوية: أبو هلال العسكري: رقم 185، الفرق بين الاسم والتسمية ص 51.

وانظر: بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج 4، ب 1، ذيل ح 1، ص 155.

2- انظر: التوحيد، تقريراً لدروس السيّد كمال الحيدري، بقلم: جواد علي كسار: 1 / 112.

3- انظر: الميزان في تفسير القرآن، للسيّد محمّد حسين الطباطبائي: ج8 ، تفسير سورة الأعراف الآية 180 ـ 186، كلام في الأسماء الحسنى في فصول، الفصل الثاني: نسب الصفات والأسماء إلينا، ص 352.


الصفحة 376

المبحث الثاني

الهدف من وجود الاسماء لله تعالى

1 ـ ليعرفه ويدعوه بها.

قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) حول اختيار الله الأسماء لنفسه: ".. اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها; لأنّه إذا لم يدع باسمه لم يعرف..."(1).

2 ـ ليتوسّل بها إلى الله تعالى.

قال الإمام محمّد بن علي الجواد(عليه السلام): "... ثمّ خلقها (أي: خلق الله الأسماء لتكون) وسيلة بينه وبين خلقه يتضرّعون بها إليه ويعبدونه..."(2).

نماذج من التوسّل بأسماء الله تعالى :

1 ـ عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): "أسألك بكلّ اسم سمّيت به نفسك..."(3).

2 ـ عنه(صلى الله عليه وآله): "... وأسألك يا الله بحقّ هذه الأسماء الجليلة الرفيعة عندك العالية المنيعة التي اخترتها لنفسك واختصصتها لذكرك... وجعلتها دليلةً عليك وسبباً إليك"(4).

3 ـ قال الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) في دعاء المشلول: "اللّهم إنّي أسألك بكلّ اسم هو لك"(5).

4 ـ قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "أسألك بكلّ اسم مقدّس مطهّر

____________

1- الكافي، الشيخ الكليني: كتاب التوحيد، باب حدوث الأسماء، ح 2، ص 113.

2- المصدر السابق: باب معاني الأسماء واشتقاقها، ح 7، ص 116.

3- بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج 93، ب 13، ح 1، ص 267.

4- المصدر السابق: ج 94، ب 38، ح 17، ص 218.

5- الكافي، الشيخ الكليني: ج 4، كتاب الحج، باب دعاء الدم، ح1، ص 452.


الصفحة 377

مكنون اخترته لنفسك"(1).

____________

1- بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج 86 ، ب 67، ح 67، ص 316.


الصفحة 378

المبحث الثالث

أسماء الله الحسنى

قال تعالى: { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } [ الأعراف: 180 ]

المقصود من الأسماء الحسنى في هذه الآية :

1 ـ إنّ الألف واللام في الأسماء الحسنى ليست للعهد ليكون المقصود منها الإشارة إلى الأسماء الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة، بل الألف واللام هنا للاستغراق وإفادة العموم.

2 ـ تقديم "الله" في هذه الآية يفيد الحصر.

أي: إنّه تعالى هو المتفرّد في امتلاك أسمى مراتب الكمال بحيث أوجب له ذلك الاتّصاف بالأسماء الحسنى.

وأمّا غيره فليس له من الكمال إلاّ بمقدار ما يعطيه الله أو يتيح له مجال كسب ذلك.


الصفحة 379

المبحث الرابع

احصاء أسماء الله تعالى

ورد عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليهما السلام) عن آبائه عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّ لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسماً مائة إلاّ واحداً، من أحصاها دخل الجنّة، وهي:

الله، الإله، الواحد، الأحد، الصمد، الأوّل، الآخر، السميع، البصير، القدير، القاهر، العليّ، الأعلى، الباقي، البديع، البارىء، الأكرم، الظاهر، الباطن، الحيّ، الحكيم، العليم، الحليم، الحفيظ، الحقّ، الحسيب، الحميد، الحفيّ، الربّ، الرحمن، الرحيم، الذارىء، الرازق، الرقيب، الرؤوف، الرائي، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبّار، المتكبّر، السيّد، السبّوح، الشهيد، الصادق، الصانع، الطاهر، العدل، العفوّ، الغفور، الغنيّ، الغياث، الفاطر، الفرد، الفتّاح، الفالق، القديم، الملك، القدّوس، القوي، القريب، القيّوم، القابض، الباسط، قاضي الحاجات، المجيد، المَولى، المنّان، المحيط، المبين، المقيت، المصوّر الكريم، الكبير، الكافي، كاشف الضرّ، الوِتر، النور، الوهّاب، الناصر، الوَدود، الهادي، الوفيّ، الوكيل، الوارث، البَرّ، الباعث، التوّاب، الجليل، الجواد، الخبير، الخالق، خير الناصرين، الديّان، الشكور، العظيم، اللطيف، الشافي(1)(2).

معنى إحصاء أسماء الله تعالى :

1 ـ قال الشيخ الصدوق: "إحصاؤها هو الإحاطة بها والوقوف على معانيها،

____________

1- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ح 8 ، ص 189.

2- أسماء الله تعالى أزيد من تسعة وتسعين، ويعود سبب اقتصار هذا الحديث على هذا العدد لامتياز الأسماء المذكورة في هذا الحديث عن غيرها في امتلاكها خاصية دخول الجنّة لمحصيها.

انظر: علم اليقين، محسن الكاشاني: ج 1، المقصد الأوّل، الباب السادس، الفصل الثاني، ص 100. وجاء في الدعاء المشهور بدعاء الجوشن الوارد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)ألف اسم من أسماء الله الحسنى.


الصفحة 380

وليس معنى الإحصاء عدّها"(1).

2 ـ معرفة معاني الأسماء على سبيل المشاهدة القلبية، والوصول إلى مرتبة اليقين من معرفتها عن طريق رؤية حقائقها بوضوح، ولا يتمّ ذلك إلاّ بعد تهذيب النفس من الشوائب وتطهير القلب من الأدران.

3 ـ التخلّق بما يصح التخلّق به من هذه الأسماء الإلهية والتحلّي بمحاسنها. ولهذا قال(عليه السلام): "تخلّقوا بأخلاق الله"(2).

تنبيه :

التخلّق بأخلاق الله لا يعني وجود مشابهة بين العبد وربّه; لأنّه تعالى ليس كمثله شيء، وإنّما يكون التشابه في مظاهر الصفات لا حقيقتها.

4 ـ الإحصاء يعني الإطاقة، قال تعالى: { علم أن لن تحصوه } [ المزمل: 20 ]، أي: لن تطيقوه، فعبارة "من أحصى أسماء الله دخل الجنة، تعني: من أطاق وتحمّل التحلّي والاتّصاف بها قدر وسعه دخل الجنّة(3).

____________

1- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ذيل ح 9، ص 190.

2- بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج 61، ب 42، ص 129.

3- ذهب السيّد فضل الله الراوندي في شرح الشهاب إلى هذا القول، نقلاً عن علم اليقين في أصول الدين: للشيخ المولى محسن الكاشاني، ج 1، المقصد الأوّل: في العلم بالله، الباب السادس، في الأسماء الحسنى، فصل 3، ص 102.


الصفحة 381

المبحث الخامس

خصائص أسماء الله تعالى

1 ـ أسماء الله كلّها توصيفية.

أ ي: جعلها الله تعالى لوصف نفسه.

قال الإمام محمّد بن علي الباقر(عليه السلام): "إنّ الأسماء صفات وصف [ الله تعالى ]بها نفسه"(1).

سئل الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) عن الاسم [ الذي يطلق على الله تعالى ]ما هو؟ فقال(عليه السلام): "صفة لموصوف"(2).

2 ـ يدل كلّ واحد من الأسماء الإلهية على الذات الإلهية من ناحية اتّصافها بصفة معيّنة.

مثلاً: "القادر" يدل على الذات الإلهية من ناحية اتّصافها بالقدرة.

3 ـ تعبّر أسماء الله كلّها عن الذات الإلهية في مقام التمجيد والتعظيم والتكبير والتحميد أو التقديس والتسبيح والتنزيه والتهليل.

4 ـ نطاق بعض الأسماء الإلهية أوسع من البعض الآخر.

مثلاً: اسم "العالم" ـ حسب إحدى الأقوال ـ اسم واسع تنطوي تحته عدّة أسماء أخرى، منها: السميع، البصير، الشهيد، الخبير ونحو ذلك.

5 ـ أسماء الله ليست مترادفة، بل لكلّ اسم معنى يغاير الاسم الآخر ولو باشتماله

____________

1- الكافي، الشيخ الكليني: كتاب التوحيد، باب المعبود، ح 3، ص 87 ـ 88 .

2- المصدر السابق: باب حدوث الأسماء، ح 3، ص 113.


الصفحة 382

على زيادة دلالة لا يدل عليه الآخر(1).

6 ـ ليس المقصود من معنى أسماء الله ما يجري على المخلوقين، بل المقصود المعنى اللائق به تعالى.

7 ـ يكون إطلاق أسمائه تعالى على غيره من باب الاشتراك اللفظي فقط، ولهذا فحقيقة معاني أسماء الله تعالى لا تشبه شيئاً من حقيقة معاني أسماء ما سواه.

8 ـ يستحيل أن يكون لله اسم دال على جزء معناه; لأنّه تعالى غير مركّب، فلا جزء له.

9 ـ يجب تنزيه أسماء الله إضافة إلى تنزيه ذاته تعالى، قال تعالى: { سبح اسم ربّك الأعلى } [ الأعلى: 1 ] وقال عزّ وجلّ: { تبارك اسم ربّك ذى الجلال والإكرام } [ الرحمن: 78 ].

10 ـ الاسم غير المسمّى .

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "الاسم غير المسمّى ، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئاً، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك وعبد اثنين، ومن عبد المعنى دون الاسم فذلك التوحيد"(2).

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "... الله يسمّى بأسماء، وهو غير أسمائه والأسماء غيره"(3) .

قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام): "... لو كان الاسم هو المسمّى، لكان كلّ اسم منها إلهاً، ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء وكلّها غيره"(4).

11 ـ أسماء الله تعالى حادثة ومخلوقة.

قال الإمام محمّد بن علي الجواد حول أسماء وصفات الله: "الأسماء والصفات مخلوقات"(5).

____________

1- علم اليقين، محسن الكاشاني: ج 1، المقصد الأوّل، الباب السادس، الفصل الثاني، ص 101.

2- الكافي، الشيخ الكليني: كتاب التوحيد، باب معاني الأسماء واشتقاقها، ح 2، ص 114.

3- الكافي، الشيخ الكليني: ج1، كتاب التوحيد، باب حدوث الأسماء، ح1، ص113 ـ 114 .

4- بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج 4، ح 2، ص 157.

5- الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، كتاب التوحيد، باب معاني الأسماء واشتقاقها، ح 7، ص 116.


الصفحة 383

ولهذا نستنتج بأنّ الله لم يكن له اسم في الأزل، وإنّما خلق الأسماء في رتبة متأخّرة ليعرفه العباد ويدعوه بها.

ولا محذور أن لا يكون لله اسم في الأزل; لأنّ الاسم غير المسمّى، وفقدان الاسم لا يلازم فقدان المسمّى.

12 ـ المقصود من قوله تعالى في خطابه للمشركين { ما تعبدون من دونه إلاّ أسماء سمّيتموها أنتم وآباؤكم } [ يوسف: 40 ] أنّهم عبدوا أسماء بلا مسمّيات.

أي: أنّهم عبدوا ذوات سمّوها آلهة وهي في الواقع ليست آلهة، كما يُقال لمن سمّى نفسه باسم السلطان: إنّه ليس له من السلطنة إلاّ الاسم.


الصفحة 384

المبحث السادس

توقيفية أسماء الله تعالى(1)

قال الشيخ الصدوق: "أسماء الله تبارك وتعالى لا تؤخذ إلاّ عنه أو عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)أو عن الأئمة الهداة(عليهم السلام)"(2).

قال الشيخ المفيد، "لا يجوز تسمية الباري تعالى إلاّ بما سمّى به نفسه في كتابه أو على لسان نبيه(صلى الله عليه وآله) أو سمّاه به حججه من خلفاء نبيّه، وكذلك أقول في الصفات، وبهذا تطابقت الأخبار عن آل محمّد(عليهم السلام)، وهو مذهب جماعة الإمامية".(3)(4)

____________

1- المقصود من توقيفية أسماء الله تعالى عدم جواز تسمية الله تعالى إلاّ بما سمّى به نفسه في القرآن أو السنة.

2- التوحيد الشيخ الصدوق: باب 42، ذيل ح 6، ص 293.

3- أوائل المقالات، الشيخ المفيد: رقم 19، القول في الصفات، ص 53.

4- رأي الأشاعرة حول توقيفية أسماء الله تعالى:

أسماء الله تعالى توقيفية، والمرجع في تحديد أسماء الله هو الشرع الإلهي دون غيره، ولابدّ من الاستناد في تسمية الله إلى إذن الشارع.

انظر: كتاب المواقف، الإيجي، بشرح الشريف الجرجاني: ج 3، الموقف الخامس، المرصد السابع، المقصد الثالث، ص 306.

وانظر: في علم الكلام، الأشاعرة، أحمد محمود صبحي: الفصل الأوّل: أبو الحسن الأشعري، ص 39.

ورأي المعتزلة حول توقيفية أسماء الله تعالى:

أسماء الله ليست توقيفية، ولا يشترط إذن الشارع في تسمية الله، ويجوز تسميته تعالى بالوصف الذي يصح معناه، ويدل الدليل العقلي على اتّصافه به تعالى، ولكن بشرط أن لا يوهم هذا الاسم نقصاً أو أمراً لا يليق بالله تعالى.

انظر: شرح المقاصد، سعدالدين التفتازاني: ج 4، الفصل السابع، ص 343 ـ 344.

وذهب بعض الأشاعرة أيضاً إلى هذا القول، منهم: القاضي أبو بكر الباقلاني.

انظر: الباقلاني وآراؤه الكلامية: محمّد رمضان عبد الله ، 519 .


الصفحة 385

أحاديث أهل البيت(عليهم السلام) حول توقيفية أسماء الله تعالى

1 ـ قال الإمام موسى بن جعفر الكاظم(عليه السلام): "إنّ الله أعلى وأجلّ وأعظم من أن يبلغ كنه صفته، فصفوه بما وصف به نفسه، وكفّوا عمّا سوى ذلك"(1).

2 ـ قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام): "... إنّ الخالق لا يوصف إلاّ بما وصف به نفسه، وأنّى يوصف الذي تعجز الحواس أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحدّه، والأبصار عن الإحاطة به، جلّ عمّا وصفه الواصفون، وتعالى عمّا ينعته الناعتون..."(2).

3 ـ قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) لمن حاوره حول أسماء الله تعالى: "... ليس لك أن تسمّيه بما لم يسمّ به نفسه..."(3).

مشروعية تسمية الله تعالى بـ "واجب الوجود" :

1 ـ قال المحدّث الكاشاني في الوافي: "وأمّا الألفاظ الكمالية فإن لم يرد فيها من جهة الشرع إذن بالتسمية كواجب الوجود، فذلك إنّما يجوز إطلاقه عليه سبحانه توصيفاً لا تسمية"(4).

2 ـ قال السيّد الطباطبائي في تفسير الميزان: "الاحتياط في الدين يقتضي الاقتصار في التسمية بما ورد من طريق السمع، وأمّا مجرّد الإجراء والإطلاق من دون تسمية فالأمر فيه سهل"(5).

3 ـ ذهب الشيخ جعفر السبحاني إلى أنّ العقل يحكم ببعض الحقائق المرتبطة

____________

1- الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، كتاب التوحيد، باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالى، ح 6، ص 102.

2- بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج 4، ب 4، ح 21، ص 290.

3- عيون أخبار الرضا، الشيخ الصدوق: ج 1، باب 13، باب في ذكر مجلس الرضا(عليه السلام) مع سليمان المروزي، ص 167.

4- كتاب الوافي، الفيض الكاشاني: ج 1، أبواب معرفة مخلوقاته وأفعاله تعالى، باب العرش والكرسي، ص110.

5- الميزان في تفسير القرآن، العلاّمة الطباطبائي: ج 8 ، تفسير سورة الأعراف، الآية 180 ـ 186، ص359.


الصفحة 386

بالله تعالى، ولكن تسميته تعالى بتلك الحقائق لا يجتمع مع القول بتوقيفية أسمائه وصفاته، ثمّ قال: "وإنّ الحقيقة شيء والتسمية شيء آخر"(1).

تنبيه :

السيرة الجارية بين المؤمنين قراءة الأدعية المأثورة وإن لم تثبت صحّة أسانيدها.

ولم يقل مرجع تقليد بحرمة قراءة الأدعية المشتملة على أسماء الله فيما لو لم يثبت صحّة صدورها من الشرع.

وهذا ما يثبت عدم بلوغ النهي الوارد في الأحاديث حول تسمية الله تعالى حدّ الحرمة.

____________

1- الإلهيات على هدى الكتاب والسنة والعقل، محاضرات الشيخ جعفر السبحاني، بقلم: الشيخ حسن محمّد مكي العاملي: ج 2، الصفات السلبية (4 ) لا يقوم اللذة والألم بذاته، ص 124.


الصفحة 387

المبحث السابع

بيان أسماء الله ومعانيها

1 ـ الآخر :

قال تعالى: { هو الأوّل والآخر } [ الحديد: 3 ]

الآخر: الذي لا نهاية له، والله تعالى "آخر بغير انتهاء"(1).

قال الإمام علي(عليه السلام): "... الآخر الذي ليس له بعد فيكون شيء بعده"(2).

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "الآخر لا عن نهاية كما يعقل من صفة المخلوقين"(3).

قال الإمام موسى بن جعفر الكاظم(عليه السلام): "... الآخر الذي لا شيء بعده"(4).

2 ـ الأحد

قال تعالى: { قل هو الله أحد } [ الإخلاص: 1 ]

معاني الأحد:

1 ـ الذي لا يتجزّأ ولا ينقسم في ذاته وصفاته(5).

2 ـ لا نظير ولا شبيه له فيما يوصف به(6).

3 ـ لا يشاركه في معنى الوحدانية غيره(7).

____________

1- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 192.

2- نهج البلاغة، الشريف الرضي: خطبة 91، ص 148.

3- الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، كتاب التوحيد، باب معاني الأسماء واشتقاقها، ح 6، ص 116.

4- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 2، ح 32، ص 74.

5- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 190.

مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ج 10، تفسير آية (1 ) من سورة الإخلاص، ص 860 .

6- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 190.

7- انظر: المصدر السابق.


الصفحة 388

تنبيه :

"الأحد" لفظ لا يكون وصفاً إلاّ لله، ولا يصح نسبة هذا الوصف إلى غيره تعالى.

3 ـ الأعلى

قال تعالى: { سبح اسم ربك الأعلى } [ الأعلى: 1 ]

الأعلى من العلو، والعلو يعني السمو والارتفاع.

معاني الأعلى :

1 ـ القاهر والغالب والمستولي.

2 ـ المتعالى عن الأشباه والأنداد، كما قال تعالى: { تعالى عما يشركون } [ يونس: 18 ](1)

4 ـ الأكرم

قال تعالى: { اقرأ وربك الأكرم } [ العلق: 3 ]

الأكرم مأخوذ من الكرم، وللكرم معنيان:

1 ـ الإحسان والإنعام.

فيكون معنى الأكرم: الأكثر والأعظم، والذي يفوق عطاؤه ما سواه، وما من نعمة إلاّ تنتهي إليه تعالى(2).

2 ـ الأشرف .

فيكون معنى الأكرم: الأكمل في الشرف ذاتاً وفعلاً(3).

5 ـ الإ له

قال تعالى: { والهكم إله واحد لا إله إلاّ هو الرحمن الرحيم } [ البقرة: 163 ]

____________

1- انظر: المصدر السابق: باب 29، ص 193.

2- انظر: مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ج 10، تفسير آية 3 من سورة العلق، ص 781.

3- مفاهيم القرآن، جعفر السبحاني: 6 / 132.


الصفحة 389

معاني الإ له :

1 ـ المعبود أو المستحق للعبادة(1).

قال تعالى: { الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر } [ الحجر: 96 ]

أي: يجعلون مع الله معبوداً آخر.

قال تعالى: { أرأيت من اتخذ إلهه هواه } [ الفرقان: 43 ]

أي: مَن يعبد هوى نفسه .

2 ـ المتصرّف المدبّر الذي بيده أزمّة أمور الخلق.

دليل هذا المعنى:

قال تعالى: { لو كان فيهما آلهه إلاّ الله لفسدتا } [ الأنبياء: 22 ]

و "البرهان على نفي تعدّد الآلهة لا يتمّ إلاّ إذا جعلنا "الإله" في الآية بمعنى المتصرّف المدبّر، أو من بيده أزمّة الأمور... ولو جعلنا "الإله" بمعنى المعبود لانتقض البرهان، لبداهة تعدّد المعبود في هذا العالم مع عدم الفساد في النظام الكوني"(2).

تنبيه :

إذا قلنا بأنّ "الإله" في هذه الآية يعني "المعبود"، فسيلزمنا تقدير كلمة "بالحق" بعد كلمة "آلهة"، فيكون قوله تعالى: { لو كان فيهما آلهة إلاّ اللّه لفسدتا } [ الأنبياء: 22 ]

____________

1- إذا قلنا بأنّ "الإله" يعني "المعبود" فستكون صفة "الإله" من صفات الله الفعلية; لأنّه تعالى كان ولم يكن معه مخلوق يعبده.

وإذا قلنا بأنّ "الإله" يعني "المستحق للعبادة" فستكون صفة "الإله" من صفات الله الذاتية; لأنّها ستعود إلى صفة القدرة، والقدرة من صفات الله الذاتية، ويكون معناه: أنّه تعالى قادر على ما إذا فعله استحق به العبادة.

انظر: مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ج 1، تفسير الآية الأولى من سورة الفاتحة، ص 93.

2- الأسماء الثلاثة الإله والرب والعبادة، جعفر سبحاني: 12.


الصفحة 390

بمعنى: لو كان فيهما معبودات بالحقّ إلاّ الله لفسدتا; لأنّ المعبود بالحق هو المتصرّف والمدبّر في الكون فيلزم من تعدّده فساد العالم.

ولكننا إذا قلنا بأنّ الإله يعني "المتصرّف والمدبّر" فلا نحتاج بعدها إلى تقدير شيء في هذه الآية.

3 ـ الإله مأخوذ من "أله" بمعنى "فزع"، ويقال: أله الرجل، يأله إليه.

أي: فزع إليه من أمر نزل به، وألِهَهُ، أي: أجاره(1).

6 ـ الله

قال تعالى: { بسم الله الرحمن الرحيم } [ الفاتحة: 1 ]

{ الله لا إله إلاّ هو الحي القيّوم } [ البقرة: 255 ]

إنّ لفظ "الله" اسم علم لذاته تعالى.

دليل ذلك:

1 ـ لا يثنّى ولا يجمع هذا الاسم، بل يستعمل دائماً بصورة مفردة.

2 ـ لا يصح حذف الألف واللام منه، كما يجوز في الرحمن والرحيم.

3 ـ يدخل عليه حرف النداء، فنقول: يا الله، وحروف النداء لا تجتمع مع الألف ولام التعريف، ولهذا لا نقول: يا الرحمن ويا الرحيم، كما نقول: يا الله، وهذا دليل على أنّ الألف واللام من بنية الاسم.

4 ـ لا يضاف إلى أيّ اسم آخر، بل تضاف إليه جميع الأسماء الحسنى.

اسم "الله" مشتق أو غير مشتق(2)؟

الرأي الأوّل :

اسم "الله" غير مشتق من مادة أخرى.

وإنّما يطلق هذا الاسم ارتجالاً على الذات الإلهية الجامعة لجميع صفات الكمال

____________

1- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 190.

2- الاسم المشتق هو ما أُخذ من لفظ الفعل.

الاسم غير المشتق (الجامد) هو ما كان مأخوذاً من لفظ الفعل.

مبادىء العربية، رشيد الشرتوني: ج 1، تقسيم الاسم، ص 32.


الصفحة 391

المنزّهة عن جميع صفات النقصان(1).

الرأي الثاني :

اسم "الله" مشتق.

وقد وقع الاختلاف في المعنى المشتق منه، وأهمّ الأقوال الواردة في هذا المجال:

أوّلاً: اسم "الله" مشتق من "الإله" بمعنى "المعبود".

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "الله مشتق من إله"(2).

ثانياً: اسم "الله" مشتق من "الوله" بمعنى "التحيّر".

قال الإمام محمّد بن علي الباقر(عليه السلام): "الله معناه المعبود الذي ألهِ الخلق عن درك ماهيته والإحاطة بكيفيته، ويقول العرب: ألِه الرجل إذا تحيّر في الشيء فلم يُحِط به علماً..."(3).

ثالثاً: اسم "الله" مشتق من "ألهتُ إلى فلان" أي: فزعت إليه; لأنّ الخلق يألهون إليه تعالى، أي: يفزعون إليه في حوائجهم.

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "الله هو الذي يتألّه إليه عند الحوائج والشدائد كلّ مخلوق عند انقطاع الرجاء من كلّ من هو دونه، وتقطّع الأسباب من جميع ما سواه"(4).

رابعاً: اسم "الله" مشتق من "ألهت إليه" بمعنى سكنت إليه; لأنّ الخلق يسكنون إلى ذكره(5).

خامساً: اسم "الله" مشتق من "لاه" بمعنى "احتجب"; لأنّه تعالى احتجب عن حواس وأوهام الخلق.

____________

1- انظر: علم اليقين، محسن الكاشاني: 1 / 106.

2- الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، باب المعبود، ح 2، ص 87 .

3- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 4، ح 2، ص 87 .

4- المصدر السابق: ب 31، ح 5، ص 225.

5- انظر: بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج 3، كتاب التوحيد، باب 6، ذيل ح 14، ص 226.


الصفحة 392

قال الإمام محمّد بن علي الباقر(عليه السلام): "... الإله هو المستور عن حواس الخلق"(1).

سادساً: اسم "الله" مشتق من "الوله" بمعنى "المحبّة الشديدة".

سابعاً: اسم "الله" مشتق من "لاه" بمعنى ارتفع، والله تعالى هو الذي لا أرفع قدراً منه عزّ وجلّ.

ثامناً: اسم "الله" مشتق من "ألهتُ بالمكان" بمعنى "أقمتُ فيه"، واستحق الله تعالى هذا الاسم لدوام وجوده.

7 ـ الأوّل

قال تعالى: { هو الأوّل والآخر } [ الحديد: 3 ]

إنّ الله تعالى هو الأوّل في ترتيب الوجود، ومعنى ذلك أنّ الموجودات كلّها استفادت وجودها من الله، ولكنّه تعالى موجود بذاته، ولم يستفد الوجود من غيره، فلهذا يكون الله الأوّل والسابق على جميع الموجودات(2).

قال الإمام علي(عليه السلام): "كان ربّي قبل القبل بلا قبل، وبعد البعد بلا بعد"(3).

وقال(عليه السلام) أيضاً: "الأوّل الذي لم يكن له قبل فيكون شيء قبله"(4).

وقال(عليه السلام) أيضاً: "الأوّل الذي لا غاية له فينتهي، ولا آخر له فينقضي"(5).

قال الإمام الصادق(عليه السلام): "الأوّل لا عن أوّل قبله"(6).

8 ـ البادي

قال تعالى: { وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده } [ الروم: 27 ]

والله هو البادي، أي: هو الذي ابتدأ الأشياء مخترعاً لها عن غير أصل(7).

____________

1- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 4، ح 2، ص 87 .

2- انظر: علم اليقين، محسن الكاشاني: 1 / 141.

3- الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، كتاب التوحيد، باب الكون والمكان، ح 5، ص 90.

4- نهج البلاغة، الشريف الرضي: خطبة 91، ص 148.

5- المصدر السابق: خطبة 94، ص 175.

6- الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، كتاب التوحيد، باب معاني الأسماء واشتقاقها، ح 6، ص 116.

7- انظر: الأسماء والصفات، البيهقي: 1 / 61.


الصفحة 393

9 ـ البارئ

قال تعالى: { هو الله الخالق البارئ المصوّر له الأسماء الحسنى } [ الحشر:24 ]

البارئ: معناه الخالق لا عن مثال، أي: موجد الشيء لا من شيء ومبدعه إبداعاً تامّاً(1).

10 ـ الباسط

قال تعالى: { والله يقبض ويبسط } [ البقرة: 245 ]

الباسط: معناه المنعم والمتفضّل الذي يبسط ويوسّع وينشر نعمه وفضله وإحسانه على العباد(2).

11 ـ الباطن

قال تعالى: { هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن } [ الحديد: 3 ]

معاني الباطن:

1 ـ إنّ الله تعالى باطن بحيث تعجز "الحواس" و "الأوهام" عن معرفته، ويكون "العقل" هو السبيل لمعرفة الله عن طريق الاستدلال بآثاره وأفعاله تعالى(3).

2 ـ إنّ الله تعالى باطن بحيث تعجز "العقول" عن معرفة كنه ذاته وحقيقته تعالى; لأنّ العقل محدود، والله غير محدود، ولهذا لا يستطيع العقل أن يعرف الله عن طريق ذاته عزّ وجلّ، وإنّما يعرفه عن طريق آثاره وأفعاله تعالى.

3 ـ إنّ الله تعالى باطن، أي: خبير بصير بكلّ شيء وأقرب إلى كلّ شيء من نفسه، وهو المطّلع على ما بطن من الغيوب، والمحيط بالعباد، والخبير بما يسرّون ويعلنون، والعالم بسرائرهم وما يكتمون(4).

____________

1- انظر: لسان العرب، ابن منظور: ج 1، مادة (برأ)، ص 354.

2- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 205.

3- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 195.

علم اليقين: محسن الكاشاني: 1 / 142.

4- انظر: الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، كتاب التوحيد، باب آخر من الباب الأوّل، ح 2، ص 122. التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 195.


الصفحة 394

4 ـ قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام): "... وأمّا الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء بأن يغور فيها، ولكن ذلك منه على استبطانه للأشياء علماً وحفظاً وتدبيراً، كقول القائل: أبطنته، يعني خبرته، وعلمت مكتوم سرّه..."(1).

12 ـ الباعث

قال تعالى: { ولقد بعثنا في كلّ أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت }[ النحل: 36 ]

وقال تعالى: { إنّ الله يبعث من في القبور } [ الحج: 7 ]

"الباعث" مأخوذ من "البعث" بمعنى: إثارة الساكن وتغيير حاله.

والله تعالى "باعث"; لأنّه:

1 ـ باعث الرسل بالأحكام والشرائع.

2 ـ باعث من في القبور; لأنّه تعالى سيحيي الخلق يوم النشور، ويبعث من في القبور ويحشرهم للحساب(2).

13 ـ الباقي

قال تعالى: { والله خير وأبقى } [ طه: 73 ]

{ كلّ من عليها فان * ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام} [ الرحمن:26ـ27 ]

الباقي يعني: الكائن بغير فناء(3)، أي: الكائن الذي لا يفنى، ولا يلحقه العدم، ولا نهاية له، والله تعالى واجب الوجود بذاته.

فإذا أضيف في الذهن إلى الماضي سمّي "قديماً".

وإذا أضيف في الذهن إلى المستقبل سمّي "باقياً".

____________

1- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ح 2، ص 184.

2- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 209.

3- انظر: المصدر السابق: باب 29، ص 193.


الصفحة 395

والباقي هو الذي لا ينتهي تقدير وجوده في المستقبل أبداً، ويعبّر عنه أيضاً بـ "الأبدي"(1).

تنبيه :

إنّ الله تعالى باق لذاته، ولا يصح القول بأنّه باق بالبقاء.

لأنّه تعالى لو احتاج في بقائه إلى غيره كان ممكناً، ولكنه تعالى منزّه عن الاحتياج(2).

14 ـ البديع

قال تعالى: { بديع السماوات والأرض } [ البقرة: 117 ] ، [ الأنعام: 101 ]

"الإبداع إنشاء صنعه بلا احتذاء واقتداء... وإذا استعمل في الله فهو [ بمعنى ]إيجاد الشيء من غير آلة ولا مادّة ولا زمان ولا مكان، وليس ذلك إلاّ لله"(3).

إذن، مبدع السماوات والأرض يعني موجدهما لا من شيء ولا على مثال سابق.

15 ـ البَر

قال تعالى: { إنّه هو البرّ الرحيم } [ الطور: 28 ]

البَر (بفتح الباء) يعني: فاعل البِر (بكسر الباء).

معاني البَر:

1 ـ الصادق.(4) 2 ـ المحسن.(5) 3 ـ العطوف.(6) 4 ـ المثيب.(7) 5 ـ اللطيف مع

____________

1- انظر: علم اليقين، محسن الكاشاني: 1 / 148.

2- انظر: كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الثاني، المسألة السابعة، ص 404.

3- مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني: مادة (بدع) ص 110 ـ 111.

4- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 209.

5- انظر: علم اليقين، محسن الكاشاني: 1 / 143.

6- القواعد والفوائد، محمّد بن مكّي العاملي: ج 1، قاعدة 211، ص 173.

7- انظر: مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني: مادة (برَّ)، ص 114.


الصفحة 396

عظم الشأن(1).

16 ـ البصير

قال تعالى: { والله بما تعملون بصير } [ الحديد: 4 ]

{ وهو السميع البصير } [ الشورى: 11 ]

معاني البصير

1 ـ العالم بالمبصرات(2).

2 ـ إنّه تعالى على صفة يدرك المبصرات إذا وجدت.(3)(4)

17 ـ التوّاب

قال تعالى: { إنّ الله هو التواب الرحيم } [ التوبة: 104 ]

{ إلا الذين تابوا واصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم } [ البقرة: 106 ]

التوّاب صيغة مبالغة للتائب.

والتوبة في المصطلح اللغوي تعني: "الرجوع".

ويُقال: تاب العبد، أي: رجع العبد إلى الله عن طريق الندم والطاعة.

ويُقال: تاب الله على العبد، أي: رجع عليه بالقبول والغفران.

ومعنى التوّاب بالنسبة إلى الله: إنّه يقبل التوبة من العباد ويغفر سيّئاتهم(5).

18 ـ الجامع

قال تعالى: { ربّنا أنّك جامع الناس ليوم لا ريب فيه } [ آل عمران: 9 ]

معاني الجامع:

1 ـ المؤلّف بين الأجزاء المتباعدة والأمور المتفرّقة والأشياء المتماثلة أو

____________

1- انظر: مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ج 9، تفسير آية 28 من سورة الطور، ص 252.

2- انظر: النكت الاعتقادية، الشيخ المفيد: الفصل الأوّل، ص 24.

3- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 192.

4- للمزيد راجع في هذا الكتاب: الفصل العاشر: سمع الله تعالى وبصره.

5- انظر: لسان العرب، ابن منظور: ج 2، مادة (توب)، ص 61.


الصفحة 397

المتباينة أو المتضادّة(1).

2 ـ الجامع لكلّ الفضائل والمكارم والمآثر(2).

3 ـ الذي يجمع الناس ليوم القيامة، كما يستفاد من الآية المذكورة أعلاه.

19 ـ الجبّار

قال تعالى: { هو الله الذي لا إله إلاّ هو الملك... الجبار... } [ الحشر: 23 ]

معاني الجبّار في اللغة:

1 ـ العظمة والقوّة والعزّة.

2 ـ الإجبار والإكراه والقهر.

3 ـ الإغناء من الفقر(3).

معاني "الجبّار" المنسوب إلى الله تعالى:

1 ـ القاهر الذي له الجبروت والعظمة(4).

2 ـ العالي الذي لا شيء فوقه; لأنّ الجبر جنس من العلو(5).

وقيل بأنّ اسم "الجبّار" في حقّ الله يفيد أنّه تعالى بحيث لا تناله الأفكار، ولا تحيط به الأبصار ولا تصل إلى كنه معرفته العقول.

3 ـ الجبّار صيغة مبالغة للجابر، والجابر مأخوذ من الجبر، وهو في الأصل إصلاح الشيء مع القهر. والله جبّار بمعنى أنّه كثير الإصلاح للأشياء مع القهر(6).

ومنه قال الإمام علي(عليه السلام): "يا جابر كلّ كسير"(7).

____________

1- انظر: علم اليقين، محسن الكاشاني: 1 / 145.

2- الأسماء والصفات، أبو بكر أحمد بن حسين البيهقي: 1 / 149.

3- انظر: لسان العرب، ابن منظور: مادة (جبر)، ص 165 ـ 166.

4- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 201.

5- مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني: مادة (جبر)، ص 184.

6- انظر: مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني: مادة (جبر)، ص 183.

7- الإقبال بالأعمال الحسنة، علي بن موسى بن جعفر بن طاووس: ج 1، الباب التاسع، ص 258.


الصفحة 398

تنبيه :

صفة "الجبّار" صفة مدح لله وصفة ذم لغيره .

لأنّ "الجبّار" في غير الله هو الذي يقهر الآخرين على ما يريد من دون أن يكون له الحق في ذلك،(1) بعكس الله الذي له الحقّ المطلق في قهر مخلوقاته بإرادته العادلة والحكيمة.

20 ـ الجليل

قال تعالى: { تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام } [ الرحمن: 78 ]

معاني الجليل:

1 ـ الجليل مأخوذ من الجلال، وهو: الكمال في الصفات والأفعال.

2 ـ الجليل: "معناه السيّد"، يقال لسيّد القوم: جليلهم، وعظيمهم، ويُقال جلّ فلان في عيني، أي: عظم، وأجللته، أي: عظّمته"(2).

21 ـ الجميل

قال الإمام علي(عليه السلام): "إنّ الله جميل يحبّ الجمال"(3).

قال الإمام علي بن الحسين(عليه السلام): "يا الله يا جميل"(4).

والله جميل، أي: "حسن الأفعال، كامل الأوصاف"(5).

22 ـ الجواد

قال تعالى: { والله خير الرازقين } [ الجمعة: 11 ]

قال الإمام علي(عليه السلام): "الحمد لله الذي لا يكديه(6) الإعطاء والجود، إذ كلُّ معط

____________

1- قال تعالى: (كذلك يطبع الله على كلّ قلب متكبّر جبار ) [غافر: 35]

2- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 210.

3- الكافي، الشيخ الكليني: ج 6، كتاب الزي والتجمّل، باب التجمّل وإظهار النعمة، ح 1، ص 438.

4- الصحيفة السجادية: أدعية شهر رمضان، دعاؤه في اليوم الخامس والعشرين منه، ص 134.

5- لسان العرب، ابن منظور: ج 2، مادة (جمل) ص 363.

6- أي: لا يفقره ولا يُنِفذ خزائه الإعطاء والجود.


الصفحة 399

منتقص سواه..."(1).

والجواد مشتق من الجود بمعنى التفضّل(2)، والجواد هو المحسن المنعم الكثير الإنعام والإحسان(3).

23 ـ الحافظ

قال تعالى: { فالله خير حافظاً } [ يوسف: 64 ]

{ انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون } [ الحجر: 9 ]

وحفظه تعالى للعباد يعني صيانته عن أسباب الهلكة في أمور دينهم ودنياهم.

24 ـ الحسيب

قال تعالى: { إنّ الله كان على كلّ شيء حسيباً } [ النساء: 86 ]

{ وكفى بالله حسيباً } [ النساء: 60 ]

معاني الحسيب:

1 ـ المحصي لكلّ شيء بحيث لا يخفى عليه شيء(4).

2 ـ المحاسب لعباده يوم القيامة والذي يجازيهم على أعمالهم(5).

3 ـ الكافي، كما يقال: حسبنا الله، أي: كافينا.

ومنه قوله تعالى: { جزاءً من ربّك عطاءً حساباً } [ النباء: 36 ]، أي: عطاءً كافياً، وكقوله تعالى: { فمن يتوكّل على الله فهو حسبه } [ الطلاق: 3 ]، أي: فهو كافيه(6).

4 ـ الحسَب (بفتح السين) يعني السؤدد والشرف، فإذا كان الحسيب مأخوذاً من

____________

1- نهج البلاغة، الشريف الرضي: خطبة 91 المعروفة بخطبة الأشباح، ص 148.

2- انظر: كنز الفوائد، أبو الفتح الكراجكي: ج 1، أسماء الله وحقيقتها، ص 73.

3- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 210.

4- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 197.

5- المصدر السابق .

6- المصدر السابق .


الصفحة 400

الحسَب، فسيكون معناه: المختص بشرف الألوهية والربوبية وجميع الكمالات.

25 ـ الحفي

قال تعالى حاكياً عن قول إبراهيم(عليه السلام): { سأستغفر لك ربّي إنّه كان بي حفياً }[ مريم: 47 ]

معاني الحفي:

1 ـ العالم(1).

2 ـ اللطيف والمهتم بإكرام الآخرين(2).

26 ـ الحفيظ

قال تعالى: { وربّك على كلّ شيء حفيظ } [ سبأ: 21 ]

{ إنّ ربّي على كلّ شيء حفيظ } [ هود: 57 ]

معاني الحفيظ:

1 ـ الحفيظ مأخوذ من "الحفظ" وهو بمعنى: صون الشيء من الزوال والاختلال، وسُمّي الله تعالى حفيظاً; لأنّه يحفظ الموجودات ويصونها من الزوال والاختلال في نظامها وتركيبها فترة بقائها، كما أنّه تعالى يحفظ عباده من السوء ويصرف عنهم البلاء حسب ما تقتضيه الحكمة والمصلحة(3).

2 ـ يحفظ الله أعمال العباد ويضبطها عنده بحيث لا تغيب عنه غائبة ولا تخفى عليه خافية، ولا تفوته منها مثقال ذرّة.

27 ـ الحقّ

قال تعالى: { إنّ الله هو الحق المبين } [ النور: 25 ]

{ فذلكم الله ربكم الحق } [ يونس: 32 ]

____________

1- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 197.

مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني: مادّة (حفي)، ص 246.

2- المصدر السابق .

3- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 196.