المؤلفات » التحوّل المذهبي (بحث تحليلي حول رحلة المستبصرين إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام)


الصفحة 303


الفصل السادس
الاختلاف المذهبي
أسبابه ـ علاجه





الصفحة 304

الصفحة 305

إنّ اختلاف الناس في القدرات العقليّة واختلافهم في الخلق والممتلكات سنّة من سنن الوجود ومظهر من مظاهر الكون وآية من آيات الله تعالى، وقد قال عزّوجل:

( وَمِن آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ واختِلافُ ألْسِنَتِكُم وَألوَانِكُم إنّ في ذلك لآيَاتٌ للعَالِمين)(1).

ويكون هذا الاختلاف في الأمور التي أجاز الباري فيها الاختلاف عاملاً من عوامل النموّ والتطوّر في حياة الإنسان، لأنّ تعدّد الآراء وتعدّد الاختصاص يذكّي الحركة العلميّة ويدفعها إلى الأمام ويعبّد لها طريق التكامل ويرفع مستوى المعرفة ويؤدّي إلى النضج الفكري وتكوين العقليّة الواعية نتيجة التقاء خيرة العقول وانتفاع كلٌ من أطراف الاختلاف من خبرات الآخر، فيؤدّي ذلك إلى بناء حضارة توفّر للإنسان الأرضية المناسبة لازدهار طاقاته الكامنة وارتقائه في جميع الأصعدة.

وبذلك يندفع أبناء المجتمع إلى الخروج من السبات والخمول والعزلة إلى ميادين التنافس من أجل رفع مستوى تماسك المجتمع وتحصين وجوده.

ولكن يشترط في هذا الاختلاف أن لا يغيب العنصر الأخلاقي عن قاموس العلاقة بين أبناء المجتمع، ليكون هذا الاختلاف إضافة إلى معطياته الإيجابيّة عاملاً من عوامل التوحيد والتقريب بين الناس.

____________

1- الروم: 22.


الصفحة 306

الاختلاف في الصعيد الديني:

إنّ الاختلاف الديني الذي يكون في الصعيد العقائدي بين أبناء المجتمع اختلاف مبغوض عند الله تعالى، ولم يفسح الباري عزّوجل لعباده الاختلاف في هذا المجال، لأنّه تعالى بعث النبيّين ليحكموا بين الناس فيما اختلفوا فيه، وليرشدهم إلى العقائد الحقّة، وأمر عباده أن يتّبعوا الأنبياء وأن لا يختلفوا في الأمور الدينيّة التي لا يحق لهم إبداء الرأي فيها.

وقد قال تعالى:

( كَانَ النّاسُ أُمّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبيِّينَ مُبَشّرينَ ومُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُم الكِتَابَ بالحَقّ لِيَحكُمَ بَينَ النّاسِ فِيمَا اختَلَفُوا فِيهِ وَمَا اختَلَفَ فِيهِ إلاّ الّذينَ أوتوهُ مِنْ بَعدِ ما جَاءَتهُم البَيّناتُ بَغياً بَينَهُم فَهَدى اللهُ الّذينَ آمَنُوا لِمَا اختَلَفُوا فِيهِ مِن الحِقّ بإذْنِهِ واللهُ يَهْدي مَن يَشَاءُ إلى صِرَاط مُستَقيم)(1).

وقد ذمّ الباري عزّوجل الاختلاف في الأمور الدينيّة وحذّر من عواقبه قائلاً:

( وَلا تَكُونُوا كالَّذينَ تَفَرّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعدِ مَا جَاءَهُم البَيِّنَاتُ وَ أُولئِكَ لَهُم عَذَابٌ عَظيمٌ)(2).

وقال جلّ وعلا:

( شَرَعَ لَكُم مِن الّدين مَا وَصّى بِهِ نُوحاً والذي أَوْحَينَا إلَيكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إبْرَاهيمَ وَمُوسى وعِيسى أنْ أِقِيْمُوا الدّينَ وَلا تَتَفَرّقُوا فِيه)(3).

وقال سبحانه:

( إنّ الّذينَ فَرّقُوا دينَهُم وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُم فِي شَيء إنّما أَمرُهُم إلى اللهِ ثُمّ

____________

1- البقرة: 213.

2- آل عمران: 105.

3- الشورى: 13.


الصفحة 307
يُنَبّئهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)(1).

وقال تعالى:

( واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرّقُوا)(2).

وقال جلّ شأنُه:

( وَلا تَكُونُوا مِنَ المُشرِكِينَ * مِنَ الّذينَ فَرّقُوا دينَهُم وَكَانُوا شِيَعاً كلُّ حِزْب بِمَا لَدَيْهِم فَرِحُون)(3).

سلبيّات الاختلاف الديني:

إنّ الاختلاف في العقائد يؤدّي إلى سلبيّات عديد منها:

1) الوقوع في الضلال:

بما أنّ الحقّ واحد لا يتعدّد ولا يختلف وهو هدى الله الذي لا هدى غيره ولا حقّ سواه، فما خالفه لا يكون إلاّ باطلاً، وقد قال تعالى: ( فَمَاذا بَعْدَ الحَقِّ إلاّ الضَّلاَل )(4).

فعلى هذا تكون نتيجة الفرد الذي لا يتّبع الدين الذي جاء به خاتم الأنبياء رسول الله (صلى الله عليه وآله) الوقوع في أودية الكفر والضلالة.

ويدلّ عليه قوله تعالى:

(... وَلكِن اختَلَفُوا فَمِنْهُم مَنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَنْ كَفَرَ)(5).

____________

1- الأنعام: 159.

2- آل عمران: 103.

3- الروم: 31ـ32.

4- يونس: 32.

5- البقرة: 253.


الصفحة 308
( وَلاَ تَتّبِعُوا السُّبُلُ فَتَفَرّقَ بِكُم عَن سَبِيلِهِ)(1).

وقوله عزّ من قائل:

( وِأنّ هذا صِرَاطي مُسْتَقيماً فاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُبُلَ فَتَفَرّقَ بِكُم عَن سَبِيلِهِ ذلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ)(2).

( فَذلِكُم اللهُ رَبّكُم الحَقّ فَمَاذا بَعد الحقّ إلاّ الضَّلال فأنّى تصْرفُون)(3).

( وَلَنْ تَرضَى عَنْكَ اليَهُودُ وَلا النَّصَارَى حتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم قُل إنّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِن اتّبَعْتَ أَهوَاءَهُم بَعدَ الذي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مِالَكَ مِنَ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلا نَصِير)(4).

( قُل إنّ الهُدى هُدَى الله)(5).

( إنّ الّدينَ عِندَ اللهِ الإسلام)(6) ( وَمَن يَبْتَغِ غَيرَ الإسلام ديناً فَلَنْ يُقْبَل مِنْه وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِين)(7).

( اهْدِنَا الصّرَاطَ المُسْتَقيمَ * صِرَاطَ الّذينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِم غَيرِ المَغْضُوبِ عَلَيهِم وِلا الضّآلّين)(8).

2) ضعف شوكة الأمّة:

إنّ الاختلاف الديني يمهّد الأرضيّة الاجتماعية لانتشار الفتن و وقوع المحن

____________

1- الأنعام: 153.

2- الأنعام: 153.

3- يونس: 32.

4- البقرة: 120.

5- آل عمران: 73.

6- آل عمران: 19.

7- آل عمران: 85.

8- الفاتحة: 6ـ7.


الصفحة 309
وبلورة الشقاق، لأنّه يفتح باب العداوة بين أبناء المجتمع، ويؤدّي إلى تعدّد الجبهات وتنوعها وإثارت الصراعات، ويجعل الأمّة شيعاً يذيق بعضهم بأس بعض، فيؤدّي هذا الأمر إلى سلب قوّة الأمّة وضعف شوكتها.

ولهذا قال تعالى:

( وَأَطِيعُوا الله وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشلُوا وَتَذْهَب رِيحُكُم وَاصْبِرُوا إنّ الله مَعَ الصّابِرِين)(1).

( وَلَقَد صَدَقَكُم اللهُ وَعْدَهُ إذْ تْحُسُّونَهُم بإذْنِهِ حتّى إذا فَشِلْتُم وَتَنَازَعْتُم فِي الأمْرِ وَعَصيتُم مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَا تُحِبّونَ مِنْكُم مَنْ يُرِيدُ الدُّنيَا وَمِنْكُم مَن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمّ صَرَفَكُم عَنْهُم لَيَبْتَلِيَكُم وَلَقَد عَفَا عَنْكُم وَاللهُ ذُو فَضْل على المُؤمِنِينَ)(2).

أسباب نشوء الاختلاف الديني:

إنّ الاختلاف بين الناس في القضايا الدينيّة له أسباب متعدّدة وبواعث متنوّعة أهمّها:

1. الإفتقار إلى العلم.

2. الرذائل النفسيّة.

1) الافتقار إلى العلم:

أحد أسباب الاختلاف بين الناس هو عدم وضوح الرؤية للموضوع من كلّ جوانبه، و وقوع نظر كلٌ من طرفي الخلاف على مالا يقع عليه نظر الآخر.

وتوضيح ذلك هو أن ينظر أحدهم إلى الموضوع المختَلف فيه من زاوية معيّنة

____________

1- الأنفال: 46.

2- آل عمران: 152.


الصفحة 310
وينظر الآخر إليه من زاوية أخرى، فيختلفان بعدها في تقييم ذلك الموضوع.

كما أن من جملة أسباب اختلاف الناس هو غلبة الجهل وتفشّيه بينهم، حيث يؤدّي هذا الأمر إلى استحكام الخرافات في النفوس وقوّة أمر التحزّب للباطل وللفرق المنحرفة.

وقد أشار الباري عزّوجل في كتابه الكريم عند ذكره قصّة موسى (عليه السلام)وقومه، أنّ الجهل من الأسباب الأساسيّة لابتعاد الناس عن دين الله تعالى وتفرّقهم فيه فقال الله تعالى حول ماجرى بين موسى وقومه:

( قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إلهاً كَمَا لَهُم آلِهَةٌ قَالَ إنّكُم قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)(1).

كما أنّ الجهل يدفع صاحبه إلى الوقوع في مصائد أصحاب الأهواء الذين يحاولون استغلال جهل الناس من أجل تحقّق مآربهم الشخصيّة، فيؤدّي به ذلك إلى إيثار الضلالة على الهدى والغي على الرشاد نتيجة تقليده ومحاكاته للغير من دون دليل أو برهان، فيدفعه ذلك إلى سلوك طريق الغواية وتنكّب طريق الهداية.

وبالجهل يفقد الإنسان الحصانة في تقبّل الأفكار التي ترد عليه، ولهذا تتغلغل في عقليّة هكذا أشخاص الأفكار الضالّة والمنحرفة، لأنّ هذه الأفكار تجد عقولاً مفلسة وقلوباً غافلة وأرضيّة مناسبة لاستحكامها في نفوس هؤلاء، فتجعل من عقول هؤلاء موطناً لنفسها.

معالجة الاختلاف الديني الناتج من الجهل:

إنّ هذا اللون من الاختلاف يزول ويضمحل بعد تعرّف أطراف الاختلاف على الحقيقة بصورة كاملة وبعد معرفتهم الشموليّة بالموضوع المختلف فيه.

فلهذا ينبغي لكلّ واحد من أطراف الاختلاف في هذه الحالة أن يكلّف نفسه مشقّة

____________

1)الأعراف: 138.


الصفحة 311
البحث، وأن يبادر إلى طلب العلم من مصادره النقيّة وأن يبذل جهده التام ـ بعد التحلّي بالموضوعيّة والتجرّد عن القناعات السابقة ـ لاكتشاف الطريق الصحيح بعقليّة منفتحة ترشده إلى سواء السبيل، ليتمكّن بعد إزالة قصوره في الإدراك وإعادة نظره في مرتكزاته الفكريّة ومعلوماته التاريخيّة والدينيّة أن يحلّ الاختلاف القائم بينه وبين الآخرين بالعلم والوعي ودقّة النظر و وضع الأمور في مواضعها.

ويكون الحوار في هذه الحالة أفضل وسيلة لحلّ الاختلاف واكتساب الشموليّة في الرؤية، وبه يتمكّن كلٌ من طرفي الحوار أن يصلح عقليّة الطرف المقابل وأن يرفع مستواه الفكري والثقافي، وسيأتي في البحوث القادمة ذكر أهميّة الحوار العلمي والمناقشة البنّاءة في حلّ الاختلاف.

2) الرذائل النفسيّة:

ذكرنا فيما سبق أن الاختلاف إمّا أن يكون نتيجة الافتقار إلى العلم وقد مرّ ذكره، وإما أن يكون نتيجة بعض الرذائل النفسيّة التي تدفع صاحبها إلى مخالفة الحقّ والالتزام ببعض آراء المخالفة للواقع.

وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا القسم الثاني، وذكر بأنّ معظم الناس ليس خلافهم مع الحقّ نتيجة عدم معرفتهم به، وإنّما سببه مجموعة رذائل نفسيّة تمنعهم من الإيمان بالحقّ، ولهذا قال تعالى:

( الّذينَ آتَيْنَاهُم الكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أبْنَاءَهُم وإنّ فَريقاً مِنْهُم لَيَكْتمُونَ الحَقَّ وَهُم يَعلَمُون)(1).

وقد ذكر القرآن أيضاً بأنّ الكثير من الأمم كانت تعرف صدق أقوال الرسل فيما يبلّغونهم عن الله عزّوجل، إلاّ أن الرذائل النفسيّة من قبيل العصبيّة والأحقاد والغرور

____________

1- البقرة: 146.


الصفحة 312
والعناد صدّهم وحال بينهم وبين اتّباعهم للرسل، بل حملهم ذلك على مخالفتهم بغياً وظلماً.

ومن الآيات الكريمة التي تبيّن هذه الحقيقة قوله تعالى:

( كَانَ النّاسُ أُمّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبيِّينَ مُبَشّرينَ ومُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُم الكِتَابَ بالحَقّ لِيَحكُمَ بَينَ النّاسِ فِيمَا اختَلَفُوا فِيهِ وَمَا اختَلَفَ فِيهِ إلاّ الّذينَ أوتوهُ مِنْ بَعدِ ما جَاءَتهُم البَيّناتُ بَغياً بَينَهُم..)(1).

وقوله سبحانه حول بني إسرائيل:

( وَآتَيْنَاهُم بَيّنَات مِنَ الأَمْرِ فَمَا اختَلَفُوا إلاّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُم العِلمُ بَغياً بَيْنَهُم.. )(2).

وقوله عزّمن قال:

( إنّ الّدينَ عِندَ اللهَ الإسلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الّذينَ أُوتُوا الكِتَابَ إلاّ مِنْ بَعدِ مَا جِاءهُم العِلمُ بَغياً بَيْنِهُمْ..)(3).

فهذه الآيات الكريمة تصرّح بأنّ اختلاف معظم الأمم مع أهل الحقّ لم يكن سببه الجهل أو عدم معرفة الحق، وإنّما سببه البغي والظلم والعدوان، لأنّ العلم بالحقّ لا يكفي في الإيمان به والدفاع عنه، وسبب ذلك هو أنّ العلم نور، ولا يستفيد من هذا النور إلاّ من يزيل عن بصيرته الحجب التي تمنعه من الرؤية، ولا يقدر على ذلك إلاّ أصحاب النفوس الطيّبة والقلوب الطاهرة.

ولهذا حذّر الباري عزّوجل أبناء الأمّة من التفرقة مع وجود العلم والبينات. فقال تعالى:

( وَلا تَكُونُوا كالّذينَ تَفَرّقُوا واخْتَلَفُوا مِنْ بَعدِ مَا جَاءَهُم البَيّنَات وَأُولئِكَ لَهُم

____________

1- البقرة: 213.

2- الجاثية: 17.

3- آل عمران: 19.


الصفحة 313
عَذَابٌ عَظيم)(1).

وقال تعالى:

( وَمَا تَفَرّقَ الّذينَ أُوتوا الكِتَابَ إلاّ مِن بَعدِ مَا جَائَتْهُمُ البَيّنَة)(2).

أهمّ الرذائل المؤدّية إلى الاختلاف:

من أهم الرذائل التي تودي إلى وقوع الاختلاف بين الناس هو الهوى، لأنّ الهوى بعد الهيمنة على النفس الإنسانيّة يستولي على مقياس الحُسن والقُبح ويصوّر للإنسان الأشياء الحسنة قبيحة والأشياء القبيحة حسنة على ضوء ما يرتئيه.

وقد أخبر الباري عزّوجل بأنّ الانقياد للهوى هو الذي حال بين الأمم والأنبياء، وأملى على الناس الاستكبار لئلاّ يؤمنوا برسالة الأنبياء فقال تعالى:

( أَفَكُلّما جَاءَكُم رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُم اسْتَكبَرتُم)(3).

كما أخبر الله تعالى بأنّ الهوى له من القوّة بأن يحل في النفوس محل الإله، فقال تعالى:

( أفَرَأيتَ مَن اتَّخَذَ إلهَهُ هَوَاهُ وأُضَلّهُ اللهُ على عِلم)(4).

ومن هذا المنطلق يؤدّي هذا الداء العضال في النفوس المريضة والقلوب الغافلة إلى النفور التام والاستكبار الممقوت عن قبول الحقّ وبغي بعض أبناء الأمّة على بعض وظهور العداوة والبغضاء وغير ذلك من المفاسد التي تؤّدي إلى تفرقة الكلمة.

ويتفرّع عن الهوى رذائل نفسيّة أخرى تؤدي إلى الاختلاف والتفرقة منها الحسد للغير على ما آتاه الله من فضله، حبّ الشهرة، والتفاخر، الأنانيّة والحرص على نيل

____________

1- آل عمران: 105.

2- البيّنة: 4.

3- البقرة: 87.

4- الجاثية: 23.


الصفحة 314
المنافع الخاصّة والاستجابة لتطلّعات النفس الأمّارة بالسوء.

دور السّلطات الظالمة في تأجيج الاختلاف:

إنّ السلطات الجائرة تغرس بذرة الاختلافات المذهبيّة واختلاق الفساد في قواعد الدين الأساسيّة، ثمّ تكلّف وعّاظ السلاطين ليتعاهدوا هذه البذور المغروسة بالسقي من مياه الشبهة والتزوير والافتراء والغلو لتثمر الأحزاب المذهبيّة التي تكفّر بعضها البعض، والتي توفّر لهذه السلطات أرضيّة تحكّمها بسهولة على رقاب الناس.

وتحاول هذه السلطات بكل ما أوتيت من قوّة وما تملك من وسائل عن طريق تكريس التفرقة بين صفوف الأمّة والعمل على تمزيق المجتمع وتفتيت أوصاله وتخريب تماسكه ودعم الحركات الهدّامة المهتمّة بتمزيق الكلمة وتمزيق الوحدة وإضعاف دعائم الأمّة أن تصل إلى مآربها الشخصيّة.

ولا تأبى هذه السلطات أن تستخدم من أجل الوصول إلى غاياتها الدنيئة أيَّ وسيلة منافية للقيم الأخلاقيّة، لأنّها ترى أنّ مصالحها لا تتحقّق مع وحدة الأمّة وتكاتفها، فتعمد عن طريق استئجار النفوس الضعيفة وشراء ذوي القلوب المريضة واغرائهم بزخارف الدنيا أن توظّفهم لغرس الحقد والكراهيّة والعداوة والبغضاء في النفوس وخلق مستنقع خصب لانتشار ما يؤدّي إلى تفرقة كلمة أبناء المجتمع.

وقد نجحت هذه السلطات بمكرها وخبثها أن تزرع في نفوس الأمّة ما يدفعها إلى التفرقة، وقد أفلحت في مسعاها ونجحت في مبتغاها ولعبت دورها في شدّ أزر الفتن والشقاق.

ومن هذا المنطلق تلاعبت هذه السلطات بالعقائد والمفاهيم لتعطّل الملكات الإراديّة في نفوس أبناء الأمّة، ولتمهّد بذلك لنفسها سبيل الهيمنة عليهم نتيجة ضعف إرادتهم الشخصيّة، وهذا ما فعله فرعون مع قومه حيث قال تعالى عنه:


الصفحة 315
( فَاسْتَخَفَّ قَومَهُ فَأطَاعُوهُ إنّهُم كَانُوا قَوْمَاً فَاسِقِينَ)(1).

معالجة الاختلاف الديني الناتج من الرذائل:

إنّ البحث وطلب العلم والحوار وغير ذلك من الأمور التي ذكرناها في معالجة الاختلافات الدينيّة الناتجة من الجهل لا تجدي ولا تنفع لمعالجة الاختلاف الديني الناتج من الرذائل النفسيّة.

لأنّ المتلبّس بالرذائل لا يؤمن بالحقّ ولو تجلّى له ذلك كالشمس في رابعة النهار، لأنّه مبتل بحجب وأمراض نفسيّة تمنعه من الخضوع إلى الحقّ والانقياد إلى الصراط المستقيم.

ولا يوجد علاج لحل هذا الاختلاف إلاّ المبادرة إلى التربية الأخلاقيّة ودعوة الآخرين إلى التحلّي بالتقوى وتطهير القلب من الشوائب وتنقية النفس من الأوساخ المتلوثة بها.

ولهذا تكون الخطوة الأولى والأساسيّة التي ينبغي أن يقوم بها الإنسان الواعي والسائر على درب الحقّ عندما يواجه من يختلف معه في الرأي والعقائد، أن يبحث قبل كلّ شيء عن الأسباب التي دعت الطرف المقابل لمخالفة الحقّ، ليتمكّن بعد ذلك من دراسة هذه الأسباب والعثور على العلاج المناسب لحلّ الاختلاف القائم بينه وبين الآخر.

لأنّ الحوار العلمي وتقديم الأدلّة والبراهين لا ينفع مع الشخصيّات المتلبّسة بالرذائل النفسيّة، و وظيفة الفرد إزاء هذا النمط من الأشخاص الذي يخالفونه في الرأي والمعتقد أن يقوم بتطهير قلوبهم من الشوائب العالقة بها، ليمهّد بذلك الطريق لغرس المبادىء الحقّة في قلوبهم.

____________

1- الزخرف: 54.


الصفحة 316

فتنة علماء السوء:

يبيّن الاستقراء أنّ معظم اختلاف رؤساء أهل الباطل وعلماء الفرق الضالّة مع أصحاب الدعوة الحقّة هو نتيجة تلبّس هؤلاء بالرذائل النفسيّة، لأنّهم لم يضلّوا لجهلهم بالحقّ، وإنّما ضلّوا لهروبهم من وجه الحقّ إرضاءاً لأهوائهم ورذائلهم النفسيّة واتّباعهم السلطات الحاكمة لنيل مطامعهم الشخصيّة.

في حين أنّ معظم الذين يتّبعون أرباب الفرق هم ممن قادهم الجهل والتقليد الأعمى إلى الوقوع ضحايا في لعبة أرباب المذاهب.

ولهذا تكون فتنة هؤلاء العلماء من أعظم الفتن، لأنّهم أضلّوا الناس وحرموهم من اتّباع الهدى، وقد ظنّ أتباع هذه الفرق أنّ علماءهم يقودونهم إلى الحقّ، فسلّموا لهم زمام الأمور، فانتهز هؤلاء العلماء الفرصة فحرّموا ما شاؤوا وحلّلوا ما شاؤوا وأفتوا بما تهوى أنفسهم، وأظهروا من الدين ما ينسجم مع مصالحهم وأخفوا منه ما لا يتّفق مع أهوائهم، ثمّ حاولوا أن يجعلوا أتباعهم وراء ستار كثيف من الجهل لئلاّ ينكشف غيّهم.

ويشير التيجاني السماوي إلى هؤلاء العلماء قائلاً:

" ودأب أغلب العلماء على الجري وراء الحكّام واستمالتهم بالفتاوى والتملّق طمعاً في ماعندهم من مال وجاه، وعمل هؤلاء دائماً على سياسة (فَرّق تَسُد)، فلم يسمحوا لأحد بالاجتهاد وفتح ذلك الباب الذي أغلقه الحكّام في بداية القرن الثاني، معتمدين على ما يثار هنا وهناك من فتن وحروب بين السنّة وهي الأغلبيّة الساحقة والتي تمثّل الأنظمة الحاكمة. والشيعة وهي الأقليّة والتي تمثّل في نظرهم المعارضة الخطيرة التي يجب القضاء عليها، وبقي علماء السنّة مشغولون بتلك اللّعبة السياسيّة الماكرة في نقد وتكفير الشيعة والردّ على أدلّتهم بكلّ فنون النقاش والمجادلة حتى كُتبت في ذلك آلاف الكتب وقُتلت آلاف النفوس البريئة وليس لها ذنبٌ غير ولائها


الصفحة 317
لعترة النبي (صلى الله عليه وآله)ورفضها للحكّام الذين ركبوا أعناق الأمّة بالقوّة والقهر "(1).

ومن طرق علماء السوء من أجل الوصول إلى مآربهم تلبيسهم الحقّ بالباطل من أجل حرمان أبناء الأمّة من معرفة الحقّ بسهولة، لأنّهم في ظلّ هكذا أجواء يستطيعون أن يخرجوا ضلالهم إلى الناس في قوالب الحقّ، ليغترّ بهم العامّة فيتبعوهم معتقدين أنّهم على الحقّ.

ويشير معتصم سيّد أحمد إلى هذه الحقيقة قائلاً:

" عندما ينظر الإنسان لواقع الأمّة الإسلاميّة تأخذه الحيرة من جراء الاختلافات والتمذهب الذي أصبح الطابع المميّز في الوسط المسلم، ترى ماذا يصنع الإنسان؟ وأيّ الطرق يسلك؟ في حين تدّعي كل الطرق أنّها الحق المطلق، مع أنّ الثابت بالضرورة أن الحقَّ لا يمكن أن يتعدّد، بخلاف الباطل الذي يمكن أن يتشكّل في وجوه مختلفة "(2).

اختلاف المسلمين بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله):

لقد بيّن النبي (صلى الله عليه وآله) الطريق الصحيح الذي فيه الخير والصلاح، وقد جعل لأمّته الثقلين كتاب الله وعترته أهل بيته الملجأ للاعتصام من الضلال من بعده، وأمر الناس أن يلتجئوا إلى سفينة أهل البيت (عليهم السلام) ليحموا أنفسهم من الغرق في بحار الفتن والضلال.

كما أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد أشار إلى افتراق الأمّة من بعده، لتتنبّه الأذهان ولتعتصم الأمّة بالحقّ وتتجنّب الشطط والفتن في الأمور التي تقع من بعده (صلى الله عليه وآله).

ولكن الأمّة لم تلتفت إلى ذلك، فكان أوّل اختلاف أدّى إلى تفرقة المسلمين بعد

____________

1- محمّد التيجاني السماوي/ فاسألوا أهل الذكر: 340.

2- معتصم سيّد أحمد/ حوارات: 11.


الصفحة 318
أن رُزئت الأمّة بفقد الرسول (صلى الله عليه وآله)هو مبادرة بعض الصحابة إلى الهيمنة على زمام الحُكم من بعده (صلى الله عليه وآله).

وقد حاول هؤلاء الصحابة بشتى السبل عن طريق تحريك مشاعر الجاهليّة وإبراز كوامن النفوس وخفايا بعض القلوب ضدّ الإمام علي (عليه السلام) أن يغضّوا الطرف عن النصوص الواردة من النبي (صلى الله عليه وآله) على ولاية أهل البيت (عليهم السلام)وخلافتهم من بعده، وأن يغيّروا المنهج المرسوم من قِبل الله ورسوله للخلافة وأن يستولوا على زمام الحكم من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).

ومن هذا المنطلق نشأت الفرق في أوساط المسلمين، ولهذا يقول التيجاني السماوي:

" الخلافة، وما أدراك ماالخلافة! فهي التي جعلها الله فتنة الأمّة، وهي التي قسمتها وأطمعت فيها الطّامعين، وهي التي أهرقت في سبيلها الدماء البريئة، وهي التي كفر من أجلها مسلمون فأغرتهم وأبعدتهم عن الصراط المستقيم وأدخلتهم نار الجحيم "(1).

ويقول التيجاني السماوي أيضاً:

" كلّ خلاف وقع بين المسلمين سواء في الفقه أو في التفسير للقرآن أو في فهم السنّة النبويّة الشريفة منشوءة وسببه الخلافة "(2).

ويقول إدريس الحسيني:

" إنّ الإمامة وما يتّصل بها من موضوعات هي مفتاح كل الصراعات التي شهدها التاريخ الإسلامي "(3).

ويشير أحمد حسين يعقوب أيضاً إلى هذه الحقيقة قائلاً:

" يكمن سبب المصائب التي حلّت بهذه الأمّة ومزّقت وحدتها، وبعثرت صفوفها،

____________

1- محمّد التيجاني السماوي/ فاسألوا أهل الذكر: 239.

2- محمّد التيجاني السماوي/ لأكون مع الصادقين: 40ـ41.

3- إدريس الحسيني/ الخلافة المغتصبة: 13.


الصفحة 319
وجعلتها شيعاً وأحزاباً وطرائق قدداً، يكمن في الفصل بين المنظومة الإلهيّة وبين المرجعيّة والقيادة السياسيّة التي عيّنها الله تبارك وتعالى، والتمسّك بالمرجعيّة والقيادة السياسيّة التي فرضتها القوّة والغلبة واستكان لها الناس بحكم طاعة الغالب، ثمّ بحكم التكرار والتقليد الأعمى.

فما سالت الدماء إلاّ من أجل رئاسة الدولة، وما اختلف المسلمون إلاّ بسبب هذه الرئاسة، وما حدثت الحروب بينهم إلاّ طمعاً بها، فهل يُعقل أن يُبيّن الشرع الحنيف للناس كيف يتبوّلون ويغفل ويترك بيان مَن يتولّى رئاسة الدولة بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، وكيفيّة التنصيب، وكيفيّة انتقال الرئاسة؟ "(1).

وبمرور الزمان ازدادت الفرق والمذاهب، وأصبحت كلُّ فرقة تدّعي أنّها هي الفرقة الناجية التي أشار اليها رسول الله (صلى الله عليه وآله).

ويقول هشام آل قطيط في هذا المجال:

" فجميع الطوائف الإسلاميّة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) تفرّقت إلى ملل ونحل ومذاهب وصارت كل فرقة تدّعي أنّها هي الفرقة الناجية، وأن أتباعها هم الناجون، بحيث كل فرقة لديها الفن في صنعة الحديث.. فصارت تقول أحاديث تنتصر بها على الفرقة الأخرى، فعظمت المحنةُ وانتشر الباطل "(2).

ويقول أسعد وحيد القاسم حول جذور الاختلاف بين المسلمين والمسئلة التي منها انطلق الخلاف بين المسلمين:

" ولا أجد مسألة اختلف عليها بين أهل السنّة والشيعة من الممكن أن تنطبق عليها مثل هذه المواصفات كمسألة خلافة النبي (صلى الله عليه وآله) أو إمامة المسلمين بعده، ويقول الشهرستاني صاحب موسوعة الملل والنحل في هذا الصدد: (وأعظم خلاف بين الأمّة

____________

1- أحمد حسين يعقوب/ الخطط السياسيّة لتوحيد الأمّة الإسلاميّة: 35ـ36.

2- هشام آل قطيط/ ومن الحوار اكتشفت الحقيقة: 322.


الصفحة 320
خلاف الإمامة، إذ ما سُلّ سيفٌ في الإسلام على قاعدة دينيّة مثل ما سُلّ على الإمامة في كلّ مكان).

وأما الفروع، فهي الآثار التي ترتّبت على حصول أزمة الخلافة والإمامة أو مخلّفاتها ذات الخطورة على الإسلام والمسلمين. وتشعبات هذه الفروع هي ذلك الكم الهائل من المفاهيم والأحكام الفقهيّة المختلف عليها بين الفريقين من جهة، وبين كل فريق من جهة أخرى "(1).

ويقول معتصم سيّد أحمد حول هذا الأمر:

" وقد نقل التاريخ تعصّب كل جماعة لمدرستهم الفقهيّة وما حصل بينهم من مشادات ونزاعات إلى درجة أن يكفّر بعضهم البعض، وما كشف لنا أيضاً دور السلطات الحاكمة وكيف كانت تتلاعب بدين المسلمين، فالعالم الذي يوافق هواها يكون إماماً للمسلمين وتلزم الناس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بتقليده والاقتداء به "(2).

ومن جراء الاختلاف حول الإمامة والخلافة بين أهل السنّة والشيعة، ذهب أهل السنّة إلى أن الخلافة زعامة مدنيّة يرجع فيها الاختيار والتعيين إلى الناس أنفسهم، وذهب أتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام) إلى أن الخلافة أو بالأحرى الإمامة ليست مجرّد زعامة مدنيّة وحكم إداري، بل هي امتداد للنبوّة بجميع معطياتها إلاّ ما يخصّ مقام النبوّة، وذهبوا إلى أن خلافة الرسول منصب إلهي يعيّنه النبي (صلى الله عليه وآله)عن طريق الوحي ولا مجال فيه لاختيار الأمّة.

ومن هذا المنطلق قال الشيعة استناداً إلى النصوص القرآنيّة والروايات الصريحة أن الإمام علي (عليه السلام) هو خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالحقّ، وأنّ الباري عزّوجل قد اصطفى آل

____________

1- أسعد وحيد القاسم/ أزمة الخلافة والإمامة وآثارها المعاصرة: 25.

2- معتصم سيّد أحمد/ الحقيقة الضائعة: 239.


الصفحة 321
محمّد (عليهم السلام) كما اصطفى آل إبراهيم، ذريّة بعضُها من بعض لمنصب الإمامة والخلافة من بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)، وقد احتجّ الشيعةُ على مخالفيهم بأدلّة كثيرة وأقاموا براهينهم.

ولكن أتباع المذهب السنّي أنكروا النصّ على الإمامة، وشكّكوا في الأدلّة التي احتجّ بها الشيعة، وحاولوا صياغة فكرة الخلافة بصورة تضفي المشروعيّة على خلافة كلّ من استلم دفّة الحكم بعد التحاق الرسول (صلى الله عليه وآله) بالرفيق الأعلى.

ومن المؤسف أن تحوّل هذا الاختلاف في بعض الأزمنة نتيجة ضعف الإيمان وغياب العنصر الأخلاقي إلى صراعات حادّة يتخفّى وراءها مظهر بشع من الكراهيّة والحقد المكشوف، وأصبحت كل فرقة ترصد نقاط ضعف الفرقة الأخرى لتدينها بها.

ومن هنا اتّسعت دائرة الجدل والنقاش بين الأطراف المتنازعة، ثمّ تحوّل إلى التراشق بالاتّهامات واستخدام الكلمات البذيئة، فأدّى ذلك إلى ضياع جهود كثيرة و فوت خيراً واسعاً ضاع في المهاترات والشقاق.

ثمّ استغلّ المغرضون والانتهازيّون هذه الفرصة فأجّجوا نيران الاختلاف ومزّقوا أوصال الأمّة وفتّتوا وحدتها من أجل توسيع الهوة بين أبناء المجتمع والاصطياد بعدها بالماء العكر.

وقد بلغ الاختلاف بين المسلمين حدّاً بحيث سمح بعض المسلمين لأنفسهم أن يمدّوا جسور العلاقة الودّيّة مع الأطراف المضادّة للإسلام، وفي الوقت نفسه أبَوا أن يمدّوا جسور العلاقة مع إخوانهم المسلمين الذين اختلفوا معهم في بعض الأمور العقائديّة والفكريّة، بل بلغ حقد وكراهيّة بعضهم ضدّ الآخر، الحدّ الذي دفعهم إلى تشويه أحدهم صورة الآخر بأساليب بعيدة كل البُعد عن القيم الأخلاقيّة.

وفي ظلّ هكذا أجواء اندفع كل طرف من الأطراف الإسلاميّة إلى الحذر والتوجّس من الطرف الإسلامي الآخر، وأصبح أمرُ الأمّة أن لا تمضي عليها فترة قصيرة إلاّ وتثار فيها مسألة خلافيّة تفرّق قواها وتقوّي بأسَ بعضها على بعض.


الصفحة 322

الوحدة الإسلاميّة:

تعني الوحدة الإسلاميّة أن يكن كل مسلم المحبّة في قلبه لباقي إخوانه من المسلمين وإن كانوا على ضلال، لأنّ كل إنسان بذاته طاهر وهو مخلوقٌ اصطفاه الله سبحانه وتعالى على سائر المخلوقات وكرّمه على العالمين.

والكفر والضلال رجس، ولكنّها أمور عارضيّة على وجود الإنسان، وينبغي لكلّ فرد أن ينطلق من محبّته للإنسان الضال لينقذه من الأفكار المنحرفة التي تلبّس بها، وعليه أن ينطلق من منطلق محبّته للإنسان الضائع ليمدّ له يد العون من أجل انتشاله من حالة الضياع التي يتخبّط فيها.

وهذه المحبّة في الواقع هي التي تحفّز الإنسان إلى هداية الآخرين، ومن دون هذه المحبّة لا يستطيع الإنسان أن يقوم بهداية من يخالفه في الرأي، ولا يتمكّن من إرشاده إلى سواء السبيل، لأنّ الإنسان الذي يكره الآخر ويشمئزّ منه لايستطيع أن يقدّم له الخير، ولكنّ الذي يحبّ الآخرين وإن كانوا على ضلال، فإنّه ينطلق من منطلق محبّته لهم لينقذهم من الضلال الذي هم فيه ويحفّزه حبّه لهم على تطهير عقولهم من الأفكار المنحرفة وتنقية قلوبهم من الرجس والشوائب العالقة بها.

ومعنى الوحدة هو تعميق هذا المعنى في نفوس الناس، لينظر كلّ الناس بعين الحبّ والمودّة والرأفة إلى الآخرين، وأن يفرّق بين الضلال والضال وبين الانحراف والمنحرف، فإنّ الضلال والانحراف أرجاس ولابدّ من القضاء عليها وتطهير الأمّة من وجودها.

ولكن الإنسان الضال والمنحرف هو إنسان طاهر في ذاته، مكرّم عند الله لكونه مخلوق اصطفاه الله على بقيّة المخلوقات، وهو الذي أرسل الله تعالى أنبياءه ورسله من أجل إنقاذه من الضلال والانحراف.

ولولا محبّة الأنبياء للكفّار لم يبذل هؤلاء الأنبياء هذا الجهد المكثّف لانقاذهم من الضلال، ولم يتحمّلوا هذا الجهد في دعوتهم إلى الحقّ.


الصفحة 323
فلهذا ينبغي لنا اقتداءاً بمنهج الأنبياء أن لا نبغض الإنسان الضال لذاته، بل علينا أن نبغض الضلال المتعشعش في وجود الضال، وعلينا أن نحاول من منطلق محبّتنا للضال كمخلوق اصطفاه الباري عزّوجل عى سائر المخلوقات أن نبعده عن هذه الأرجاس والنجاسات(1).

ومن هذا المنطلق تذوب وتضمحل جميع أساليب العدوان والقمع والتسقيط والتشويه والاستفزاز والاستخفاف والاستهتار بين أتباع المذاهب الإسلاميّة.

ومن هذا المنطلق يسعى كل صاحب انتماء مذهبي إلى تفهّم صاحب الانتماء الآخر، فيطّلع على رؤاه ومواقفه المذهبيّة المتّصلة بمختلف المسائل الدينيّة ولاسيّما العقائديّة، ويكون شأنه حين تعامله مع الضالين والمنحرفين شأن تعامل الطبيب مع المريض.

فالمريض كما يقول عصام العماد يحتاج من الطبيب إلى المعالجة والمعاينة لا المجادلة والمخاصمة، وعلى الطبيب أن ينظر إليه بمحبّة ومودّة، وأن يبذل كل ما لديه من جهد من أجل أن يجلب له الدواء، ويزيل عنه الداء، ولا شكّ أن الطبيب الذي يسيىء الظنّ بمريضه لا يستطيع معاينة مريضه ومعالجته(2).

ومن هنا يتمكّن أتباع كل مذهب أن يوضّحوا هويّتهم المذهبيّة الحقيقيّة ليزيلوا أسباب وقوع الآخرين في الالتباس واشتباههم في فهمهم لهم، وبذلك تزول الحواجز النفسيّة التي كوّنتها ظروف القطيعة بين أتباع المذاهب الإسلاميّة.

ويساهم هذا الأمر في إزالة الكثير من عوامل سوء الفهم والتصوّرات الخاطئة التي يحملها كل فريق عن الآخر، ويؤدّي هذا الأمر في نهاية المطاف إلى تضييق شقّة الخلاف بين أتباع المذاهب الإسلاميّة وفسح المجال واسعاً للوصول إلى التعاون

____________

1- إلاّ اللهمّ الذي استحال وجوده إلى الضلال وختم الله على قلبه وأصبح ضلالاً مجسّداً لا رجاء في هدايته ولا أمل في رجوعه إلى الحقّ.

2- انظر: عصام العماد/ المنهج الجديد والصحيح في الحوار مع الوهّابيين: 95ـ96.


الصفحة 324
الحقيقي فيما بينهما للوصول إلى الحقيقة.

ولهذا يقول صالح الورداني:

" وحالة سوء الفهم القائمة بين السنّة والشيعة إنّما يعود سببها إلى العزلة الفكريّة الواقعة بين الطرفين، تلك العزلة التي أسهمت فيها السياسة بدور كبير.

وهي التي تولّدت في ظلّها الشائعات وتكاثرت من حول الشيعة، ممّا أدّى إلى توسيع رقعة العداء بين الطرفين..

إنّ التعايش القائم على المعرفة والوعي من شأنه أن يؤدّي إلى تقبّل الآخر والتماس الأعذار له في فكره ومعتقده وتحقيق الوحدة الإسلاميّة المنشودة، بل هو الطريق الوحيد للوصول إليها.. "(1).

ويقول صالح الورداني أيضاً:

" وعندما أتعامل معك على أساس فهم كامل لشخصك وفكرك ومعتقدك، فهذا سيؤدّي لأن تكون الوحدة راسخة لأنّه حينما أعمل معك وأنا أعلم بأنّ لك رؤية في أبي بكر وعمر، فسأتفهم وجهة نظرك، وسيؤدّي هذا إلى استيعابي مسألة التعامل المشترك بيني وبينك.

لكن يختلف الأمر كثيراً عندما أتعامل معك وأنا لا أدري بهذه الحقيقة فيأتي بعض الدسّاسين ويصنعون الفتنة بيننا.

الوحدة يجب أن تقف على وضوح الرؤية كما أنّها عمل جماهيري لا صلة للسياسة بها، لن تفرضها الحكومات ولن تحقّقها المؤتمرات بل ستتحقّق بجهود الدعاة والكتّاب والمفكّرين في تصحيح الأفكار والمفاهيم الإسلاميّة في الساحة الجماهيريّة.

____________

1- صالح الورداني/ المناظرات بين فقهاء السنّة وفقهاء الشيعة: 8.


الصفحة 325
هذا هو دور المؤسّسات بالدعم ليتبدّد الالتباس والشبهات السائدة "(1).

وأضف إلى ما تمّ ذكره أنّ هذا النمط من الحبّ يصون الإنسان من الصراع والرغبة في الغلبة حين حواره مع من يخالفه في الرأي، لأنّ الصراع كما يقول صائب عبد الحميد غايته نفي الآخر وافنائه، ولكن الحوار غايته ابقاء الآخر وجذبه إلى الصواب بعد إزالة الشبهات العالقة بذهنه(2).

ولا يستطيع الإنسان أن يمنع نفسه من هذا الصراع إلاّ بالحبّ الذي يكنّه للآخر، وهذا الحبّ هو الذي يجعل الفرد أن يستخدم أسمى الأساليب الصحيحة في حواره ومقابلته مع من يخالفه في الرأي.

إهتمام المستبصرين بالوحدة الإسلاميّة:

إنّ الأضرار الفادحة الناتجة من عدم مراعاة الوحدة الإسلاميّة وعدم توحيد الصفوف ورصّها للحفاظ على كيان الإسلام والتشاحن بين أبناء المجتمع وإثارة بواعث البغضاء والأحقاد في قلوب بعضهم على الآخر دفعت المستبصرين إلى التأكيد على هذه الوحدة والدعوة إليها بعد تبيين أهمّيّتها ودورها في لمّ شعث المسلمين وجمع شملهم وتقوية بُنيتهم.

ولهذا يقول إدريس الحسيني:

" لقد كانت الوحدة الإسلاميّة ولا تزال همّنا الكبير، الذي مهما اختلفنا لن تكون إلاّ هدفنا المقدّس.. وحدة إسلاميّة ناضجة، تقرب الشقة بين الفرقاء، وتجعلهم بحيث يتفهّمون أزمتهم التراثيّة وضرورة الحسم فيها "(3).

ويقول معتصم سيّد أحمد حول أهمّية الوحدة وكيفيّة الحصول عليها:

____________

1- مجلّة المنبر: العدد 22.

2- انظر: صائب عبد الحميد/ حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي: 13.

3- إدريس الحسيني/ هكذا عرفتُ الشيعة: 204.


الصفحة 326
" انّ حالة التمذهب التي يعيشها المسلمون قديماً وحديثاً، لا يمكن اعتبارها حالة صحيحة نابعة من صميم الدين، وإنّما هي حالة سلبيّة لابدّ من مواجهتها وتخطّيها بكل السبل، لأن الرسالة التي جاءت من إله حكيم لا يمكن أن تكون دعوة للتفرق والتمذهب، وهو القائل: ( إنّ هذِهِ أُمَّتُكُم أُمّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُم فَاعْبُدُونِي)(1)، ولا يمكن أن نتصوّر الأمّة الواحدة، إلاّ من خلال المنهج الواحد، ومن هنا كانت تعاليم الإسلام تعاليم واحدة، منسجمة مع سنن الله الكونيّة، التي تجعل الوجود في غاية الانسجام والتوازن، كما أنّ رسالات الله التي تعاقبت على البشريّة كانت تحمل شعاراً واحداً وهو توحيد العبادة لعبادة الواحد القهّار "(2).

ويقول هشام آل قطيط حول أخطار عدم رصّ الصفوف في المرحلة الراهنة التي يعيشها العالم الإسلامي:

" علينا بالتوحّد وجمع الكلمة ورصّ الصفوف والتقارب إسلاميّاً...، والعارفون بأهداف الاستعمار يعلمون كلّ العلم أنّ تجزئة الأمّة الإسلاميّة أعظم وسيلة تمسّك بها المستعمرون للاحتفاظ بسلطتهم.

فعلينا أن ندرك أبعاد المرحلة التي نعيشها في هذا العصر كإسلاميّين، بغضّ النظر إلى المذهبيّة أو الطائفيّة "(3).

ويقول هذا المستبصر أيضاً حول أهمّية لمّ شعث الأمّة وسبل تحقّقه:

" فنحن بأشدّ الحاجة إلى لمّ شعث الأمّة، ونحن بحاجة إلى عقد مؤتمرات إسلاميّة تأخذ على عاتقها العمل من أجل الوحدة الإسلاميّة وتقف وقفة واعية ومسؤولة من قِبل أصحاب العقول المفكّرة العاملة وأصحاب الأقلام الشريفة لتعمل دون كلل من أجل أن نتوحّد ونرفع أصواتنا عالية في وجه كل من يحاول أن يزرع الحقد والمعرفة

____________

1- الأنبياء: 92.

2- معتصم سيّد أحمد/ حوارات: 9.

3- هشام آل قطيط/ وقفة مع الدكتور البوطي في مسائلة: 12.


الصفحة 327
ويؤجّج النار كلّما حاولنا إطفاءها.

فإنّي أدعو جميع أعلام المسلمين ومفكّريهم في العالم أن يعملوا بجد لعقد مؤتمرات إسلاميّة تكافح الفرقة والبغضاء والشحناء وتعمل على تأليف قلوب المسلمين آخذةً على عاتقها ومتمسّكة بقوله تعالى في كتابه الكريم: ( واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وِلا تِفَرَّقُوا واذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُم إذ كُنْتُم أَعدَاءاً فألّفَ بَينَ قُلُوبِكُم فَأصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخْوَانَاً) فلماذا كل هذه الحملات المسعورة..؟

لماذا كل هذه الأقاويل.. والنزاعات.. والصراعات.. والعصبيّات..؟ لماذا..؟ ألئن هناك فرقة إسلاميّة كبيرة إعتنقوا مذهب أهل البيت (عليهم السلام) هذا هو الذنب العظيم.. هذا هو الذي أقام الدنيا وأقعدها.. حق معكم.. لأنّها الفرقة المحقّة.. والحق كما يقال مرّ، وكما قال الإمام علي (عليه السلام): (إنّ الحقّ لم يترك لي صاحب) فلذلك نحن هكذا.. ونسأل الله أن يأخذ بيد العلماء العاملين للإسلام من كلّ المذاهب ما يحقّق لنا الأصحاب العاملين من أجل الحقّ والوحدة الإسلاميّة والله من وراء القصد "(1).

ويقول هشام آل قطيط خلال دعوته من الأمّة الإسلاميّة إلى الاهتمام بالوحدة:

" علينا أن نرصّ الصفوف ونتوحّد فوق الخلافات المذهبيّة، ولا شك أنّنا بكفاحنا الإسلامي نستطيع إحباط خطط الأعداء التي ترمي إلى التفريق بين المسلمين. إنّه لا خير في وجود التنوّع المذهبي، وليس بوسعنا إلغاؤه، والذي يجب أن نعمل على إيقافه ومنعه هو استغلال هذا الوضع لصالح المغرضين "(2).

ويقول ياسين المعيوف البدراني حول سبب اهتمام المسلمين بالوحدة الإسلاميّة:

" الوحدة الإسلاميّة أمنيّة كبرى للمسلمين جميعاً يسعون جاهدين لتحقيقها إيماناً منهم أن في التماسك قوّة وعزّة ومنعة، لكن الطريق صعبة وعسيرة وليست بالأمر

____________

1- المصدر السابق: 259ـ260.

2- هشام آل قطيط/ حوار ومناقشة كتاب عائشة أمّ المؤمنين للدكتور البوطي: 339.


الصفحة 328
السهل اليسير مادامت العقول مربوطة إلى بيئة معيّنة وإلى دراسات خاصّة ومطالعات محدودة ضيّقة وبعيدة عن فهم جوهر الإسلام.

وسنبقى كذلك مادام عند الكثير منّا خوفٌ من قول الحقّ، خوفٌ من إظهار ما في النفوس وتستّر على كلمة الحقّ فلا يطلع واحدٌ منّا على ما عند الآخر ويبقى كلٌّ منّا مجهولاً عند أخيه غامضاً في عقيدته ورأيه وقد يحمله محامل سيّئة لا يكون قاصداً إيّاها، لذلك نحن نريد أن يكون للحقّ حوار وللحقيقة تبيان وإظهار بغير إفراط وتفريط "(1).

ويقول هذا المستبصر أيضاً حول أهمّية الوحدة بين المسلمين:

" نحن بأمسّ الحاجة إلى الوحدة بين المسلمين، لنستطيع أن نسلك الطريق السويّة وأن نزيل عن طريقنا تلك العقبات المؤلمة "(2).

ويدعو هذا المستبصر أيضاً أن تغتنم الأمّة الأجواء الموفّرة لها حاليّاً لجمع الكلمة ونيل ثمارها ومعطياتها الغنيّة، فيقول:

" نحن اليوم في زمن تقشعت عن أبصار أهله غياهب القسوة وأشرقت شموس الفضل من وجوه أهل الفضل لإزالة الجفوة والفجوة، ولم يبق إلاّ أن نشرع أقلامنا لنزيل الفرقة ولنجمع الكلمة ولنوالف ما بين الأفئدة ولنرفع منارة الوحدة ولنبيّن الخطر القاتل الذي يزرعه في ما بيننا أهل التنابذ والتخاصم والتعصّب والفرقة، يجب أن ننفض غبار التخلّف المتراكم وغبار الانحطاط، لأنّ ديننا الكريم لا يقوم إلاّ على دعامتين: كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة "(3).

ويقول مصطفى خميس حول حاجة المسلمين إلى التوحّد:

" إنّ المسلمين اليوم بأشدّ الحاجة إلى التوحّد، ونبذ الفرقة والانقسام، وأيّة دعوة

____________

1- ياسين المعيوف البدراني/ ياليت قومي يعلمون: 65.

2- المصدر السابق: 101.

3- المصدر السابق: 55.


الصفحة 329
هدّامة... لا تزيدنا إلاّ تباعداً وتباغضاً وانقساماً، وهذا ما يبغيه أعداء الإسلام "(1).

ويقول أحمد حسين يعقوب في هذا المجال:

" فإن وحدّة الأمّة الإسلاميّة، أمنية غالية على قلب كل مسلم صادق، وهدف عام مشترك يسعى لتحقيقه الذين آمنوا في مشارق الأرض ومغاربها، وفضلاً عن هذه الوحدة فريضة ربّانيّة أوجب الله تعالى على المؤمنين إقامتها، فقد أجمعت وحدة الأمّة الإسلاميّة ضرورة تقتضيها مصلحة المسلمين، وتفرضها ضرورات وجودهم للوقوف أمام زحف الطامعين بأرضهم، وخيراتهم، وبعدّتهم عن دينهم، ثمّ إنّ وحدة الأمّة الإسلاميّة هي الإطار الأمثل لإحساس الأفراد المسلمين بكرامتهم وتمييزهم وبرسالتهم العالميّة "(2).

ويقول هذا المستبصر حول المفاسد العظمى التي تنتج من تفريق الأمّة وتشتيت وحدتها:

" إذا كانت وحدة الأمّة الإسلاميّة فرضاً، فإنّ تفريق وفرقة الأمّة الإسلاميّة جريمة كبرى ومفسدة عظمى تترتّب عليها مئات المفاسد، فهي تعطّل الأمّة كشخص اعتباري عن القيام بكل أدوارها و واجباتها، وتؤدّي إلى التنازع والفشل وذهاب الريح والهيبة وتعميق كل ذلك وترسيخه، فيتفرّق المسلمون بعد وحدة، ويختلفوا بعد انسجام ويتحولون إلى شيع متباعدة متباغضة ومتناحرة وأحزاب متنافرة، يلتهي كلّ حزب بما لديه، وتزعم كلّ فئة أنّها على الحقّ المبين، وغيرها على الباطل، مع أنّه لا يوجد إلاّ حقٌّ واحد، وباطل واحد، ولو كانوا جميعاً على الحقّ لاتّحدوا تحت راية الحقّ الواحدة، ولكنّهم لأنّهم على الباطل، كرهوا ما أنزل الله، فاتّبعوا أهوائهم واختلفوا، وكانوا مثل المشركين، فالأهواء متعدّدة الأبواب، فدخلت كلّ فئة مشركة في باب

____________

1- مصطفى خميس/ شبهات وحقائق: 16.

2- أحمد حسين يعقوب/ الخطط السياسيّة لتوحيد الأمّة الإسلاميّة: 9ـ10.


الصفحة 330
والذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً وأحزاباً نسجوا على منوال المشركين، ودخلوا أبواب الهوى كما دخل المشركون من قبلهم.

قال تعالى: ( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشِلُوا وَتَذْهَب رِيحُكُم)(1)، وقال جلّ جلاله: ( وَلا تَكُونُوا مِنَ المُشرِكِينَ * مِنَ الّذينَ فَرّقُوا دينَهُم وَكَانُوا شِيَعاً كلُّ حِزْب بِمَا لَدَيْهِم فَرِحُون)(2)"(3).

ويقول أحمد حسين يعقوب حول السبيل لنيل الوحدة الإسلاميّة:

" الأمّة الإسلاميّة تقف على مفترق الطرق، فإما أن تعود إلى الشرعيّة الإلهيّة فتتّحد كثمرة لهذه العودة، أو تبقى فريسة للاهواء والمطامع، وكثمرة لذلك تبقى مختلفة متفرقة منقسمة إلى شيع وأحزاب، كل حزب بما لديهم فرحون، تتسلّق على حبل الدين للوصول إلى السلطة أو المشاركة فيها أو الحصول على بعض مغانمها ترقص فوق الجماجم والأشلاء، وتدّعي العافية، بالوقت الذي تحيا فيه هذه الأمّة تحت وطأة ظلمات متراكم بعضها فوق بعض، إذا أخرجت يدك لم تكد تراها.

فالأمّة الواحدة أصبحت عشرات الأمم، ودولة الإيمان تحوّلت إلى عشرات الدول، وأرض الإسلام استبيحت تماماً وتحوّلت إلى مائدة تتداعى عليها الأمم الكافرة، وتعطّلت هذه الأمّة تماماً عن القيام بدورها الرئيسي المتمثّل بإنقاذ الجنس البشري، فكيف تدعو بدعوة الإسلام بالوقت الذي تنبذ فيه الإسلام من وراء ظهرها؟

وكيف تنقذ العالم وهي عاجزة عن إنقاذ نفسها؟ لقد رضيت هذه الأمّة أو تراضت بالسير متسكعة ومتلكعة في ذيل القافلة الدوليّة، لا يحسب لها حساب ولا يقام لها وزن، بل تحوّلت إلى ألعوبة بيد دول الكفر "(4).

____________

1- الأنفال: 46.

2- الروم: 31ـ32.

3- أحمد حسين يعقوب/ الخطط السياسيّة لتوحيد الأمّة الإسلاميّة: 227.

4- المصدر السابق: 229.


الصفحة 331
ويقول عاطف سلام حول خطورة عدم اهتمام المسلمين بالوحدة فيما بينهم:

إنّ على الإسلاميّين الواعين ـ وبخاصّة أهل العلم والأكابر ـ أن يبذلوا كافّة الجهود، بما تصل إليه إمكاناتهم، في العمل على تهيئة المناخ المناسب من أجل قيام وحدة إسلاميّة شاملة ينضوي تحت لوائها جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها حتى تحقّق الأمّة أهدافها المصيريّة وتستعيد أمجادها التليدة التي تحطّمت على صخور الفرقة والتبعثر.

إنّ أعداء الإسلام حريصون ـ قدر طاقاتهم ـ على بثّ بذور التفرّق والتناقض في صفوف المسلمين، وإقامة الحواجز النفسيّة وإشاعة سوء الظنّ بينهم حتى يظلّوا على حالهم التي وصلوا اليها نتيجة انقسامهم وتفرّقهم.

يجب ألاّ نترك لهم الفرصة لتحقيق أغراضهم أو نفسح لهم المجال لتنفيذ مكائدهم ومخطّطاتهم، بل ينبغي أن نظلّ ماثلين في الساحة، نوضّح المفاهيم الصحيحة، ونزيل اللبس والغموض، ونزيد من درجة الوعي والثقافة عند جماهير الأمّة "(1).

التيّارات المعادية للوحدة الإسلاميّة:

تشهد ساحتنا الإسلاميّة على الرغم من الأهميّة التي تمتلكها الوحدة الإسلاميّة تيّارات مضادّة شنّت حملات دعائيّة وتضليليّة هدّامة من أجل العبث بالوحدة الإسلامية وتعويق حركتها وهدم بنائها في أوساط الأمّة.

ويشير صالح الورداني إلى هذا الأمر قائلاً:

" إنّ تتبّع تاريخ دعوة الوحدة الإسلاميّة يكشف لنا أنّ السياسة تسبّب في تعويق هذه الدعوة بل وفي قتلها، كما يكشف لنا أنّ ظهور المد الوهّابي ورسوخه بين التيّارات الإسلاميّة المعاصرة قد أسهم إلى حدّ كبير في ضرب هذه الدعوة

____________

1- عاطف سلام/ فقهيّات بين السنّة والشيعة: 97ـ98.


الصفحة 332
وإجهاضها "(1).

ويقول إدريس الحسيني حول العقبات التي لاقاها مشروع الوحدة الإسلاميّة:

" ففي الوقت الذي بدأت أصوات الوحدة ترتفع في دنيا المسلمين.. و وصل العقل المسلم إلى رشده في نبذ كل شقاق وشتات وفتن.. ليتوحّد على كلمة الإسلام في مشتركاته التي تعتبر أصولاً في الدين الإسلامي برزت أصوات صنعتها البداوة وصقلتها بمدى التوهّب لتقف ـ بصلافة ـ ضدّ المشروع الذي لم تستوعبه بذهنها المتعصّب، وطال بوقها في التشكيك بنوايا القيمين عليه "(2).

ويقول هذا المستبصر أيضاً:

" لقد سعى زعماء الوهّابيّة إلى محاربة فكرة التقريب، والتحريض على كل مشروع يسعى إلى لمّ شعث المسلمين، وجمع فرقهم.. واستخدموا أحطّ أنواع الكلام وأخسّ العبارات في التشكيك بنوايا أهل التقريب، وأصدروا فتاوي تحرّم الدنوّ من الشيعة حتى في قضايا الإسلام المصيريّة "(3).

ويقول هشام آل قطيط حول الذين يجعلون دوماً بعض الحواجز أمام الوحدة الإسلاميّة:

" إنّ نفس المواضيع والشبهات تتكرّر وتعاد منذ العصور المنسحقة وحتى عصرنا الحاضر، كلّما حاولنا إخمادها التهبت لتحرق ما حولها، وكلّما حاولنا التقارب والتوحّد في الصفّ الإسلامي تثار شبهات ومواضيع متكرّرة أكل الزمان عليها وشرب، يجعلون منها البعض حواجز مصطنعة للتباعد والتفرقة ولقد عمد الكثير منهم لتكرار هذه الشبه والتركيز عليها بشكل مقصود ومتعمّد ليثيروا النزاعات والصراعات بين أبناء الأمّة الإسلاميّة.

____________

1- صالح الورداني/ عقائد السنّة وعقائد الشيعة التقارب والتباعد: 217.

2- إدريس الحسيني/ هكذا عرفت الشيعة: 7.

3- المصدر السابق: 139.


الصفحة 333
وسوف يبقى هذا الصراع متأجّجاً ومحتدماً في أمّتنا الإسلاميّة مادامت هناك أقلام مأجورة وعقول غير مسؤولة و واعية لما يحيط بنا في هذه المرحلة الصعبة والحرجة، والمستفيد الأوّل منها هو الاستعمار الذي يصرف بلايين الدولارات لخلق هكذا أجواء مشحونة بالنزاعات والصراعات والعصبيّات "(1).

ويعاتب التيجاني السماوي أصحاب التيّار المخالف للوحدة الإسلاميّة من أهل السنّة: قائلا:

" ألم يقل رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما جاء في الذكر الحكيم: ( قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوا إلى كَلِمَة سَوَاء بَيْنَنا وَبَينِكُم)(2).

فإن كانوا من أهل السنّة حقّاً، فلينادوا إخوانهم من الشيعة إلى كلمة سواء بينهم.

وإذا كان الإسلام ينادي أعداءه من اليهود والنصارى إلى كلمة سواء للتفاهم والتآخي، فكيف بمن يعبدون إلهاً واحداً ونبيّهم واحد وكتابهم واحد وقبلتهم واحدة ومصيرهم واحد!

فلماذا لا ينادي علماء أهل السنّة إخوانهم من علماء أهل الشيعة ويجلسون معهم حول طاولة البحث، ويجادلونهم بالتي هي أحسن ويصلحون عقائدهم إن كانت فاسدة كما يزعمون؟

لماذا لا يعقدون مؤتمراً إسلاميّاً يجمع علماء الفريقين وتطرح فيه كل المسائل الخلافيّة على مسمع ومرأى من كل المسلمين حتى يعرفوا وجه الصواب من الكذب والبهتان؟

وخصوصاً وأنّ (أهل السنّة والجماعة) يمثّلون ثلاث أرباع المسلمين في العالم، ولهم من الإمكانات المادّية والنفوذ لدى الحكومات ما يجعل ذلك عندهم سهلاً

____________

1- هشام آل قطيط/ وقفة مع الدكتور البوطي في مسائلة: 259.

2- آل عمران: 64.


الصفحة 334
ميسوراً إذ يملكون الأقمار الصناعيّة.

ولأنّ (أهل السنّة والجماعة) لا يعملون لمثل هذا أبداً، ولا يريدون المواجهة العلميّة التي ينادي بها كتاب الله المجيد بقوله: ( قُلْ هاتُوا بُرهَانَكُم إنْ كُنْتُم صَادِقِينَ )(1).

( قُلْ هَلْ عِنْدَكُم مِن عِلْم فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إنْ تَتَّبِعُونَ إلاّ الظَنَّ وإنْ أَنْتُم إلاّ تَخرُصُونَ )(2).

ولذلك تراهم دائماً يلجأون إلى السبّ والشتم والتكفير والبهت والافتراء وهم يعرفون بأنّ الحجّة والدليل مع خصومهم الشيعة.

وأعتقد بأنّهم يخافون أن يتشيّع أكثر المسلمون إذا ما كُشفت الحقائق، كما وقع بالفعل لبعض العلماء الأزهريّين في مصر الذين سمحوا لأنفسهم بالبحث عن الحقّ فأدركوه واستبصروا ونبذوا ما كانوا عليه من عقيدة (السلف الصالح).

فالعلماء من (أهل السّنة والجماعة) يدركون هذا الخطر الذي يهدّد كيانهم بالذّوبان، فاذا أعيتهم الحيلة وصل الأمر بالبعض منهم أن حرّم على أتباعه ومقلّديه أن يجلسوا مع الشيعة أو يجادلونهم أو يتزوّجوا منهم أو يزوّجوهم أو يأكلون من ذبائحهم.

ويُفهم من موقفهم هذا بأنّهم أبعد ما يكونون عن السنّة النبويّة، وهم أقرب ما يكونون من سنّة بني أميّة الذين عملوا بكلّ جهودهم على إضلال الأمّة المحمّديّة بأيّ ثمن، لأنّ قلوبهم لم تخشع لذكر الله وما نزل من الحقّ ودخلوا في الإسلام وهم كارهون.

وهذا ما عبّر عنه إمامهم معاوية بن أبي سفيان الذي قتل خيار الصحابة من أجل

____________

1- البقرة: 111.

2- الأنعام: 148.


الصفحة 335
الوصول إلى الحكم فقط، فقد قال في أوّل خطبة له:

(إنّي لم أقاتلكم لتصلّوا ولا لتصوموا ولا لتحجّوا، وإنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون).

وصدق الله إذ يقول: ( إنّ المُلُوكَ إذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ)(1)"(2).

ويقول ياسين المعيوف البدراني حول وجوب توفير الأجواء والأرضيّة الروحيّة والسياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة المناسبة لنموّ الوحدة الإسلاميّة:

" إنّنا نأمل ونطلب من كلّ مسلم يحب الوصول إلى الحقيقة ونصرتها، ويحب أن يعرف دينه المعرفة الحقّة، أن يوقف نفسه على خدمة الإسلام والمسلمين، وأن يعمل جاهداً ليساهم في سدّ الثغرات بين الطوائف الإسلاميّة ولنزع ونبذ التعصّب الذي ساعد على تسلل أصابع المتشرّقين القذرة المغرضة التي ليس لها من هدف إلاّ توسيع الخلاف بين المسلمين "(3).

ويقول محمّد أحمد خير خلال دعوته كلّ المخلصين لتحقّق هذا الأمل الكبير الذي يعيش في نفسه:

" إنّني أدعوا كلَّ المخلصين... إلى إعلان كلمة الوحدة والتفاهم بين المسلمين عن طريق التركيز على الأسس التي يشترك فيها كلُّ المسلمين والوقوف بوجه كل دعوة ضآلّة تريد أن تفرّق الصفوف "(4).

ويقول حسين الرجاء حول هذا الهدف الحيوي والهام:

" أيّها الإخوة المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها.

____________

1- النمل: 34.

2- محمّد التيجاني السماوي/ الشيعة هم أهل السنّة: 65ـ66.

3- ياسين المعيوف البدراني/ ياليت قومي يعلمون: 98.

4- محمّد أحمد خير/ براءة الشيعة: 80.


الصفحة 336
كبرت كلمة لا مسؤولة تخرج سوداء يجب أن تموت غير مرغوب فيها ولا مأسوف عليها أورقت خلط الأوراق واثمرت عقاب الأبرياء وكفّرت المؤمنين، فتولد عنها نصب الحواجز بين المسلمين، فهي تحمل في طيّاتها بذور التشتّت والتمزّق!!

وها هي سنن التاريخ البشري تشهد، فكم من أمم بادت وعقائد اندثرت وحضارات ذابت ومواريث خطيرة وصالحة للاستمرار أهملت فتلاشت، وكم من خلاف واختلاف حلّ و رحل ودساتير وقوانين غيّرت وبدّلت، وها هنا نحن المسلمين لم نحافظ على ميراث أو ثروة أو تراث أكثر ممّا حافظنا على الخلاف والاختلاف وبالتالي التشتّت والتمزّق في الوقت الذي أصبحت وحدة المسلمين ضرورة ملحّة أكثر من أيّ وقت مضى، وها هي الأمم تتداعى علينا كعرب ومسلمين كما تتداعى الآكلة إلى قصعتها كما أخبرنا وحذّرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)فاستمعوا إلى نداء الله، فالله ينادينا: ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(1) وفي نداء آخر يبيّن الآثار السلبيّة للتفرّق والنزاع ( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشلُوا وَتَذْهَب رِيحُكُم)(2)"(3).

وعموماً فإنّ الكثير من المستبصرين يطلبون من أبناء الأمّة الإسلاميّة أن يتحلوا بالنوايا الصادقة والعزائم الأكيدة، ليتمكّنوا من بلوغ هذا الهدف المبارك، لأنّ الإنسان لا يبلغ هذا الهدف إلاّ من خلال عدم الخضوع للأهواء والعصبيّات والتحلّي بالنوايا المبرأة من الهوى والنقيّة من شوائب الجاهليّة.

آراء المستبصرين حول الوحدة الإسلاميّة الصحيحة:

إنّ المستبصر المتحوّل من المذهب السنّي إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام)يعي أكثر من غيره المعنى الصحيح للوحدة الإسلاميّة بين السنّة الشيعة، لأنّه عاش في أوساط

____________

1- آل عمران: 103.

2- الأنفال: 46.

3- حسين الرجاء/ دفاع من وحي الشريعة: 47.


الصفحة 337
المجتمع السنّي، وتعرّف بعد ذلك على الشيعة، فلهذا يكون أقدر من غيره على تبيين الطرق المؤدّية إلى الوحدة الإسلاميّة بين السنّة والشيعة.

وإليك فيما يلي نصوص أقوال جملة من المستبصرين حول التعريف الصحيح للوحدة الإسلاميّة.

يقول إدريس الحسيني:

" إنّ الوحدة الإسلاميّة، ليس معناها تجميد الخلاف بإضماره وتأجيله، ليكون كنزاً محفوظاً تتوارثه الأجيال اللاحقة مثلما ورثناه عن أسلافنا.. إنّ نضجاً كهذا لابدّ أن نسعى إليه حتى يتولى العلماء مسؤوليّة البحث في الخلافات التي لن يزيدنا السكوت عنها سوى تأجيجاً لها.

فالوحدة الإسلاميّة ليست هي موقف الاحتواء المذهبي، ولا تأجيل النظر في أزمتنا التراثيّة، إنّما هي وحدة تهدف تبديد ما صنعه السابقون وأورثونا إيّاه. وأعتقد أنّ ذلك له صلة بنضج المجتمعات المسلمة، ونضج علمائنا ودعاتها الذين لا يزالون إلى اليوم عاجزين من استيعاب الاختلاف وسلوك سبيل الحوار "(1).

ويضيف هذا المستبصر:

" الخطابات والمطارحات التي قدّمت في إطار جمعيّة التقريب، أبانت عن تطلّع حقيقي من أبناء المذهبين إلى التوحّد في إطار ما بينهم من مشتركات، ونبذ ما من شأنه إثارة الفرقة والخلاف.

ولا أحد ينكر جهود العاملين من كلتا المدرستين، من أجل تحرير هذا النزاع التاريخي، وإيجاد أرضيّة حواريّة، تمكّن من التقريب بين الإخوة الأعداء، والدفع بهم إلى حيث الواجب والمسؤوليّة في تحقيق هذه الوحدة التي ظلّت حلم الإسلام والمسلمين منذ دبّ فيهم الخلاف وتملّكتهم الفتن.

____________

1- إدريس الحسيني/ هكذا عرفت الشيعة: 204ـ205.


الصفحة 338
وقد ظهر في خضم هذا النقاش، ثلاثة اتّجاهات في مفهوم الوحدة المتوخّاة في حياة المسلمين المعاصرة:

1 ـ اتّجاه احتوائي يرى أنّ الوحدة تتمّ بتذويب المذاهب الأخرى في مذهب واحد.

2 ـ اتّجاه نبذ الخلافات والتوحّد على المصلحة العليا للمسلمين والأصول المشتركة وتجميد الخلاف التاريخي.

3 ـ اتّجاه ما يمكن أن ننعته بالتكفير، وهو الذي لا يرى أنّ هناك أيّ مجال للقاء والحوار أو الالتقاء.. فهو اتّجاه يرى أنّ الوحدة موجودة وهي التي تتمثّل في مذهبه ويعمل على إقصاء الأطراف الأخرى.

وقد تبيّن، أنّ كل هذه الإتّجاهات مع تفاوت في الرؤية ومستوى النضج، لم تكن تعبّر عن مفهوم الوحدة الإسلاميّة.

فما يؤخذ على الاتّجاه الأوّل الاحتوائي الذي يرغب في تذويب المذاهب في مذهبه الخاص، هو أنّه اتّجاه متفائل ومثالي، فهو يطمح إلى مافشل فيه المسلمون عبرة قرون من الزمان. وهو يمثّل موقفاً غير موضوعي، ينطلق بخلفيّة حواريّة لا تترك للآخر إمكانيّة الإقناع الإيجابي.

أما الاتّجاه الثاني، فهو اتّجاه متفائل أيضاً، ويملك شيئاً من النضج بحيث يدرك مدى فشل المواقف الاحتوائيّة، فهو يحاول استثمار الواقع الإسلامي على تعدّديّته في سبيل تحمّل المصير المشترك للمسلمين، إلاّ أنّه لا يقدّم مشروعاً واضحاً فيما يتعلّق بالمعرفة الإسلاميّة، من حيث هي مجال لتحدّيات أخرى، تتطلّب حسماً معرفيّاً.

ولسنا بعد ذلك في حاجة إلى الحديث عن الإتّجاه الثالث وهو الاتّجاه الاقصائي، لأنّه لا يحمل أيّ مبرّر معقول في موقفه الهجومي، فهو أحد مظاهر أزمة الأديان والإيديولوجيّات جميعاً.

إنّ الوحدة الإسلاميّة هي بالدرجة الأساس مطلب معرفي قبل أن يكون سياسيّاً،


الصفحة 339
لأنّ الأمّة التي تتجلّى فيها وحدة الحقيقة، حتماً ستكون أمّة موحّدة! فاذا ما استطعنا تجميد الخلاف وتأجيل الأزمة، لأهداف نعتبرها عُليا، فان ذلك لم يقدم الأمة خطوة واحدة على طريق الوحدة الحقيقيّة، مادام أنّ المعرفة تعاني أزمة مُزمنة، ومادام أنّ تأجيل الأزمة لا يعني نسيانها أو إنهاءها، بل إنّه يعني توريثها للأجيال المقبلة، إلى جانب ما سنورّثها إيّاه من مشاكل وأزمات بمزيد من التراكم والتحريف.

ومع أنّ الوحدة المعرفيّة لا طريق اليها إلاّ بالبحث والدراسة والحوار والإقناع، فإنّ هذا الأمر من وظيفة النخبة العالمة، بإمكانها أن تواجه هذه المشكلات بكثير من النضج والاستيعاب والتفهّم، وذلك عبر مؤسّسات للحوار وبحث قضايا الخلاف.

ولا شك أن قضيّة كهذه لها علاقة بنضج المجتمعات، وليس بشيء آخر على الإطلاق.. لأنّ المجتمع الناضج يسمح بالتعدّديّة والتعايش مع الفكر المخالف مهما كان نوع وحجم هذا الاختلاف. وكما انّ القرن الواحد والعشرين يتّجه صوب التعدّديّة والتعايش وفكر الخلاف، فأيضاً يتّجه نحو نقد الحقيقة وتمحيص المعرفة بقوّة وإصرار.

إذا أمكننا أن نتوحّد، ونجعل التقارب إطاراً لبحث الخلاف بين الفرقاء، نستطيع أن نتوصّل إلى نتيجة إيجابيّة في إطار وحدة المسلمين.. ومن هنا فإن مشروع التقريب ينبغي أن يكون إطاراً لمعالجة قضايا مثل هذا النوع وليس مشروعاً بديلاً عن وحدة المسلمين التي يبدو أنّها أعمق بكثير مما يراه البعض بما أنّها تعبّر عن ضرورة معرفيّة "(1).

ويقول إدريس الحسيني أيضاً حول الذين اعتبروا كتابه (لقد شيّعني الحسين (عليه السلام)) ضدّ الوحة الإسلاميّة:

" أمّا الذين اعتبروا كتابي [لقد شيّعني الحسين] واقعاً ضدّ الوحدة، وباعثاً على

____________

1- المصدر السابق: 206ـ207.


الصفحة 340
الفتنة التاريخيّة. فماذا أقول لهم؟

إنّ عقلي لم يعد يفهم هذه الفلسفة الوحدويّة المجحفة، ولا ذائقتي بالتي تستسيغ هذه النعمة السياسيّة. أيّ وحدة هذه التي تقوم على مذبحة الحقّ؟! وأيّ فتنة بدأت وانتهت؟ كيف أسكت وأنا أرى مجاميعهم تعقد الجلسات وتؤلّف البحوث الطوال في تكفير أهل الولاية ومحاصرة المدّ العلوي.

لنعد فيما نعود إليه إلى طاولة المفاوضات التاريخيّة وبعقليّة نيّرة ومنهجيّة موضوعيّة.

وعلى كل حال فأنا لا أروم الفتنة ولا إعاقة الوحدة، وإذا كانت الفتنة هي أن أكشف عن وجه الحقيقة والوحدة هي أن أساهم في تعزيز الباطل، فنِعم الفتنة هي ونِعم الفرقة كانت! "(1).

ويقول صائب عبد الحميد حول دواعي التقريب بين المذاهب الإسلاميّة:

" إنّ التقريب ثمرة طبيعيّة للتصحيح، فكما لا يمكننا أن ننتظر ثمرة تنتج بلا شجرة، لا يمكننا كذلك أن ننتظر للتقريب وجوداً ومعنى دون أن نقطع أشواطاً هامّة على طريق التصحيح.

وكما أنّ جودة الثمرة و رونقها يتوقّف على مقدار العناية بالشجرة وتوفير أسباب نموّها وحفظها من الآفات، فكذلك هو المستوى المرجو من التقريب، فإنّه يتوقّف على المقدار المنجز من التصحيح ودرجة نقائه "(2).

ويقول عاطف سلام حول المعنى الصحيح للوحدة الإسلاميّة:

" ولا نعني بالوحدة الإسلاميّة أن يتخلّى كلّ ذي مذهب عن فكره واجتهاده الذي يطمئنّ إليه، بل نقصد من وراء ذلك إلى الوحدة في الموقف والتلاحم بين الصفوف

____________

1- إدريس الحسيني/ الخلافة المغتصبة: 10ـ11.

2- صائب عبد الحميد/ حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي: 20ـ21.


الصفحة 341
والتنسيق في العمل وبذل الجهود في مواجهة التحدّيات التاريخيّة والحضاريّة التي تواجه الأمّة وتكتنف مسيرتها وتحيط بها من كلّ جانب "(1).

ويقول سعيد السامرّائي حول نشاط السيد شرف الدين ومنهجه الصحيح في مجال التقريب بين المذاهب الإسلاميّة:

" وقد عرف عن السيد شرف الدين جهاده المتواصل من أجل التقريب بين أتباع الدين الواحد والمذاهب المتعدّدة، وكان منهجه في ذلك إثارة المشكلة وطرحها للبحث العلمي للوصول إلى الجواب الذي لا مفرّ منه ولا إشكال فيه، مما يزيل الأدران من القلوب ويحطّم ما يشاع هنا وهناك من مفتريات، الغاية منها توسيع الفجوة بين المسلمين.

وهذا المنهج ـ برأيي ـ خير ألف مرّة من ذاك المنهج الذي يدعو إلى تناسي المشكلة وكأنّها غير موجودة، ثمّ تعود الحال كما كانت عليه مع أوّل إشاعة يطلقها أحد المغرضين، والسبب في ذلك هو أن الأمور المُختلف عليها لم تدرس لحلّها والحقائق لم تتوضّح، في حين أنّه لو كان زيدٌ من الناس قد فهم وجهة نظر عمرو، أو قل عرفها على حقيقتها، فإنّه لا يمكن أن يكون صيداً سهلاً للإشاعات، لأنّه سيعرف ما إذا كانت صحيحة أو باطلة مقصودة لغرض خبيث "(2).

ويقول صائب عبد الحميد في معرض جوابه عن السؤال الذي مفاده:

(انّ مجرّد البحث أو التفكير في مثل هذا الموضوع، هو بمثابة نواة للفرقة والتمزّق وإثارة الخلافات المذهبيّة من جديد):

" إنّ قضيّة الوحدة بين المسلمين هي مسؤوليّة شرعيّة لا يمكن التعامي عنها وإغفالها، فقد أمر القرآن الكريم بحفظها أمراً صريحاً، فقال: ( واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ

____________

1- عاطف سلام/ فقهيّات بين السنّة والشيعة: 8.

2- سعيد السامرّائي/ حجج النهج: 5.


الصفحة 342
جَمِيعاً وَلا تَفَرّقُوا)(1).

وحذّر من تضييعها، وتوعّد على ذلك بأشدّ الوعيد، فقال: ( وَلا تَكُونُوا كالّذينَ تَفَرّقُوا واخْتَلَفُوا مِنْ بَعدِ مَا جَاءَهُم البَيّنَات وَأُولئِكَ لَهُم عَذَابٌ عَظيم)(2).

فالوحدة بهذا المستوى من الأهميّة، قضيّة يجب حمايتها والحرص عليها في كلّ قول وفعل، ولاشك في أنّ من تغافل عن ذلك فقد وقع في التقصير.

فمن المسلّم به إذن: أنّ الشارع المقدّس لن يرتضي لأحد أيّ عمل من شأنه أن يقدح بهذه المسؤوليّة الشرعيّة.

ولكن، من المسلّم أيضاً بين المسلمين أنّه جلّ جلاله لن يرتضي لعبده المكلّف أن تكون حجّته في تديّنه وإنتمائه المذهبي: ما وجد عليه آباءه!

إذن ليس أمام هذا العبد المكلّف المسؤول إلاّ أن يتعاهد مسؤوليّته بالبحث والدرس والتحقيق، على قدر استطاعته، ليكون قد اتّخذ موقفه، وحدّد التزامه عن وعي وإدراك حقيقيّين.

وإذا كان كذلك، فثمّة مسألة أخرى لابدّ من الإشارة إليها:

ففي منهج البحث العلمي: هل سيكون الباحث ملزماً تأييد وموافقة كلّ ما تتبنّاه المذاهب الإسلاميّة، على اختلافها؟

فينبغي له أن يكون ـ تحت عنوان حفظ الوحدة الإسلاميّة ـ مؤيّداً لكلّ الفروع والتفاصيل التي تعترض طريق البحث؟

إنّ شيئاً من هذا الإلزام سوف لا يبقي على أيّ معنى للبحث والنظر، بل سيبطلهما من الأساس. فالبحث العلمي إنّما يتوخّى الحقائق المجرّدة عن أيّة مواقف مسبقة، وأيّة اعتبارات أخرى تصرفه عن مساره، وهذا محال مع وجود ذلك الالتزام.

____________

1- آل عمران: 103.

2- آل عمران: 105.


الصفحة 343
فليس من الصحيح إذن أن نطالبه بموافقة الجميع، حتى فيما اختلفوا فيه، بحجّة تجنّب الخلاف والفرقة، بل إنّ فكرة كهذه ستكون مصدر أخطار على الوحدة بين المسلمين قد لايوازيها خطر يأتي من عمل عدائي مقصود!

لأنّ هذا الفهم يعني بالنتيجة: أنّ علينا أن نحتفظ بكلّ تلك الخلافات وبأسبابها ودواعيها أيضاً إلى الأبد، لأنّها كلّها كانت آراء رجال السلف ومواقفهم وحتى تلك التي أدّت إلى إثارة الحروب، وسفك الدماء، لأنّ كلّ أطرافها كانوا على الحقّ!

ألا يعني هذا أن من حقّنا اليوم، وفي كلّ عصر، أن نجدّد تلك النزاعات، وأن يقتل بعضنا البعض، ولا بأس علينا، لأنّ كلّ طرف منّا قد تمسّك بما نُقِل إليه عن بعض رجال السلف؟

وفي أحسن الأحوال، فإنّنا سنبقي على تلك الخلافات، وعلى جذورها حيّةً فينا ما حيينا، وليس هذا مجرّد فرض نفترضه، أو دعوى ندّعيها، بل هو الواقع الحاصل في هذه الأمّة.

فهل تمدّد الخلاف فينا وتوالت الانقسامات، إلاّ بسبب التمسّك بتلك الفكرة التي جعلت من نقاط الخلاف القديم محاور لتجمّعنا، وعناوين لانقساماتنا؟

وما زال الكثير منّا يدافع عن ذلك المبدأ، معتقداً بأنّ الدفاع عن الجميع هو السبيل الوحيد لتحقيق التقارب بين المسلمين!

وإنّه لأمر غريب حقّاً، فمتى كان التمسّك بأسباب الانشقاق هو الشرط الذي يضمن تحقيق الانسجام؟!

ولنتذكّر ثانيةً أنّ هذا هو واحدٌ من إيحاءات (الخوف من الهزيمة) الذي نعاني منه، وإلاّ أفلا يكون من دواعي الاستغراب أن تضيق صدورنا عن تتبّع النصّ الإسلامي الشرعي، والتمسّك به؟!

ذلك ونحن نعتقد جميعاً أنّ مسؤوليّتنا تتلخّص في حفظ هذا الدين الحنيف كما أراد الله ورسوله، بالتزام الموقف الحقّ الثابت الذي لا غبار عليه، وحمايته سواءً وافق


الصفحة 344
ميول الأشخاص أو خالفها!

هكذا يتبيّن إذن أنّه لا يجوز استغلال شعار (الوحدة الإسلاميّة) للتخلّي عن مسؤوليّتنا الشرعيّة في التفكير الحرّ، وانتخاب الموقف عن وعي وبصيرة.

وكذا فليس من الصواب الاندفاع تحت ذريعة هذه المسؤوليّة لتعميق الخلافات المذهبيّة، وإغذاء النزعة الطائفيّة البغيضة، فهذه أيضاً مسؤوليّة شرعيّة ملقاة على عواتقنا بنفس الدرجة، ونحن مسؤولون عنها غداً: ( مُنِيبِينَ إلَيْه واتَّقُوهُ وأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِين * مِنَ الّذينَ فَرّقُوا دينَهُم وَكَانُوا شِيَعاً كلُّ حِزْب بِمَا لَدَيْهِم فَرِحُون)(1).

إنّ الوحدة بين المسلمين يجب أن تُفهم أنّها قضيّة رساليّة أساسيّة. فليست هي موضوعاً طائفيّاً يجمع المسلمين أمام الأمم الأخرى وحسب، ولا هي دعوى فوقية يراد منها التزلّف والتملّق فيما بيننا. ولم تكن في عرف التشريع السماويّ المقدّس هدفاً دنيويّاً مصلحيّاً مؤقّتاً، بل هي أكبر من ذلك كلّه، إنّها مسؤوليّة رساليّة بحجم هذه الرسالة، أريد لها أن تسود، كما أريد لها البقاء والخلود.

فما أحوجنا إلى أن ندرك واجباتنا في حفظ مجتمعنا الإسلامي النزيه، وتحقيق الانسجام والتآلف بين أفرادنا وفصائلنا، ومعالجة أسباب (هذه الفرقة التي لم تؤذ السنّي في مواجهة الشيعي فقط، ولا الشيعي في مواجهة السنّي فقط، ولكنّها كرّست تفتيت السنّي إلى عدّة مذاهب، وكرّست تفتيت الشيعي إلى عدّة مذاهب)(2).

إنّ اتّفاق المسلمين في قضاياهم المصيريّة ليكونوا أمّة واحدةً، ويداً واحدةً في مواجهة المسؤوليّات، وفي البناء الحضاريّ الإسلامي، وفي حفظ هذا الدين العزيز، والوقوف بوجه المخاطر والتحدّيات، هي من الأمور التي يجب حمايتها وإن اختلف

____________

1- الروم: 31ـ32.

2- من مقالة للدكتور فهمي الشناوي بعنوان (الفتنة الكبرى المعاصرة) نشرتها مجلّة العالم في عددها 336 من عام 1990 (صائب عبد الحميد).


الصفحة 345
المسلمون في انتماءاتهم المذهبيّة، أو تباينوا في وجهات النظر حول بعض القضايا، فليس هناك أيّ تناقض بين أن نكون أحراراً في تفكيرنا، وأن نكون متّفقين في قضايانا المصيريّة، ومعالمنا المشتركة.

وإذا كان هذا الهدف كبيراً وعظيماً فهو ليس مستحيلاً ولا مُستبعداً.

وحين تتوفّر لدينا الرغبة الصادقة في بلوغ هذا الهدف نكون قادرين على تبنّي المشروع الوحدويّ المتكامل الذي يستوعب جميع الخطوات الأساسيّة على هذا الطريق، والتي يمكن حصرها بما يلي:

أوّلاً: إزاحة الحواجز النفسيّة المتراكمة فينا، والتي لم ترتكز على دليل علميّ، ولا حجّة منطقيّة، ولا أساس من الدين الذي أمرنا الشارع المقدّس أن نتديّن به.

ثانياً: تحقيق المستوى الكافي من الوعي بمسؤوليّاتنا تجاه الإسلام والأمّة المسلمة.

ثالثاً: التوجّه نحو المبادىء المشتركة فيما بيننا ـ والتي تشكّل لوحدها كلّ العناصر الأساسيّة اللازمة لتحقيق أفضل مستوى من الاتّحاد بين المسلمين ـ كوحدة العقيدة بأركانها ومصادر التشريع الأساس وفروع الدين، وما لا يحصى من الأحكام التفصيليّة الأخرى، هذا مع إيماننا جميعاً بوحدة المصير.

إذ أنّ وحدة المصير ـ لوحدها ـ لو أخذناها مأخذ الجدّ، لأزاحت الكثير والكثير جدّاً من العقبات التي تحول دون تفاهمنا.

إنّ خطوات كتلك ستخلق التآلف الحقيقي، وهو التأليف بين القلوب كما يصفه الله تبارك وتعالى بقوله: ( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ)(1).

هذا بدلاً من أن نسوّد الصفحات العديدة بالنداءات الوحدويّة والعبارات الخطابيّة الرنّانة والألفاظ الأدبيّة الساحرة التي تصوّر درجة عظمى من الاتّحاد والتماسك ولكن قد لا تجد لها مصداقاً في القلوب.

____________

1- الأنفال: 63.


الصفحة 346
وفي أبسط لغة، ومع الحدّ الأدنى من البرهان، نقول: انّ كلاًّ منّا يشهد للآخرين بأنّهم مسلمون..

وبهذه الشهادة وحدها يترتّب عليه أن يحفظ تجاههم كلّ حقوق المسلم على أخيه المسلم، والتي بيّنها الشارع المقدّس في عشرات، بل مئات النصوص من قرآن وسنّة:

فَدمُه، وعِرضه، وماله حرام، واغتيابه حرام، وبهتانه من الكبائر، وسبابه فسوق، وقتاله كفر، والغشّ له والغدر به جفاء مع الدّين كلّه، بل عليه أن يعيش معه كأعضاء الجسد الواحد، وأن يحبّ له ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لها، ولا يقبل فيه أقوال الوشاة والساعين في بثّ الفرقة والخلاف.

كلّ هذا، وكثير غيره، يعدّ من أوّليّات الأخلاق الإسلاميّة، وممّا يتعلّمه المسلم في أوّل حياته، وابتداءً من أبسط الحقوق: كإفشاء السّلام وعيادة المريض، وانتهاءاً بأكبرها: كالإيثار بالنفس.

فما بالنا ننسى كلّ هذا بمجرّد أن نختلف في مواردنا الفقهيّة؟!

ثمّ نجعل نقطة الخلاف هذه قِبلتنا التي إليها نتوجّه في أفكارنا واهتماماتنا وأحاديثنا في جلسات سمرنا، لتصبح فيما بعد مواقف سياسيّة وعقائديّة تفصل بيننا؟

ولماذا لا ندرك أنّ كلّ ماحصل في هذه الأمّة من انقسامات وتشعّب في الموارد، إنّما هو وليد الخلاف السياسي الذي ظهر مرّةً، ثمّ تهيّأ له أن ينمو بعد ما ظهر، وهو لأجل أن ينمو ويستمرّ، لابدّ أن يعتمد أساساً (شرعيّاً) وعليه فلابدّ أن يشقّ له مورده الفقهيّ المناسب، ولو تدريجيّاً، وعن غير قصد، ولكنّه سينمو بالنتيجة، ليكون مورداً مستقلاًّ له خصائصه وقواعده ودعائمه التي يقوم بها، وتميّزه عن غيره، وكلّما مضى في تعزيز بنيته، فقد تغلغل في البعد عن منبعه الأوّل!

وهكذا قل مع كلّ مورد أدخلت فيه السياسية أصابعها، حتى تحصّل في الواقع اتّجاهات متعدّدة، تتوغّل في البعد عن بعضها كلّما أرادت تدعيم حججها وإظهار


الصفحة 347
معالمها.

والحقيقة هي هكذا لو تبصّرنا فيها.

وأمام تلك الحقائق، فلا مفرّ من كوننا جميعاً على قدم سواء في المسؤوليّة، مسؤوليّة البحث والتحرّي والاستكشاف، ثمّ انتخاب الموقف الواعي، القويم غير المنحاز وغير المتطرّف. وكلّنا متساوون في الحاجة إلى مراجعة مواقفنا، ثمّ إعادة بنائها على أساس سليم "(1).

دور الحوار في تماسك الوحدة الإسلاميّة:

إنّ الحوار البنّاء هو الطريق الأمثل لإزالة اللبس وإلغاء الكثير من الشكوك والظنون العالقة في ذهنيّة كلّ طرف بالنسبة للآخر، لأنّ الحوار يؤدّي إلى وضوح الرؤية وتحقّق القدر المطلوب من التفاهم وإزالة العوائق والرواسب السلبيّة بين الطرفين، وهذا الأمر من شأنه أن يقلّص روح التباغض والحقد والكراهيّة في نفسيّة الطرفين المختلفين، لأنّ الغموض ـ عموماً ـ يؤدّي إلى زرع بذور الشكّ والتباعد بين الطرفين. ولهذا يقول إدريس الحسيني:

" أقول أنّ الحديث عن (السنّة والشيعة) ضرورة، لأنّ فيه تفويت للفرصة على تجّار الفرقة والطائفيّة، ليعرف بعضنا البعض بكلّ وضوح وجلاء "(2).

ويقول أيضاً عصام العماد في هذا المجال:

" إنّني أعتقد أنّ التقريب بين المسلمين لايمكن أن يتمّ إلاّ بالحوار الصحيح الذي يستخدم منهجاً سليماً.

إنّنا إذا لم نجدّد في أساليب الحوار بين المسلمين، ونتفنّن في صياغتها وإخراجها

____________

1- صائب عبد الحميد/ منهج في الانتماء المذهبي: 24ـ30.

2- إدريس الحسيني/ لقد شيّعني الحسين: 24.


الصفحة 348
من حالتها القديمة إلى حالة جديدة أكثر علميّة; فسوف لن يثمر الحوار تقريباً بين المسلمين، بل سوف يخلق بُعداً وتمزّقاً أكثر من ذي قبل "(1).

ويقول صائب عبد الحميد في كتابه (منهج في الإنتماء المذهبي) حول كتابه وأهميّة الحوار ودوره في تماسك الوحدة الإسلاميّة:

" ليس هو كتاباً مذهبيّاً يُراد منه تعميق الخلاف بين المسلمين، فما أحوجنا اليوم إلى كلمة تلمّ شملنا، وتؤلّف بين قلوبنا، وما أحرانا باجتياز الحواجز التي رُكزت بيننا.

ثمّ ما أشوقنا إلى لغة الحوار السليم التي تعيننا على ذلك، إذن لبلغنا المُنى ولاستوت مراكبنا، واجتمعت كلمتنا على ما تركه لنا نبيُّنا المصطفى (صلى الله عليه وآله)، فلا نضلّ بعده ولا نفترق أو نسلك سُبلاً شتى..

وإذا كانت هناك أسباب و دواع لما حصل بيننا من خلاف، فما أجمل أن نقف عليها بكلّ حياد وتعقّل، مدركين أنّ المهمّ في الأمر هو ظهور النهج الإسلامي الأصيل الحنيف، وليس غلبة هذا الاتّجاه، أو ذاك.. وأنّ اتّفاقنا على الحقّ الصّريح هو الذي سيضمن اجتماعنا "(2).

ويقول صائب عبد الحميد في كتابه (حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي) حول الشرط الذي ينبغي أنْ يتّسم به الحوار، ليكون مؤثّراً في تقوية بنية الوحدة الإسلاميّة:

" إنّما الحوار العلمي الموضوعي هو السبيل الوحيد إلى الحلّ الجذري، الذي يحفظ لهذه الأمّة هويّتها ويضعها على الطريق الصحيح في البناء الحضاري المنشود.

فهل كان قدراً على المسلمين ـ وحدهم، بحكم تمذهبهم ـ أن يُحرموا من فضيلة هذا الحوار العلمي لتبقى الذات الإسلاميّة ممزّقة، طعمةً لكلّ آكل؟! "(3).

____________

1- عصام العماد/ المنهج الجديد والصحيح في الحوار مع الوهّابيّين: 9.

2- صائب عبد الحميد/ منهج في الانتماء المذهبي: 11.

3- صائب عبد الحميد/ حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي: 15.


الصفحة 349
ثمّ يضيف قائلاً:

" هل نستطيع أن نقف أمام الحقائق والتاريخ وقفة حياد تامّ كما نقف أمام الظواهر الكونيّة والنظريّات العلميّة في الفيزياء والكيمياء والفلك وطبقات الأرض؟

لماذا نقف أمام العلوم التجريبيّة بحياد تام، فيما لانعرف شيئاً من ذلك الحياد تجاه المفاهيم الدينيّة والحقائق التاريخيّة؟

لم يكن السرّ في ذلك هو اختلاف طبيعة الحقائق الدينيّة والتاريخيّة عن طبيعة الحقائق التجريبيّة.

إنّما السرّ في أنّنا قد بَنينا مواقف مسبقة تجاه القضايا الدينيّة والتاريخيّة، وهذه المواقف المسبقة هي التي تتحكّم في طريقة تلقّينا للقضايا والحقائق.. بينما لم يكن شيء من ذلك تجاه القضايا التجريبيّة.

ومن مزايا هذه المواقف المسبقة أنّها أضفت صفة القداسة على كثير من المفاهيم والأشخاص، فوقفت هذه القداسة سدّاً منيعاً دون تقبّل أيّ حقيقة تصدمها أو لاتتلاءم معها! هذا مع أنّ المنهج الذي رسمه الإسلام للحوار والبحث العلمي قد ألغى أيّ نوع من القداسة على المفاهيم وعلى الأشخاص، وفتح أبواب البحث العلمي حتى حيال أقدس المبادىء والمفاهيم، ألا وهو مبدأ التوحيد.

فحين ردّ القرآن الكريم على الذين جحدوا مبدأ التوحيد لم يصدمهم أوّلاً بما لهذا المبدأ من قداسة، ولم يهوّل عليهم أمر التشكيك حتى أتى بالحجّة والبرهان القاطع:

قال تعالى: ( وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إله إذاً لَذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُم على بَعْض).

فبعد أن قدّم البرهان العلمي الثابت حقّ له عندئذ أن يبدي ما لهذا الأمر من قداسة، فقال: ( سُبْحَانَ الله عَمّا يَصِفُونَ * عَالِمُ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ فَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ)(1).

____________

1- المؤمنون: 91ـ92.


الصفحة 350
ومثل هذا الأسلوب جاء أيضاً في قوله تعالى: ( أمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنُ الأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ * لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلاّ اللهُ لَفَسَدَتَا) وبعد هذا البرهان القاطع قال: (فَسُبْحَانَ اللهِ رَبّ العَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ)(1).

أمّا النقاش في مبدأ المعاد واليوم الآخر فقد بسط القرآن الكريم فيه القول وفصّل وأجاب على الشبهات بأنواع شتى من البراهين، وكذلك الحال مع مبدأ النبوّة والكلام في صدق الأنبياء ورسالاتهم، ففي كلّ هذه المبادىء التي تمثّل أصول الدين، فلا دين إلاّ بها، لم يصدم القرآن المعاندين بالتهويل والتكفير حتى ساق الحجج ودافع عن هذه المبادىء والمفاهيم بالبراهين العقليّة القاطعة ليوقفهم على حقيقة واضحة وضوح البديهيّات التي لايتنكّر لها إلاّ معاند يعشق اللجاجة والجحود.

وكلّ شىء من العقائد الإسلاميّة هو دون هذه العقائد الثلاث بلا شكّ، وبلا أدنى خلاف.. إذن لنا كلّ الحقّ في مناقشة ماهو دون ذلك، ومعنا في حقّنا هذا القرآن والسنّة.

نحن نعتقد بعصمة القرآن وعصمة السنّة وبأنّ للتاريخ مساراً ما، ولكنّنا نعود فنرفض آراءنا المذهبيّة على القرآن، فتظهر له معان شتى و وجوه مختلفة وأهداف متناقضة!

ونفرض آراءنا المذهبيّة على السنّة، فتظهر وكأنّها سُنن شتى لاسنّة واحدة، ونرفض أهواءنا على التاريخ، فنصدّق منه ماوافقها، ونكذّب بما خالفها!

إنّ هذا يعني أنّنا في الحقيقة إنّما اعتقدنا بعصمة أهوائنا وآرائنا المذهبيّة، فجعلناها حاكمةً على كلّ شيء، لاعلى حقائق الأحداث فقط، بل على القرآن والسنّة أيضاً!! وهذا هو السرّ في نموّ النزاع واستفحاله وتفشّيه "(2).

ويشير التيجاني السماوي إلى هذه الحقيقة قائلاً:

____________

1- الأنبياء: 21ـ22.

2- صائب عبد الحميد/ حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي: 15ـ17.


الصفحة 351
" أقول لإخواني قول الله تعالى: ( يَا أيُّهَا الّذينَ آمَنُوا لا يَسْخَر قَوْمٌ مِن قَوْم عَسَى أنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُم وَلا نِسَاءٌ مِن نِسَاء عَسَى أنْ يَكُنّ خَيْراً مِنْهُنّ وَلا تَلْمِزُوا أنْفُسَكُم وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُِ الفُسُوقُِ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبّ فَأولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(1).

كما أتمنّى من كل قلبي أن يثوب المسلمون إلى رشدهم وينبذوا التعصّب ويتركوا العاطفة لتحلّ العقل محلّها في كلّ بحث، حتى مع أعدائهم وليتعلّموا من القرآن الكريم أسلوب البحث والنّقاش والمجادلة بالّتي هي أحسن، فقد أوحى إلى رسوله (صلى الله عليه وآله): بأنْ يقول للمعاندين: ( وَإنّا أَوْ إيَّاكُمْ لَعَلَى هدى أَوْ فِي ضَلاَل مُبِين)(2)فرسول الله (صلى الله عليه وآله)يرفع من قيمة هؤلاء المشركين ويتنازل هو ليعطيهم النصف حتى يُدلوا ببرهانهم وأدلّتهم إن كانوا صادقين، فأين نحن من هذا الخلق العظيم "(3).

ويقول معتصم سيّد أحمد:

" إنّ من واجب المسلمين وهم يعيشون في عصر العولمة، أن ينفتحوا على بعضهم البعض، ويتجاوزوا تلك العصور المظلمة من الاختلاف والتعصّب الأعمى، لكي تتلاقح أفكارهم وتتشكّل قناعاتهم بالأدلّة والبراهين عن طريق السِلْم لاالعنف، وبالحكمة والإقناع لا بالقوّة والإكراه.

ومن أهمّ الوسائل التي تفتح هذا الطريق الحوار الهادف البنّاء، بشتى أشكاله التي تشمل المناظرات والمطارحات والمراجعات، وقد أكّدت الآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة على هذا الأمر حيث فتحت الباب واسعاً أمام الحريّة الفكريّة، والحوار والتلافي الثقافي.

قال تعالى: ( ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبّكَ بالْحِكْمَةِ وِالمِوْعِظَةِ الحَسَنَة وَجَادِلْهُم بالَّتي هِيَ

____________

1- الحجرات: 11.

2- سبأ: 24.

3- محمّد التيجاني السماوي/ لأكون مع الصّادقين: 182.


الصفحة 352
أَحْسَن إنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بالمُهْتَدِين)(1)"(2).

التعريف بالمستبصرين

____________

1- النحل: 125.

2- معتصم سيد أحمد/ حوارات: 13.


الصفحة 353

التعريف بالمستبصرين(1)
المذكورين في هذا الكتاب


1 ـ أحمد حسين يعقوب:

مكان وسنة الولادة: الأردن، مدينة "جرش"، 1939 م.

المستوى الدراسي: حصل على الثانويّة العامّة في جمهوريّة مصر العربيّة، أكمل دراسة الحقوق في جامعة دمشق، ثمّ سجّل للدراسات العالية (دبلوم القانون العام) في الجامعة اللبنانيّة، ثمّ سجّل لدراسة الماجستير في جامعة الحكمة.

كان موظّفاً ومعلّماً وخطيب جمعة ورئيس بلديّة، وهو حاليّاً يعمل في مهنة المحاماة منذ 20 عاماً.

مؤلّفاته:

1) النظام السياسي في الإسلام.

2) نظريّة عدالة الصّحابة والمرجعيّة السياسيّة في الإسلام.

3) مرتكزات الفكر السياسي.

4) الخطط السياسيّة لتوحيد الأمّة الإسلاميّة.

5) طبيعة الأحزاب السياسيّة العربيّة.

6) الوجيز في الإمامة والولاية.

7) المواجهة مع رسول الله وآله.

8) مساحة للحوار من أجل الوفاق ومعرفة الحقيقة.

____________

1- المعلومات المذكورة في هذا الحقل (التعريف بالمستبصرين) مقتبسمة من " موسوعة من حياة المستبصرين" لمركز الأبحاث العقائديّة.


الصفحة 354
9) كربلاء الثورة والمأساة.

10) الهاشميّون في الشريعة والتاريخ.

11) أين سنّة الرسول وماذا فعلوا بها؟.

12) حقيقة الاعتقاد بالإمام المهدي.

13) الاجتهاد بين الحقائق الشرعيّة والمهازل التاريخيّة.

14) المرجعيّة السياسيّة في الإسلام.

2 ـ أحمد راسم النفيس:

مكان وسنة الولادة: مصر، مدينة المنصورة، 1952 م.

المستوى الدراسى: حصل على الثانويّة العامّة سنة 1970 م بمجموع مرتفع أهله لدخول كلّية الطبّ بمدينة المنصورة.

التحق في الجامعة، ثمّ تسلّم بعد ذلك رئاسة اتّحاد الطلبة لعامين متتاليين.

استبصر عام 1986 م.

مؤلّفاته:

1) الطريق إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام).

2) على خطى الحسين (عليه السلام).

3 ـ إدريس الحسيني:

مكان وسنة الولادة: المغرب، مدينة "مولاي إدريس"، 1967 م.

المستوى الدراسي: تلقى دراسته حتى الثانويّة بالمغرب، ثمّ استبصر فالتحق بالحوزة العلميّة بدمشق.

مؤلّفاته:

1) لقد شيّعني الحسين (عليه السلام).. الانتقال الصعب في رحاب المعتقد والمذهب.

2) الخلافة المغتصبة، أزمة تاريخ أم أزمة مؤرّخ.

3) هكذا عرفت الشيعة، توضيحات وردود.


الصفحة 355

4 ـ أسعد وحيد القاسم:

مكان وسنة الولادة: فلسطين، عام: 1965 م.

المستوى الدراسي: حاصل على البكالوريوس في الهندسة المدنيّة، والماجستير في إدارة الإنشاءات، والدكتوراه في الإدارة العامّة.

استبصر عام 1989 م.

مؤلّفاته:

1) تحليل نظم الإدارة العامّة في الإسلام (وهي رسالة في الدكتوراه).

2) حقيقة الشيعة الإثني عشرية.

3) أزمة الخلافة والإمامة وآثارها المعاصرة.

5 ـ حسن شحاتة:

مكان وسنة الولادة: مصر، بلدة "هربيط" التابعة لمركز أبو كبير بمحافظة الشرقيّة، 1946 م.

المستوى الدراسي: خرّيج معهد القراءات، وحاصل على شهادة الماجستير في علوم القرآن.

حفظ القرآن في سنّ الخامسة تقريباً، بدأ نشاطه الديني منذ صغره، أدخله أبوه في الأزهر، اعتلى المنبر للمرّة الأولى من حياته لخطبة الجمعة وهو دون الخامسة عشر.

6 ـ حسين الرجاء:

مكان وسنة الولادة: سوريا، قرية "حطة" التابعة لمدينة "دير الزور"، 1945 م.

استبصر عام 1984 م، ترك الطريقة القادريّة الصوفيّة بعد استبصاره، ثمّ التحق بالحوزة العلميّة في دمشق، وتلقى فيها الدروس الحوزويّة لمدّة سنتين، ثمّ تابع مسيرته الدراسيّة في الجامعة العالميّة للعلوم الإسلاميّة في لندن.

مؤلّفاته:

دفاع من وحي الشريعة، ضمن دائرة السنّة والشيعة.


الصفحة 356

7 ـ سعيد أيّوب:

مكان وسنة الولادة: مصر، القاهرة، 1948 م.

المستوى الدراسي: خاض بعد حصوله على شهادة المتوسّطة في عالم الفكر وأصبح مفكّراً إسلاميّاً، ألّف الكثير من البحوث في المجالات الدينيّة المختلفة.

استبصاره عام 1985 في القاهرة.

توفي سنة 1997 في القاهرة أثر مرض عضال، ودفن في كفر الشيخ بمحافظة المنوفيّة.

مؤلّفاته:

1) الأوائل في أحداث الدنيا وأخبار الآخرة.

2) الانحرافات الكبرى، القرى الظالمة في القرآن الكريم.

3) إبتلاءات الأمم، تأمّلات في الطريق إلى المسيح الدجّال والمهدي المنتظر (عليه السلام)في اليهوديّة والمسيحيّة والإسلام.

4) الطريق إلى المهدي المنتظر (عليه السلام).

5) الرساليّون، قراءة في أصالة الحجّة وتأمّلات في معالم التأويل وحكمة الابتلاء.

6) زوجات النبي، قراءة في تراجم أمّهات المؤمنين في حركة الدعوة.

7) عقيدة المسيح الدجّال في الأديان، قراءة في المستقبل.

8) في ظلال أسماء الله الحُسنى.

9) الظلّ الممدود في الصلاة على النبيّ وأهل بيته (عليهم السلام).

10) وجاء الحقّ.

11) معالم الفتن، نظرات في حركة الإسلام وتاريخ المسلمين.

8 ـ سعيد السّامرّائي:

مكان وسنة الولادة: العراق، مدينة سامرّاء، منتصف الخمسينات.

تشيّع بعد إتمامه للدراسة الجامعيّة، ثمّ هاجر إلى لندن تخلّصاً من جور النظام البعثي الذي كان متسلّطاً على زمام الحكم في العراق.


الصفحة 357

مؤلّفاته:

1) حجج النهج، المختار من نهج البلاغة.

2) الطائفيّة في العراق، الواقع والحلّ.

9 ـ صائب عبد الحميد:

مكان وسنة الولادة: العراق، مدينة "عانة" 1956 م.

المستوى الدراسي: حاصل على شهادة الليسانس في فرع الفيزياء.

باشر بعد التخرّج مهمّة التدريس في اختصاص الفيزياء في إحدى المدارس الثانويّة، ثمّ شاءت الأقدار الإلهيّة أن توفّر له الأجواء المناسبة في إيران، لارتقاء وعيه الديني، فانتهز الأستاذ صائب هذه الفرصة لمعرفة الحق.

مؤلّفاته:

1) منهج في الانتماء المذهبي.

2) إبن تيمية، حياته، عقائده.

3) تاريخ الإسلام الثقافي والسياسي، مسار الإسلام بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) ونشأة المذاهب.

4) حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي.

5) تاريخ السنّة النبويّة ثلاثون عاماً بعد الرسول (صلى الله عليه وآله).

6) إبن تيمية في صورته الحقيقيّة.

7) الزيارة والتوسّل.

8) الوهّابيّة في صورتها الحقيقيّة.

9) خلافة الرسول بين الشورى والنصّ.

10) علم التاريخ ومناهج المؤرّخين.

10 ـ صالح الورداني:

مكان وسنة الولادة: مصر، القاهرة، 1952 م.

خاض في عالم الفكر وأصبح مفكّراً ومؤلّفاً قديراً استطاع أن يُغني المكتبة العربيّة


الصفحة 358
من مؤلّفاته وبحوثه الإسلامية القيّمة.

عمل في مجال الصحافة والإعلام في مصر، وهو مؤسّس دار الهدف للإعلام والنشر في القاهرة.

استبصر عام 1981 م.

مؤلّفاته:

1) الحركة الإسلاميّة والقضيّة الفلسطينيّة.

2) الشيعة في مصر.

3) أهل السنّة شعب الله المختار، دراسة في فساد عقائد أهل السنّة.

4) زواج المتعة حلال عند أهل السنّة، محاكمة المنهج الفقهي عند أهل السنّة.

5) السيف والسياسة، الصراع بين الإسلام النبوي والإسلام الأموي.

6) الكلمة والسيف، محنة الرأي في تاريخ المسلمين.

7) المناظرات بين فقهاء السنّة وفقهاء الشيعة.

8) مدافع الفقهاء، التطرّف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف.

9) الخُدعة، رحلتي من السنّة والشيعة.

10) دفاع عن الرسول (صلى الله عليه وآله) ضدّ الفقهاء والمحدثين.

11) فقهاء النفط، راية الإسلام أم راية آل سعود.

12) الإمتاع.

13) فتاوى ابن باز.

14) عقائد السنّة وعقائد الشيعة، التقارب والتباعد.

15) الحركة الإسلاميّة في مصر، الواقع والتحدّيات، من الخمسينات إلى التسعينات.

16) مذكّرات معتقل سياسي، ثلاث سنوات تحت التعذيب.

17) مصر وإيران، صراع الأمن والسياسة.

18)الإمام علي (عليه السلام) سيف الله المسلول.

19) أزمة الحركة الإسلاميّة المعاصرة، من الحنابلة إلى الطالبان.


الصفحة 359

11 ـ صباح علي البياتي:

مكان وسنة الولادة: العراق، مدينة الموصل، 1953 م.

المستوى الدراسي: حاصل على شهادة البكالوريوس في قسم اللغة العربيّة من كلّية التربية في جامعة صلاح الدّين عام 1989 م.

استبصر عام 1993 م.

مؤلّفاته:

1) لا تخونوا الله والرسول، دراسة نقديّة لآراء الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب في كتابه "رسالة في الردّ على الرافضة".

2) الصحوة، رحلتي إلى الثقلين، (مخطوط).

3) حقيقة التشيّع.

4) التبرّك.

12 ـ طارق زين العابدين:

مكان الولادة: السودان.

لاح بصره خلال بحثه حول المذاهب الإسلاميّة نور معارف أهل البيت (عليهم السلام)، فاشتاق إلى نيل المزيد من هذه المعارف، فسافر إلى إيران والتحق بكلّية الإلهيّات والمعارف الإسلاميّة في مدينة مشهد المقدّسة.

ومن هنا تجلّت الحقائق التاريخيّة له، وتوصّل إلى قناعات جديدة لم تجعل له مجالاً للمساومة أو المماطلة، فاعتنق مذهب أهل البيت (عليهم السلام).

مؤلّفاته:

دعوة إلى سبيل المؤمنين.

13 ـ عاطف سلام:

مؤلّفاته:

فقهيّات بين السنّة والشيعة.


الصفحة 360

14 ـ عبد المحسن السراوي:

مكان وسنة الولادة: سوريا، قرية "سعدة" على نهر "الخابور" في محافظة "الحسكة" 1957 م.

المستوى الدراسي: تخرّج من كلّيّة الدعوة، فرع جامعة ليبيا بدمشق، عام 1983 م، ثمّ عمل رئيس لديوان الأوقاف في محافظة الحسكة وعضواً في مجلسها المحلّي.

انتسب بعد استبصاره إلى الحوزة العلميّة في دمشق عام 1986م.

مؤلّفاته:

1) القطوف الدانية في المسائل الثمانية.

2) فاطمة الزهراء (عليها السلام) في الأحاديث النبويّة.

15 ـ عبد المنعم حسن:

مكان وسنة الولادة: السودان، قرية "مسمار" 1969 م.

المستوى الدراسي: خرّيج كلّيّة الحقوق.

كان أبوه من المقرّبين لمرشد الطريقة الختميّة التي تعتبر من الطوائف الصوفيّة في السودان.

تصدّى عبد المنعم رئاسة الإتّحاد العام للطلاّب السودانيّين بالولاية الشماليّة لفترة معيّنة، التحق بعد استبصاره بالحوزة العلميّة في سوريا المسماة بحوزة القائم (عليه السلام)العلميّة، ثمّ أصبح الأمين العام لهيئة أهل البيت (عليهم السلام) العالميّة.

مؤلّفاته:

بنور فاطمة (عليها السلام) اهتديت.

16 ـ عصام علي يحيى العماد:

مكان وسنة الولادة: اليمن، مدينة "أب" 1968 م.

المستوى الدراسي: حاصل على شهادة الليسانس في قسم الدراسات الإسلاميّة وشهادة الماجستير وشهادة الدكتوراه في علوم القرآن والحديث.

نشأ في أسرة سنّيّة ومتأثّرة بالتيّار السلفي الوهابي، درس المذهب الوهّابي في بعض المعاهد الدينيّة، منها: "معهد صنعاء العلمي" وهو أكبر معهد وهابي في اليمن،


الصفحة 361
ثمّ درس عند بعض علماء اليمن في المساجد، ثمّ قام بتدريس الفقه السلفي ومارس الخطابة في مساجد صنعاء.

كما أنّه سافر إلى السعوديّة والتحق بكلّية أصول الدين ـ قسم الحديث ـ في جامعة الإمام محمّد بن سعود.

سافر بعد الاستبصار إلى إيران عام 1990 م، والتحق بالحوزة العلميّة في مدينة قم المقدّسة.

مؤلّفاته:

1) رحلتي من الوهاّبيّة إلى الإثني عشرية.

2) المنهج الجديد والصحيح في الحوار مع الوهّابيّين، محاولة للتقريب بين الإثني عشريّة والوهّابيّة.

17 ـ علي محمّد فتح الدّين الحنفي:

مكان وسنة الولادة: باكستان، مدينة "جنك" بالبنجاب، أحد العقدين الآخرين من القرن التاسع عشر الميلادي.

كان متولّعاً منذ صغره بدراسة الحديث النبوي الشريف، وكان متميّزاً بين أقرانه بذهنيّة رفيعة وذاكرة قويّة، حتى أصبح من كبار حفّاظ عصره المشتهرين بحفظ الأحاديث الشريفة وأسانيدها ورواياتها.

توفّي سنة 1371 هـ/ 1952 م، ودفن في مدينة "چاند" التابعة لمدينة "جنك" الباكستانيّة.

مؤلّفاته:

فلك النجاة في الإمامة والصلاة.

18 ـ محمّد أحمد خير:

مكان وسنة الولادة: السودان في منطقة الخندق الشماليّة، 1957م.

المستوى الدراسي: تخرّج من كلّية الاقتصاد، قسم الاقتصاد البحت.

تلقى العلوم الدينيّة على يد عدد من العلماء، يعمل نائب مدير قسم التخطيط


الصفحة 362
بشركة الإطارات الدوليّة.

مؤلّفاته:

براءة الشيعة.

19 ـ محمّد التيجاني السماوي:

مكان وسنة الولادة: تونس، مدينة "قفصة" 1943 م.

المستوى الدراسي: أنهى دراسته في جامعة الزيتونة، حصل على شهادة الماجستير من جامعة باريس، وكانت أطروحته حول المقارنة بين الأديان، ثم حاز على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون، وكانت اطروحته التي قدّمها لهذه الجامعة لنيل درجة الدكتوراه تحت عنوان "النظريّات الفلسفيّة في نهج البلاغة".

مؤلّفاته:

1) ثمّ اهتديت.

2) لأكون مع الصّادقين.

3) فاسألوا أهل الذّكر.

4) الشيعة هم أهل السنّة.

5) اتّقوا الله.

6) اعرفت الحقّ.

7) كلّ الحلول عند آل الرسول (عليهم السلام).

8) فسيروا في الأرض فانظروا.

20 ـ محمّد عبد الحفيظ:

مكان وسنة الولادة: مصر، قرية "بنبات"، 1960 م.

المستوى الدراسي: اجتاز المراحل الدراسيّة حتى الإعدادية في مسقط رأسه، ثمّ أكمل ما بقي منها في معهد اسوان الثانوي ـ القسم العلمي ـ ثمّ ذهب إلى القاهرة عام 1980م، لمواصلة دراسته الجامعيّة، فالتحق بادىء الأمر بكلّية طبّ الأسنان، ثمّ انتقل إلى كلّية الشريعة، ثمّ انتقل منها إلى كلّية الشريعة والقانون حتى تخرّج منها عام 1986م.


الصفحة 363

مؤلّفاته:

لماذا أنا جعفري؟

21 ـ محمّد علي المتوكل:

مكان الولادة: السودان.

المستوى الدراسي: تخرّج من كلّية الحقوق في فرع جامعة القاهرة بالخرطوم سنة 1988 م.

خاض مرحلة البحث مع مجموعة من زملائه في الجامعة، حتى انتهى بهم المطاف إلى الاستبصار عام 1985م.

مؤلّفاته:

ودخلنا التشيّع سجّداً.

22 ـ محمّد الكثيري:

مكان الولادة: المغرب.

المستوى الدراسي: مختص في علم الاجتماع الديني.

مؤلّفاته:

السلفيّة بين أهل السنّة والإماميّة.

23 ـ محمّد كوزل الحسن الآمدي:

مكان وسنة الولادة: تركيا، مدينة "ميافاقين"، 1968 م.

اتّجه لطلب العلم منذ صغره، ثمّ عمل في التوجيه الإسلامي والإرشاد في تركيا، استبصر عام 1988م.

مؤلّفاته:

1) الهجرة إلى الثقلين.

2)المسح في وضوء الرسول (صلى الله عليه وآله).

24 ـ محمّد مرعي الأمين الانطاكي:

مكان وسنة الولادة: سوريا، قرية "عنصو"، التابعة إلى انطاكية، 1314هـ.

المستوى الدراسي: درس في جامعة الأزهر بمصر.


الصفحة 364
تولّى إمامة الجماعة والتدريس والإفتاء والخطابة في بلده.

انتقل إلى رحمة الله تعالى سنة 1383 هـ.

مؤلّفاته:

لماذا اخترت مذهب الشيعة، مذهب أهل البيت (عليهم السلام).

25 ـ مروان خليفات:

مكان وسنة الولادة: الأردن، مدينة "اربد"، 1973 م.

المستوى الدراسي: تخرّج من كلّية الشريعة والدراسات الإسلاميّة في جامعة اليرموك عام 1995 م.

استبصر عام 1992 م.

سافر لطلب العلم إلى إيران والتحق بالحوزة العلميّة في مدينة قم ثم سافر إلى سوريا والتحق بالحوزة العلميّة في دمشق.

مؤلّفاته:

1) وركبت السفينة.

2) أكرمتني السماء، العودة المباركة إلى النعمة الإلهيّة.

3) النبي (صلى الله عليه وآله) ومستقبل الدعوة.

4) قراءة في المسار الأموي.

26 ـ مصطفى خميس:

مكان الولادة: سوريا.

مؤلّفاته:

1) لا تضيّعوا السنّة.

2) شبهات وحقائق.

27 ـ معتصم سيّد أحمد:

مكان وسنة الولادة: السودان، قرية "ندى" الواقعة على ضفاف نهر النيل.

المستوى الدراسي: حاصل على شهادة البكالوريوس في فرع الإقتصاد.


الصفحة 365

مؤلّفاته:

1) الحقيقة الضائعة، رحلتي نحو مذهب أهل البيت (عليهم السلام).

2) حوارات، تجربة عمليّة في الحوار الشيعي السنّي.

28 ـ معروف عبد المجيد:

مكان وسنة الولادة: مصر، مدينة "القليوبيّة"، 1952 م.

المستوى الدراسي: درس الآداب واللغات السامية في جامعة الأزهر في مصر، والنقوش السامية في جامعة روما في إيطاليا، والآثار الكلاسيكيّة اليونانيّة والرومانيّة في جامعتي زوريخ في سويسرا وغوتنغن في ألمانيا.

يجيد عدداً من اللغات الحيّة والقديمة، عمل في الترجمة والتدريس الجامعي وهو يعمل حاليّاً في الحقل الإعلامي في الصحافة والإذاعة والتلفزيون في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة.

كان استبصاره عام 1984 م.

مؤلّفاته:

1) أحجار لن تهفو لها نفسي، مجموعة شعريّة.

2) أكاسياً للفراعنة، مجموعة شعريّة.

3) معلقة على جدران الأهرام، مجموعة شعريّة.

4) وينصبون عندها سقيفة، مجموعة شعريّة.

5) بلون الغار بلون الغدير، مجموعة شعريّة.

29 ـ الهاشمي بن علي:

مكان وسنة الولادة: تونس، مدينة "قابس" 1968 م.

المستوى الدراسي: حاصل على شهادة الليسانس في اللغة الإنجليزيّة واللغة الإيطاليّة عام 1994 م، من جامعة تونس.

استبصر عام 1989م.


الصفحة 366
سافر بعد استبصاره إلى إيران و واصل دراسته في الحوزة العلميّة في مدينة قم، ثمّ سافر إلى سوريا والتحق بالحوزة العلميّة في دمشق.

مؤلّفاته:

1) الصّحابة في حجمهم الحقيقي.

2) حوار مع صديقي الشيعي.

30 ـ هشام آل قطيط:

مكان وسنة الولادة: سوريا، قرية "البابيري" التابعة لمحافظة حلب، 1965 م.

المستوى الدراسي: تخرّج عام 1992 م، من كلّية الآداب قسم اللغة العربيّة في حلب; التحق بعد استبصاره عام 1994 م،بالحوزة العلميّة في دمشق.

مؤلّفاته:

1) وقفة مع الدكتور البوطي في مسائلة.

2) حوار ومناقشة كتاب عائشة أم المؤمنين للدكتور البوطي.

3) ومن الحوار اكتشفت الحقيقة.

4) محاكمة شيخ الأزهر، الأزهر بين فكّى كماشة التيّار السلفي وظاهرة التوظيف الديني، وثائق وحقائق.

5)المتحوّلون، حقائق ووثائق، ظاهرة تحوّل تلك النخبة من العلماء والمثقّفين نحو مذهب أهل البيت (عليهم السلام). ثلاث مجلّدات.

31 ـ ياسين المعيوف البدراني:

مكان الولادة: سوريا، مدينة "دير الزور".

مؤلّفاته:

ياليت قومي يعلمون.


الصفحة 367

مصادر الكتاب


1- إبتلاءات الأمم;

سعيد أيّوب، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الثانية، 1419 هـ.

2- أزمة الخلافة والإمامة وآثارها المعاصرة.. عرض ودراسة;

د. أسعد وحيد القاسم، دار المصطفى لإحياء التراث، قم، الطبعة الأولى 1418 هـ.

3- اعرف الحقّ;

د. محمّد التيجاني السماوي، مكتبة باب الحوائج، قم، الطبعة الثانية 1420 هـ.

4- الإمامة والقيادة;

د. أحمد عزّ الدين، مركز المصطفى للدراسات الإسلاميّة، قم، الطبعة الأولى 1417 هـ.

5- براءة الشيعة;

محمّد أحمد حامد محمّد خير، الطبعة الثانية 1413 هـ.

6- بلون الغار بلون الغدير (مجموعة شعريّة);

معروف عبد المجيد، مركز الأبحاث العقائديّة، قم، الطبعة الأولى 1420 هـ.

7- بنور فاطمة اهتديت;

عبد المنعم حسن، دار الخليج العربي للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الثانية 1420 هـ.

8- ثمّ اهتديت;

د. محمّد التيجاني السماوي، مؤسّسة أنصاريان للطباعة والنشر، قم، الطبعة الثانية 1417 هـ.

9- حُجج النهج.. المختار من نهج البلاغة;

إعداد وتعليق: د. سعيد السامرّائي، مؤسّسة الفجر، بيروت ـ لندن، الطبعة الأولى 1407 هـ.


الصفحة 368

10- حقيقة التشيّع;

صباح علي البياتي، المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)، قم، الطبعة الأولى 1422 هـ.

11- حقيقة الشيعة الإثني عشريّة;

د. أسعد وحيد القاسم، مؤسّسة المعارف الإسلاميّة، قم، الطبعة الأولى 1421 هـ.

12- الحقيقة الضائعة.. رحلتي نحو مذهب آل البيت (عليهم السلام);

معتصم سيّد أحمد، مؤسّسة المعارف الإسلاميّة، قم، الطبعة الأولى 1417 هـ.

13- حوارات.. تجربة عمليّة في الحوار الشيعي السنّي;

معتصم سيّد أحمد، دار الرسالة والتضامن، بيروت، الطبعة الأولى 1419 هـ.

14- حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي;

صائب عبد الحميد، الغدير للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الثانية 1415 هـ.

15- حوار ومناقشة كتاب عائشة أمّ المؤمنين للدكتور البوطي;

هشام آل قطيط، دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ دار الرسول الأكرم الطبعة الأولى 1418 هـ.

16- الخدعة.. رحلتي من السنّة إلى الشيعة;

صالح الورداني، دار النخيل للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى 1416 هـ.

17- الخطط السياسيّة لتوحيد الأمّة الإسلاميّة;

أحمد حسين يعقوب، دار الثقلين للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى 1415 هـ.

18- الخلافة المغتصبة.. أزمة تاريخ أم أزمة مؤرّخ;

إدريس الحسيني.

19- دعوة إلى سبيل المؤمنين;

طارق زين العابدين، مجمع البحوث الإسلاميّة التابع للآستانة الرضويّة المقدّسة، مشهد، الطبعة الأولى 1418 هـ.

20- دفاع من وحي الشريعة.. ضمن دائرة السنّة والشيعة;

حسين الرجاء، مؤسّسة السيّدة زينب (عليها السلام) الخيريّة، بيروت، الطبعة الأولى 1420 هـ.

21- الرساليّون.. قراءة في أصالة الحجّة وتأمّلات في معالم التأويل وحكمة الإبتلاء;

سعيد أيّوب، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى 1417 هـ.


الصفحة 369

22- السلفيّة بين أهل السنّة والإماميّة;

محمّد الكثيري، مركز الغدير للدراسات الإسلاميّة، بيروت، الطبعة الأولى 1418 هـ.

23- السيف والسياسة.. صراع بين الإسلام النبوي والإسلام الأموي;

صالح الورداني، دار الجسام، القاهرة، الطبعة الأولى 1416هـ.

24- شبهات وحقائق;

مصطفى خميس، دار الهداية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت.

25- الشيعة هم أهل السنّة;

د. محمّد التيجاني السماوي، مؤسّسة أنصاريان للطباعة والنشر، قم.

26- الصحابة في حجمهم الحقيقي;

الهاشمي بن علي، مركز الأبحاث العقائديّة، قم، الطبعة الأولى 1420 هـ.

27- الطريق إلى مذهب أهل البيت;

د. أحمد راسم النفيس، مركز الغدير للدراسات الإسلاميّة، بيروت، الطبعة الأولى 1418 هـ.

28- عقائد السنّة وعقائد الشيعة.. التقارب والتباعد;

صالح الورداني، الغدير للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الأولى 1419 هـ.

29- عقيدة المسيح الدجّال في الأديان.. قراءة في المستقبل;

سعيد أيّوب، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1411 هـ.

30- فاسألوا أهل الذّكر;

د. محمّد التيجاني السماوي، مؤسّسة أنصاريان للطباعة والنشر، قم.

31- فسيروا في الأرض فانظروا;

د. محمّد التيجاني السماوي، دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى 1420 هـ.

32- فقهيّات بين السنّة والشيعة;

عاطف سلام، مركز الغدير للدراسات الإسلاميّة،


الصفحة 370
بيروت، الطبعة الأولى 1420 هـ.

33- فلك النجاة في الإمامة الصلاة;

الحافظ على محمّد فتح الدين الحنفي، مؤسّسة دار الإسلام، لندن، الطبعة الثانية 1418 هـ.

34- القطوف الدانية في المسائل الثمانية;

عبد المحسن العبد الله السراوي، دار المودّة، بيروت، الطبعة الثانية 1414هـ.

35- كلّ الحلول عند آل الرسول;

د. محمّد التيجاني السماوي، دار المجتبى للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1416 هـ.

36- الكلمة والسيف.. محنة الرأي في تاريخ المسلمين;

صالح الورداني، مركز الحضارة العربيّة، الطبعة الأولى 1417هـ.

37- لأكون مع الصادقين;

د. محمّد التيجاني السماوي، مؤسّسة أنصاريان للطباعة والنشر، قم.

38- لا تخونوا الله والرسول.. دراسة نقديّة لآراء الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب في كتابه "رسالة في الردّ على الرافضة";

صباح البياتي، مركز الأبحاث العقائديّة، الطبعة الأولى 1421 هـ.

39- لا تضيّعوا السنّة;

مصطفى خميس، للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى 1419 هـ.

40- لقد شيّعني الحسين (عليه السلام).. الانتقال الصعب في رحاب المعتقد والمذهب;

إدريس الحسيني، دار النخيل للطباعة والنشر، بيروت الطبعة الأولى 1414 هـ.

41- لماذا اخترت مذهب الشيعة مذهب أهل البيت (عليهم السلام);

محمّد مرعي الأمين الإنطاكي تحقيق: عبد الكريم العُقيلي، مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي، قم، الطبعة الأولى 1417 هـ.

42- لماذا أنا جعفري;

محمّد عبد الحفيظ، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، الطبعة الأولى 1413 هـ.


الصفحة 371

43- مساحة للحوار من أجل الوفاق ومعرفة الحقيقة;

أحمد حسين يعقوب، مركز الغدير للدراسات الإسلاميّة، بيروت، الطبعة الأولى 1418 هـ.

44- المناظرات بين فقهاء السنّة وفقهاء الشيعة;

إعداد وتعليق: صالح الورداني، مركز الغدير للدراسات الإسلاميّة، الطبعة الأولى 1419 هـ.

45- المنبر;

(مجلّة).

46- المنهج الجديد والصحيح في الحوار مع الوهّابيّين.. محاولة للتقريب بين الإثني عشريّة والوهّابيّة;

د. عصام العماد، مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة، قم المقدّسة، الطبعة الأولى 1424 هـ.

47- منهج في الانتماء المذهبي;

صائب عبد الحميد، مركز الغدير للدراسات الإسلاميّة، قم الطبعة الخامسة 1414 هـ.

48- الهجرة إلى الثقلين;

محمّد كوزل الحسن الآمدي، مركز الأبحاث العقائديّة، قم، الطبعة الأولى 1421 هـ.

49- هكذا عرفت الشيعة.. توضيحات و ردود;

إدريس الحسيني، دار النخيل العربي للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى 1418 هـ.

50- ودخلنا التشيّع سجّداً;

محمّد علي المتوكّل، دار الخليج العربي للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الثانية 1422 هـ.

51- وركبت السفينة;

مروان خليفات، مركز الغدير للدراسات الإسلاميّة، قم المقدّسة، الطبعة الأولى 1418 هـ.

52- وقفة مع الدكتور البوطي في مسائلة;

هشام آل قطيط، دار الرسول الأكرم، دار المحجّة البيضاء، بيروت، الطبعة الأولى 1417 هـ.

53- ومن الحوار اكتشفت الحقيقة;

هشام آل قطيط، دار المنتظر، بيروت، الطبعة الأولى 1421 هـ.

54- ياليت قومي يعلمون;

ياسين المعيوف البدراني، مؤسّسة العارف،بيروت.

فهرس المطالب / تحميل الكتاب

فهرس المطالب

zip pdf doc