معارف الصحيفة السجادية

٣٨. يعيش من يجهله حالة الحرمان من فضل الله تعالى.١

٣٩. عرّفنا الله خصوصياته وما فضّلنا به.٢

٤٠. هدانا الله إلى صيامه وقيامه على الرغم من تقصيرنا فيه.٣

 ٤١. ينبغي أن نقرّ ونندم ونعتذر إلى الله عند التقصير في حقّه.٤

 ٤٢. نسأل الله أن يهب لنا أجراً نستدرك به ما فاتنا من بركات هذا الشهر عند تفريطنا في حقّه.٥

 ٤٣. نسأل الله أن يطيل في أعمارنا حتّى ندرك شهر رمضان المقبل.٦

٤٤. ينبغي أن نعبد الله فيه حقّ العبادة ونؤدّي فيه ما يستحقه الله من الطاعة.٧

 ٤٥. ينبغي أن ننال فيه من صالح الأعمال ما يكون تعويضاً لما فاتنا في الشهر الماضي واستدراكاً عن الشهر المقبل.٨

٢٠٦

 ٤٦. فرصة وفّرها الله ليستغفر فيها العباد إزاء الذنوب التي ارتكبوها
ـ تعمّداً أو نسياناً ـ في حقّه تعالى أو حقّ غيره.١

منزلة شهر رمضان:

١. إنّ لشهر رمضان حرمة وحقوقاً خاصّة، وينبغي علينا حفظ هذه الحرمة والقيام بهذه الحقوق بأفضل صورة ممكنة.٢

٢. كلّما يكون الإنسان المؤمن أعرف بفضل شهر رمضان وإجلال حرمته والأمور التي ينبغي التحفّظ منها في هذا الشهر، فإنّه سيكون أقدر على حفظ حرمة هذا الشهر والانتفاع الكامل منه.٣

 ٣. من يرعى شهر رمضان، ويحفظ حرمته حقّ حفظها، ويقوم بحدوده حقّ قيامها، ويتّقي ذنوبه حقّ تقاتها، ويتقرّب إلى الله حقّ التقرّب، فإنّه سيحظى برضا الله وعطفه ورحمته وفضله.٤

وظيفتنا في شهر رمضان:

١. وظيفتنا في شهر رمضان أن نملؤه بعبادة الله، ونزيّن أوقاته بطاعته تعالى،

٢٠٧

والصيام في نهاره، والتهجّد بخشوع، وإظهار الذلّة بين يدي الله في ليله.١

 ٢. أهم ما ينبغي أن نفعله في هذا الشهر هو ما يكون حطّة وكفّارة لذنوبنا.٢

٣. ما نأمله في شهر رمضان هو أن يمح الله ذنوبنا في بدايته، ويغفر لنا خطايانا مع انقضاء أيّامه، حتّى نخرج من هذا الشهر وقد طهّرنا الله فيه من أدران الذنوب وخلّصنا من شوائب السيّئات.٣

٤. ينبغي أن نحافظ في شهر رمضان على مستوى إيماننا لنكون ممّن يؤهّلنا الله فيه لما وعد أولياءه من كرامته، ويوجب لنا ما أوجب لأهل المبالغة في طاعته ويجعلنا في عداد من استحقّ أرفع الدرجات برحمته.

ويمتاز هذا الأمر بالأهمية القصوى بحيث يصح للعبد أن يتوسّل إلى الله للحصول عليه بحقّ شهر رمضان، وبحقّ من تعبّد لله فيه من أوّل تشـريعه إلى يوم القيامة من ملك مقرّب أو نبي مرسل أو عبد صالح خصّه الله برحمته وعنايته.٤

٥. شهر رمضان شهر الطاعة والعبادة، وشرط قبول الطاعة هو الإخلاص»،

٢٠٨

وهذا ما يحتّم علينا مراقبة أنفسنا لئلا نقع في فخّ الرياء والسمعة، بل ينبغي أن تكون طاعتنا وعبادتنا خالصة لوجهه تعالى، ومنزّهة عن شوائب الشرك بالله سبحانه وتعالى.١

 ٦. أبرز ما نحتاج إليه في هذا الشهر هو ستر الله وعفوه ورأفته التي لا تنفذ، وفضله الذي لا ينقص.٢

الغاية من شهر رمضان:

١. شهر رمضان فترة زمنية محدودة يسّرها الله لنا لننتهزها كفرصة ذهبية لنيل الجنّة التي هي أفضل ما نناله من ربح.٣

٢. جعل الله الصيام والقيام فيه وسيلة لنيل ثوابه والدخول في رحاب رحمته.٤

٣. ينبغي أن نكون في شهر رمضان خير من ينتهز الفرصة فيه ويحمل فيه الزاد لآخرته.٥

٤. بما أنّ شهر رمضان هو الفرصة الذهبية للتقرّب إلى الله تعالى، فلهذا يكون

٢٠٩

احتياجنا في هذا الشهر إلى التسديد الإلهي أكثر من بقيّة الشهور، ولاسيّما التسديد في مجال الاستقامة والثبات والتخلّص من كيد وإغواءات الشيطان.١

٥. ينبغي على المؤمن في شهر رمضان إضافة إلى صيامه عن الطعام والشراب أن يصوم بكفّ جوارحه عن ممارسة المعاصي واستعمالها فيما يسخط الله سبحانه وتعالى.٢

 ومن أمثلة كفّ الجوارح أن:

١. لا نصغي بأسماعنا إلى اللغو.

٢. لا نسرع بأبصارنا إلى اللهو.

٣. لا نبسط أيدينا إلى الأمور المحرّمة.

٤. لا نخطو بأقدامنا إلى ما منعنا الله منه.

٥. لا نعطي بطوننا ما هو ممنوع شرعاً.

٦. لا ننطق ألسنتنا بالباطل.

٧. لا نبذل جهداً إلّا فيما يقرّبنا من الثواب أو يبعدنا عن العقاب الإلهي.٣

خصائص شهر رمضان:

١. أظهر الله فضل هذا الشهر على سائر الشهور.٤

٢١٠

٢. ميّزه الله عن بقية الشهور، واصطفاه بين جميع الأزمنة والدهور، وفضّله على كلّ أوقات السنة.

ومن أسباب هذا التمييز والاصطفاء والفضل:

أنزل الله فيه القرآن، وضاعف فيه الإيمان، وفرض فيه الصيام، وجعل فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.١

٣. أنزل الله فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان.٢

 ٤. خصّ الله هذا الشهر بالكثير من الحرمات التي لا يحلّ انتهاكها، ومن الفضائل المشهورة.٣

٥. حرّم الله في هذا الشهر ما أحلّ في غيره إعظاماً له؛ لأنّه ذات مكانة رفيعة، وينبغي على الناس أن يحفظوه.٤

٦. منع الله في هذا الشهر الأكل والشرب في النهار إكراماً واحتراماً له، حيث خصّه الله بالاصطفاء دون باقي الشهور.٥

٧. فضّلنا الله به على سائر الأمم، واصطفانا به على سائر الملل بفضله دون

٢١١ أهل الملل.١

 ٨. أمرنا الله بالصيام في نهاره، وأعاننا على القيام في ليله.٢

٩. يتعامل الله مع الصائمين والعابدين في شهر رمضان بمنتهى الفضل والإحسان بحيث يصح للعبد أن يأمل من الله أن يكتب له من الأجر إزاء صيامه وعبادته مثل أجور من صامه وتعبّد له في هذا الشهر إلى يوم القيامة.٣

١٠. يغفر الله في كلّ ليلة من ليالي شهر رمضان للعديد من العباد المستحقين للعذاب، ويعتق رقابهم من النار، ويدخلهم الجنّة بعفوه وصفحه.

وهذا ما يدفعنا للدعاء منه تعالى ليجعلنا في هذا الشهر من جملة الذين تشملهم الرعاية والعناية الإلهية.٤

أهم أعمال شهر رمضان:

أهم الأعمال التي ينبغي الاهتمام بها في شهر رمضان بشكل خاص:

١. صلة أرحامنا بالبرّ والإحسان والمحبّة.٥

٢. تفقّد جيراننا ومساعدتهم بصورة متواصلة.٦

٣. تطهير أموالنا عن طريق إعطاء حقوق الله وحقوق الناس.٧

٢١٢

٤. العودة إلى من هجرنا وانقطع عنّا، بأن نصله ونصالحه ونتّصل به.١

٥. التعامل بإنصاف مع من ظلمنا.٢

٦. التعامل بمسالمة مع من عادانا في الأمور الشخصية، أمّا إذا كانت العداوة دينية فمن كان عدوّاً لله فليس بيننا وبينه سلام، ولا نواليه، ولا نقيم معه العلاقات الودّية.٣

٧. التقرّب إلى الله بالأعمال التي تزكّينا وتطهّرنا من الذنوب وتعصمنا من الوقوع ابتداءً في العيوب حتّى لا نرد عليه تعالى إلّا وتكن أعمال الملائكة دون مستوى أعمالنا في الطاعة لله والقربة إليه.٤

 ٨. الالتزام بمواقيت الصلوات الخمس وأدائها بحدودها وفروضها ووظائفها وأوقاتها الشرعيّة، وأن نكون من المحقّقين لأغراضها وحدودها، والحافظين لأركانها، والمؤدّين لها في أوقاتها وفق سنّة الرسول صلى الله عليه وآله في ركوعها وسجودها وجميع مناقبها على أتمّ الطهور وأسبغه، وأوضح الخشوع وأكمله.٥

٢١٣

ما ينبغي الابتعاد عنه في شهر رمضان:

أهم الأمور التي ينبغي أن نسأل الله أن يبعدنا عنها في شهر رمضان:

١. الميل والانحراف عن الحقّ في توحيد الله.

٢. التقصير في تمجيد الله.

٣. الشك في دين الله.

٤. العمى عن سبيل الله.

٥. الإغفال لحرمة الله.

٦. الانخداع للشيطان عدو الله.١

ليلة القدر في شهر رمضان:

١. فضّل الله ليلة واحدة من ليالي شهر رمضان على ليالي ألف شهر٢، «وسمّاها ليلة القدر، تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربّهم من كلّ أمر،
سلام دائم البركة إلى طلوع الفجر، على من يشاء من عباده بما أحكم من قضائه».٣

٢. ليلة القدر هي التي تقدّر فيها شؤون العباد، وكلّ ما يرتبط بهم من قبيل

٢١٤

ما يصيبهم وما يجري عليهم.١

توديع شهر رمضان:

٢. شهر رمضان فرصة ثمينة، ولهذا ينبغي أن يكون توديعنا لهذا الشهر توديع من عزّ فراقه علينا، وتوديع من غمّنا وأوحشنا انصرافه عنّا.٢

 ٣. إذا كان شهر رمضان هو شهر الطاعة والعبادة، فلا يعني أن نقصّـر في مجال الطاعة والعبادة في باقي الشهور، بل ينبغي أن يكون شهر رمضان انطلاقة يستمر عطاؤها المعنوي في سائر الشهور والأيام التي تليه حتّى شهر رمضان الآتي.٣

عيد الفطر:

١. جعل الله عيد الفطر للمؤمنين عيداً وسروراً، وجعله للمسلمين يوماً للاجتماع.٤

٢. عيد الفطر فرصة نجعلها عن طريق التوجّه إلى الله يوماً مباركاً وخير يوم مرّ علينا، وفي هذا اليوم نسأل الله ليكفّر من سيّئاتنا، ويمحو خطايانا، ويغفر لنا ما خفي وما ظهر من ذنوبنا.٥

٢١٥

٣. عيد الفطر فرصة نطلب فيها من الله ليعوّضنا عمّا خسـرناه في شهر رمضان.١

٤. يوم عيد الفطر هو يوم التوبة:

التوبة الشاملة لكلّ ذنب أذنبناه أو سوء قدّمناه أو خاطر سوء أضمرناه.

التوبة الصادقة التي لا ننوي الرجوع عنها إلى المعاصي أبداً.٢

 ٥. ما نأمله من الله في يوم عيد الفطر أن يخلّصنا من خطايانا، ويجعلنا من السعداء نتيجة صيامنا وعبادتنا فيه، وأن يجعلنا أكثر الناس نصيباً من خيراته وبركاته.٣

 الشهرة

الشهرة ليست مذمومة دائماً، بل هي وسيلة تجعل الإنسان في الموقعيّة الاجتماعية المؤثّرة.

وإيجابية الشهرة أو سلبيتها ترتبط بكيفية الاستفادة من هذه الموقعيّة، والإنسان قادر على استخدام هذه القدرة في الخير والصلاح ليكون الأسوة

٢١٦

الحسنة والعنصر الذي يلفت أنظار الناس إلى المبادئ الإلهية.

ولهذا يصح لنا السؤال من الله ليجعل لنا ذكراً جميلاً وثناءً حسناً بين الآخرين.١

الشيطان

الشيطان رجيم:

إنّ الشيطان رجيم، أي: مطرود من مواضع الخير والرحمة.٢

هدف الشيطان:

طلب الشيطان المهلة من الله ليغوينا ويضلّنا، فمنحه الباري عزّوجل هذه المهلة إلى يوم القيامة، وحذّرنا منه ضمن مخطّط إلهي لاختبارنا.

ويحاول الشيطان أن يستحوذ علينا ليضلّنا ويغوينا، ولا ملجأ للخلاص من شرّه إلّا عن طريق الاستعانة بالله لصدّ مكائده والتخلّص من إغواءاته.٣

دور الشيطان في إغواء العباد:

إنّ للشيطان دوراً كبيراً في إغواء البشرية.

ولولا أن يخدع الشيطان العباد ويبعدهم عن طاعة الله ما عصى الله عاص.

٢١٧

ولولا تصوير الشيطان الباطل للعباد في صورة الحقّ ما ضلّ عن طريق الله ضال.١

قدرة الشيطان:

فسح الله للشيطان مجال وسوسته للإنسان، كجزء من ابتلائه تعالى للإنسان في هذه الدنيا.

وسلّط الله الشيطان منّا على مالم يسلّطنا عليه، ومن هنا:

١. اتّخذ الشيطان صدورنا مسكناً له.

٢. يجري الشيطان في وجودنا مجرى الدم في العروق.

٣. لا يغفل إن غفلنا.        ٤. لا ينسى إن نسينا.٢

الإنسان بين دعوة الله ودعوة الشيطان:

من الأمور التي تبيّن شدّة انغماسنا وخوضنا في الباطل، وتمادينا في مخالفة الحقّ أن نقف على مفترق طرق بين دعوة الله عزّوجل ودعوة الشيطان فنتّبع دعوة الشيطان، مع علمنا بعداوة الشيطان لنا، ويقين منّا بأنّ منتهى دعوة الله إلى الجنّة ومنتهى دعوة الشيطان إلى النار.٣

٢١٨

الشيطان فتنة:

جعل الله نزغات الشياطين والأهواء وسيلة لاختبار الإنسان وامتحانه.١

الاستعاذة بالله من الشيطان:

١. يلبّي الله طلب من استعانه واستجار به خوفاً من شرّ الشيطان.٢

٢. إذا أعاذنا الله من الشيطان وحفظنا وعصمنا من شرّه، فسيمهّد لنا ذلك السبيل للتكامل المعنوي واكتساب درجات الصالحين ومراتب المؤمنين.٣

التخطيط ضدّ الشيطان:

يحتاج الإنسان عند مواجهته مع الشيطان أن يخصّص لنفسه وقتاً ينشغل فيه لدراسة نفسه ودراسة تحركات هذا العدو لتكون هجماته وردود أفعاله ضدّ الشيطان وفق برمجة واعية ومخطّطات مدروسة.٤

أفضل طريقة لطرد الشيطان:

أفضل طريقة لطرد الشيطان وإبعاده عنّا هي عدم الالتفات إلى وساوسه، وبذل غاية الجهد لأداء الطاعات وفعل الحسنات، وتجسيد محبّتنا لله من خلال عبادتنا له تعالى.٥

٢١٩

الشيطان واستغلاله للفرص:

١. إذا وجد الشيطان مجالاً لإغوائنا ومنفذاً يدخل منه لإضلالنا فإنّه سيطمع في إبعادنا عن طاعة الله واستخدامنا في معصية الله عزّ وجل.١

 ٢. يكون الإنسان في خلواته أحوج إلى الانتباه لما يعرض له من نزغات الشيطان ووساوسه.٢

٣. عندما يعيش الإنسان حالة سوء الظن وضعف اليقين، فسيكون الشيطان أقدر على ملك عنانه ومسك زمام أمره.٣

إغواء الشيطان للإنسان:

يحاول الشيطان أن يخدعنا ويدبّر لنا الحيل والمكائد ليضلّنا عن سواء السبيل ويوردنا موارد الهلكة.٤

الأمور التي يؤكّد عليها الشيطان:

١. الأماني والآمال والتسويف، ومنها أنّه يؤمننا عقاب الله.٥

٢. المواعيد المغرية.٦

٢٢٠

٣. إغراؤنا فيما نهواه.١

٤. استدراجنا نحو المعاصي.٢

٥. تخويفنا بغير الله.٣

٦. سوء الظن بالآخرين، وتمنّي زوال نعمة الغير.٤

أهم أساليب الشيطان لإغوائنا:

١. يحاول الشيطان دائماً أن يمنعنا من اكتساب العلوم والمعارف الإلهية؛ لأنّها تنير لنا الدرب، وتمنحنا القدرة على مواجهة دسائس الشيطان وعدم الانخداع بمغرياته، وهذا ما يحتّم علينا الاستعانة بالله لكسب هذه العلوم والمعارف.٥

 ٢. يكره الشيطان قيامنا بالطاعات وفعلنا للحسنات، ولهذا يملي علينا ـ عن طريق وساوسه ـ حالة الشعور بصعوبة أداء الطاعات وثقل فعل الحسنات ليردعنا ويبعدنا عن القيام بها.٦

٣. يثير الشيطان ميولنا ورغباتنا وغرائزنا لننساق مع الأهواء والشهوات فتُعمى بصائرنا عن التمييز بين الحسن والقبيح، فنرى ما هو قبيحاً حسناً نتيجة تزيين واغراءات الشيطان.٧

٢٢١

٤. يقف في طريقنا ليصرفنا عن الحقّ بما تميل إليه شهواتنا.١

٥. ينصب لنا حبائله في ميادين الشبهات.٢

٦. إذا هممنا بفعل قبيح ولا سيّما الذنوب العظيمة شجّعنا عليه، وإذا هممنا بفعل صالح ومشروع فيه الخير ثبّطنا عنه.٣

٧. يقدّم لنا الوعود والأماني، وهو يعلم بأنّه كاذب لا يعمل بما وعد.٤

تبريّ الشيطان من الإنسان:

أسلوب الشيطان معنا أنّه يدعونا إلى ارتكاب المعاصي، وعندما نلبّي طلبه ونستوجب بسوء فعلنا سخط الله تعالى، ويشملنا الطرد الإلهي نغدو بلا شفيع ولا حامي ولا مجير ولا حصن ولا ملاذ، يعرض عنّا الشيطان، ويتبرّى منّا ويتركنا وحيدين فريدين في ساحة المعصية.٥

اتّحاد المؤمنين ضدّ الشيطان:

ينبغي لجميع المؤمنين التعاضد والاتّحاد فيما بينهم ضدّ الشيطان ومخططاته،

٢٢٢

وعلينا أن نطلب من الذين يتّبعون أوامرنا معاداة الشيطان والحذر منه، ونطلب من الذين ينتهون عمّا نحذّرهم منه أن يتوخّوا الحذر من متابعته.١

الاستعانة بالله للتخلّص من شرّ الشيطان:

لا نستطيع التخلّص من شرّ الشيطان من دون الاستعانة بالله، ومن نماذج هذه الاستعانة أن نشكو إلى الله سوء مجاورة الشيطان لنا، واستجابة ميولنا ورغباتنا وأهوائنا لإثاراته، وأن نسأله تعالى أن يصوننا من الوقوع في دائرة استيلاء وهيمنة الشيطان، ونتضرّع إليه تعالى في دفع وإبعاد كيد الشيطان عنّا.٢

آثار استعاذتنا بالله من الشيطان:

١. يجعل الله بيننا وبين الشيطان حجاباً منيعاً وسدّاً حصيناً يعجز الشيطان عن اختراقه والعبور منه.٣

 ٢. يشغل الله الشيطان عنّا ببعض أعدائه.٤

٣. يعصمنا الله من الشيطان، ويحفظنا بحسن رعايته، ويكفينا غدره، ويصرفه عنّا، ويبعده عنّا، ويقطع عنّا الآثار السلبية التي خلّفها حين تواجده في

٢٢٣

نفوسنا.١

 ٤. يحفّزنا الله على اتّباع الهدى بمقدار ما يحفّزنا الشيطان على اتّباع الضلال، ومن يطلب المزيد فلا يحجب الله عنه الخير والهداية.٢

٥. يزوّدنا الله بالتقوى ضدّ غواية الشيطان.٣

٦. يسلك بنا الله سبيل الهداية بخلاف سبل الضلال التي يدعونا الشيطان إليها.٤

٧. لا يجعل الله للشيطان موطناً ومستقراً بل مدخلاً في قلوبنا، ولا يفسح له المجال لإغوائنا وإبعادنا عن سبيل الهدى.٥

٨. يعرّفنا الله ما زيّن لنا الشيطان من باطل، وينوّر بصائرنا لنرى الباطل باطلاً فنجتنبه، ونرى الحقّ حقّاً فنتّبعه، ثُمّ يقينا الله ويحفظنا من إغواءاته.٦

٩. يبصّرنا الله بمكائد الشيطان، ويلهمنا كيفية مواجهته وسبل تفنيد محاولاته الخبيثة، ونكون أقدر على دفع شرّه.٧

١٠. ييقظنا الله من نوم الغفلة، ويمنحنا الوعي لنعرف حقيقة الشيطان فنحترز منه ولا نركن إليه ولا نعتمد عليه أبداً.٨

٢٢٤

١١. يعيننا الله بتوفيقه لنتغلّب على الشيطان، ونتمكّن من دحض دسائسه ومخططاته.١

١٢. يجعل الله في قلوبنا كراهة فعل السيّئات، والاشمئزاز من فعل المنكرات، وبغض كلّ المحرّمات التي يدعونا إليها الشيطان.٢

١٣. يمكّننا الله بلطفه لنقض وإبطال حيل الشيطان وتفنيد مساعيه الخبيثة.٣

١٤. يقطع الله رجاء الشيطان منّا لئلا يطمع بنا، ويدفعه عن ملازمتنا والتعلّق بنا.٤

١٥. يجعلنا الله من الشيطان في «حرز حارز، وحصن حافظ، وكهف مانع».٥

١٦. يلبسنا الله درعاً واقياً ضدّ الشيطان، ويعطينا لمواجهته أسلحة قاطعة ونافذة نقف به بوجه الشيطان ونردعه عن تنفيذ مخططاته.٦

١٧. يفنّد الله مساعي الشيطان بمختلف الأساليب، بل يثبّط عزيمته فينا لو قصد إغواءنا.٧

٢٢٥

 ١٨. يهزم الله جنود الشيطان، ويبطل كيده، لتذهب جهوده أدراج الرياح، ويجعل حصاد مكره وحيله الفشل والخسران، ويهدم كهفه، ويرغم أنفه عن طريق إيقاعه في دائرة الذل والهوان.١

١٩. يجعلنا الله في صفوف أعداء الشيطان، ويبعدنا عنه لئلا نكون في عداد أوليائه.٢

٢٠. يسدّدنا الله لئلا نطيع أوامر ونواهي الشيطان إذا استهوانا، ولا نستجيب له إذا دعانا.٣

طلب الصيانة من الشيطان لنا ولغيرنا:

ينبغي لنا كما نسأل الله لأنفسنا الحفظ والصيانة من الشيطان أن نسأل ذلك أيضاً لآبائنا وأمهاتنا وأولادنا وأهالينا وإخواننا وذوي أرحامنا وأقربائنا وجيراننا من المؤمنين والمؤمنات، وكلّ من شهد لله بالربوبية وتمسّك بعبودية الله عزّ وجل، ووقف بوجه الشيطان واستعان بالله لاكتساب المعارف الإلهية التي يحاول الشيطان منعه منها.٤

٢٢٦

الصحابة والتابعين

أجر الصحابة الأبرار:

١. لا يضيّع الله أجر الصحابة الذين جاهدوا بإخلاص في سبيله، فتركوا أوطانهم، وهجروا ديار قومهم، وأعرضوا عن سعة المعاش إلى ضيقه، وعملوا في ساحة الدعوة إلى الإسلام، وجمعوا الناس على دين الله وتوحيده.١

٢. أعدّ الله في الجنّة للسابقين الأوائل من أنصار دينه وحماة شريعته مكانة ومنزلة خاصّة؛ لأنّهم كانوا الحجر الأساس لتثبيت دينه تعالى وإعلاء كلمته عزّوجل في الأرض.٢

سمات الصحابة الأبرار:

١. أحسنوا صحبة رسول الله (صلى الله عليه وآله).٣

٢. كانت لهم المواقف الحسنة من أجل نصرة الرسول (صلى الله عليه وآله) ومعاونته.٤

٣. أسرعوا في القدوم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) للبيعة والنصـرة، وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا له عندما أثبت لهم بالأدلة والبراهين أحقّية رسالاته.٥

٢٢٧

 ٤. فارقوا أزواجهم وأولادهم لتكون كلمة الله هي العليا، وقاتلوا الآباء والأبناء من أجل تثبيت نبوّة الرسول (صلى الله عليه وآله)، وكانت نتيجة أمرهم الانتصار على أعداء الله ببركة وجود الرسول (صلى الله عليه وآله).١

 ٥. كانوا يعيشون منتهى حالة المحبّة لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكانوا يرجون من مودّته تجارة لن تبور.٢

٦. قدّموا أسمى التضحيات، وتحمّلوا أعظم المعاناة من أجل إعزاز الدين وإعلاء كلمة الله، فهجرتهم العشائر، وأبعدهم الأقرباء احتجاجاً على اتّباعهم للرسول (صلى الله عليه وآله).٣

أجر التابعين الأخيار:

سيجازي الله التابعين الذين اتّبعوا أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله) اتّباعاً حسناً خير الجزاء.٤

سمات التابعين الأخيار:

١. لم تعتريهم شبهة حول سمو مقام الصحابة الأبرار وصحّة اعتقادهم.

٢. ساروا على طريقة الصحابة الأبرار ومنهاجهم، واتّبعوا مسلكهم

٢٢٨

ومذهبهم، وقصدوا الناحية التي قصدها أولئك، ولم يشكّوا في اتّباع خطاهم ومسيرتهم والاقتداء بهم والاهتداء بهديهم.

٣. بذلوا غاية وسعهم وجهدهم لدعم وتثبيت ما كان عليه الصحابة الأبرار.

٤. شعار التابعين قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ (الحشر: ١٠) ١

الصحّة والسقم

الصحّة والسقم نعمة:

كلّ من «الصحّة» و«السقم» نعمة، تستحق منّا شكر الله وحده.٢

فالصحّة نعمة؛ لأنّنا فيها:

١. نعيش حالة الهناء نتيجة التمتّع بالطيبات من رزق الله تعالى.٣

٢. نعيش حالة النشاط والسعي الدؤوب لنيل مرضات الله وكسب المزيد من فضله وإحسانه.٤

٢٢٩

٣. نعيش حالة القوّة لأداء ما يوفّقنا الله من طاعته.١

والسقم نعمة؛ لأنّه:

١. كفّارة لسيّئاتنا، وتمحيص لذواتنا، وتخفيف لما ثقل على ظهورنا من خطيئات، وتطهير لنفوسنا المتلوّثة بأدران السيّئات.٢

 ٢. عقوبة ووسيلة تنبيه وتذكرة وموعظة تحفّزنا على التوبة والكفّ عن الذنوب واجتناب المعاصي، وتدفعنا لتزكية أنفسنا وتهذيبها من الشوائب العالقة بها.٣

 ٣. وسيلة لاكتساب الحسنات من دون تحمّل جهد فكري أو مشقة بدنية، بل تفضّل وإحسان منه تعالى حيث يأمر الملائكة الموكّلين بإحصاء أعمالنا ليكتبوا لنا ثواب ما كنّا نعمله من الصالحات في حالة العافية.٤

الإنسان بين الصحّة والمرض:

ينبغي علينا الانتباه عندما نصاب بمرض أنّنا نتمتّع ـ في نفس الوقت ـ بصحّة في مختلف نواحي أبداننا، وهذا بحدّ ذاته يستحق منّا الشكر والحمد لله تعالى.٥

٢٣٠

السلامة:

تكمن السلامة في أن يقينا الله من كلّ سوء.١

طلب الصحّة من الله:

١. نحتاج لأداء عباداتنا إلى الصحّة والسلامة، ولهذا ينبغي طلب الصحّة والسلامة منه تعالى ليسعنا أداء العبادات بأفضل صورة ممكنة.٢

٢. الحلاوة الموجودة في الصحّة والعافية هي التي تدفعنا إلى الانجذاب نحوها، والمسألة من الله للظفر بها.

والمرارة الموجودة في السقم والمرض هي التي تدفعنا إلى الاجتناب عنها، والمسألة من الله لإبعادنا عنها.

وهذه الحلاوة أيضاً موجودة في العفو والغفران والرحمة الإلهية.

ولهذا علينا الاستعانة بالله للخروج من السقم والذنوب والخطايا والكروب إلى الصحّة والعافية والغفران والفرج.٣

السقم والتكفير عن الذنوب:

١. الذنوب والمعاصي أوساخ وأقذار وأدران معنوية تلوّث أرواحنا.

ومن آثار ما يبتلينا الله من أسقام أنّها تكفّر سيّئاتنا وتطهّر ذواتنا من هذه

٢٣١

الأدران والشوئب.١

٢. إذا كان سبب المرض الذي قد ابتلى الله به الإنسان عقوبة لسيّئاته أو غفران لذنوبه، فإنّ العفو الإلهي عن هذه السيّئات والذنوب يؤدّي إلى رفع المرض عنه ونيله الراحة والسرور بالعافية.٢

٣. كلّ ما يتداوى به العباد للقضاء على أمراضهم فإنّه من صنع الله وكريم عطائه وعظيم إحسانه.٣

الصدقة

الصدقة توجب النجاة من الغضب الإلهي والفوز برضاه ونيل المزيد من ثوابه سبحانه وتعالى.٤

 صلاة الله على المؤمنين

عندما نوفّق لعمل صالح من قبيل حسن القول في من يستحق ذلك، فإنّ الله سيصلّي علينا ويمنن علينا بالرحمة.٥

أثر صلاة الله على المؤمنين:

١. تعصمهم من معصية الله.٦

٢٣٢

٢. تفسح لهم في رياض الجنّة١

٣. تصونهم من كيد الشيطان.٢

٤. تعينهم على أعمال الخير والصلاح.٣

٥. تحفظهم على الدوام من حوادث السوء.٤

٦. تدفهم إلى حسن الظن بالله، والأمل بعفوه وإحسانه وجميل فعاله، والإيمان بعظيم لطف الله ورحمته، والثقة بكرمه وإحسانه.٥

٧. تمنعهم من تهمة الله سبحانه بعدم العدل في توزيع قسمته بين عباده فيما أعطاهم من مال وقدرة وإمكانية وغير ذلك.٦

٨. تحفّزهم على الرغبة إلى الله والرهبة منه.٧

٩. تنزع من قلوبهم حبّ التوسّع في الدنيا، وتحبّب إليهم العمل للآخرة والاستعداد لما بعد الموت.٨

١٠. تسهّل عليهم كلّ حزن وغمّ يحلّ بهم يوم خروج الأنفس من أبدانها.٩

١١. تبقيهم في عافية، وتمنع وصول السوء إليهم من الفتن التي تصيبهم.١٠

٢٣٣

١٢. تقيهم من شدائد الدخول في جهنّم وطول الخلود فيها.١

١٣. تصيّرهم إلى موضع استراحة المتّقين، أي: جنّة الخلد.٢

١٤. تحيطهم بالبركة والمنفعة.٣

١٥. توجب استجابة الدعاء.٤

الصلاة على محمّد وآل محمّد

١. «صلّى الله على محمّد وآله الطيبين الطاهرين».٥

٢. إنّنا نصلّي على محمّد وآله؛ لأنّ الله جعل النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله) وسيلة لهدايتنا وإنقاذنا من الضلال والانحراف.٦

 ٣. عندما نصلّي على الأنبياء والملائكة و... فإنّ الله سيبلغهم صلاتنا عليهم.٧

أثر الصلاة على محمّد وآل محمّد:

١. تشملنا شفاعة النبيّ محمّد| يوم القيامة في الوقت الذي نكون في ذلك اليوم بأشدّ الحاجة إلى العون والمساعدة.٨

٢٣٤

٢. تؤدّي صلاتنا على محمّد وآله حين الدعاء إلى سرعة استجابة دعواتنا، وسبباً لنجاح طلبنا منه تعالى.١

أفضل صلواتنا على محمّد وآل محمّد:

١. صلاة دائمة نامية.٢

٢. لا انقطاع لأبدها ولا منتهى لأمدها.٣

٣. كأفضل ما يصلّي الباري عزّوجل على أحد من خلقه من الأوّلين والآخرين.٤

نماذج من النصوص الواردة في الصلاة على محمّد وآل محمّد:

١. «صلواتك عليه [على رسول الله] ورحمتك وبركاتك عليه وعلى آله وآل رسولك عليهم السلام». [دعاء ٢٣]

٢. «اللهم صلّ على محمّد عبدك ورسولك وأهل بيته الطاهرين، وأخصصهم بأفضل صلواتك ورحمتك وبركاتك وسلامك». [دعاء ٢٤]

٣. «اللهم صلّ على محمّد عبدك ورسولك وآل محمّد صلاةً عالية على الصلوات، مشرفة فوق التحيّات، صلاة لا ينتهي أمدها، ولا ينقطع عددها، كأتمّ ما مضى من صلواتك على أحد من أوليائك». [دعاء ٢٧]

٢٣٥

٤. «اللهم صلّ على محمّد وآله إذا ذكر الأبرار، وصلّ على محمّد وآله ما اختلف الليل والنهار صلاةً لا ينقطع مددها، ولا يحصى عددها، صلاة تشحن الهواء، وتملأ الأرض والسماء. صلّى الله عليه حتّى يرضى، وصلّى الله عليه وآله بعد الرضا صلاة لا حدّ لها ولا منتهى». [دعاء ٣٢]

٥. «وصلّ على خيرتك اللهم من خلقك محمّد وعترته الصفوة من بريّتك الطاهرين». [دعاء ٣٤]

٦. «وصلّ اللهم على محمّد وآله صلاةً تبلغه بها أفضل ما يأمل من خيرك وفضلك وكرامتك». [دعاء ٤٢]

٧. «السلام عليه [محمّد] وعلى آله الطيّبين الطاهرين ورحمة الله وبركاته». [دعاء ٤٢]

٨. اللهم صلّ على محمّد وآله، في كلّ وقت وكلّ أوان وعلى كلّ حال عدد ما صلّيت على من صلّيت عليه، وأضعاف ذلك كلّه بالأضعاف التي لا يحصيها غيرك». [دعاء ٤٤]

٩. «اللهم صلّ على محمّد نبيّنا وآله كما صلّيت على ملائكتك المقرّبين.

وصلّ عليه وآله كما صلّيت على أنبيائك المرسلين.

وصلّ عليه وآله كما صلّيت على عبادك الصالحين وأفضل من ذلك يا ربّ العالمين». [دعاء ٤٥]

١٠. «ربّ صلّ على محمّد وآل محمّد المنتجب المصطفى المكرّم المقرّب أفضل صلواتك، وبارك أتمّ بركاتك، وترحّم عليه أمتع رحماتك». [دعاء ٤٧]

١١. «ربّ صلّ على محمّد وآله صلاة زاكية لا تكون صلاة أزكى منها، وصلّ عليه صلاة نامية لا تكون صلاة أنمى منها، وصلّ عليه صلاةً راضية لا تكون

٢٣٦ صلاةٌ فوقها». [دعاء ٤٧]

١٢. «ربّ صلّ على محمّد وآله صلاة ترضيه وتزيد على رضاه، وصلّ عليه صلاة ترضيك وتزيد على رضاك له، وصلّ عليه صلاة لا ترضى له إلّا بها ولا ترى غيره لها أهلاً... [دعاء ٤٧]

١٣. «ربّ صلّ على محمّد وآله صلاة تجاوز رضوانك، ويتّصل اتّصالها ببقائك، ولا ينفد كما لا تنفد كلماتُك». [دعاء ٤٧]

١٤. «ربّ صلّ على محمّد وآله صلاة تنتظم صلوات ملائكتك وأنبيائك ورسلك وأهل طاعتك، وتشتمل على صلوات عبادك من جنّك وإنسك وأهل إجابتك، وتجتمع على صلاة كلّ من ذرأت [أي: نشرت] وبرأت [أي: خلقت] من أصناف خلقك». [دعاء ٤٧]

١٥. «ربّ صلّ عليه وآله صلاة تحيطه بكلّ صلاة سالفة [أي: سابقة] ومستأنفة [أي: متواصلة بعد توقّف]، وصلّ عليه وعلى آله صلاة مرضية لك ولمن دونك، وتنشىء مع ذلك صلاة تضاعف معها تلك الصلوات عندها، وتزيدها على كرور الأيّام زيادة في تضاعيف لا يعدُّها غيرك». [دعاء ٤٧]

١٦. «ربّ صلّ على محمّد وآله صلاة تجزل لهم بها من نحلك وكرامتك، وتكمل لهم الأشياء من عطاياك ونوافلك، وتوفّر عليهم الحظ من عوائدك وفوائدك». [دعاء ٤٧]

١٧. «ربّ صلّ عليه وعليهم صلاة لا أمد في أوّلها، ولا غاية لأمدها، ولا نهاية لآخرها، ربّ صلّ عليهم زنّة عرشك وما دونه، وملء سمواتك وما فوقهن، وعدد أرضيك وما تحتهن وما بينهن، صلاة تقرّبهم منك زُلفى، وتكون لك ولهم رضى، ومتّصلة بنظائرهنّ أبداً». [دعاء ٤٧]

٢٣٧

١٨. «السلام عليه [محمّد] وعليهم [آل محمّد] أبد الآبدين». [دعاء ٤٧]

١٩. «أسألك اللهم... أن تصلّي على محمّد وآل محمّد عبدك ورسولك وحبيبك وصفوتك وخيرتك من خلقك، وعلى آل محمّد الأبرار الطاهرين الأخيار صلاة لا يقوى على إحصائها إلّا أنت». [دعاء ٤٨]

٢٠. «وصلّى الله على سيّدنا محمّد رسول الله المصطفى وعلى آله الطاهرين». [دعاء ٥٤]

طاعة الله

١. العمر فرصة وفّرها الله لنا في هذه الحياة لنصرفها في سبيل طاعته تعالى وتلبية أوامره التي هي رشد وهداية، وأداء الحقوق الإلهية.١

٢. طاعة الله نجاة للمطيعين؛ لأنّ المطيع ينجو بنفسه من العذاب، ويعتق رقبته من النار.

ولهذا علينا أن نشغل جوارحنا بطاعة الله فحسب، ولا نشغلها بطاعة أخرى لا تكون في امتداد طاعة الله تعالى.٢

 ٣. لا نستطيع نيل رضا الله ومحبّته، وبلوغ ما عنده من نعيم إلّا بطاعته والالتزام بأوامره ونواهيه وبفضل رحمته.٣

٢٣٨

 ٤. ينبغي أن يصرف الإنسان كلّ طاقته وقدرته من أجل التقرّب من الله عن طريق اتّباع دينه الثابت والمستقيم.١

الاهتمام بطاعة الله:

ينبغي على الإنسان أن يشغل دائماً نفسه بطاعة الله، ولا يسمح للمشاغل والهموم الدنيوية أن تبعده عن الله عزّ وجل.٢

الأجواء المناسبة لطاعة الله:

نحتاج من أجل التوجّه نحو طاعة الله إلى «شوق ثواب الموعود» [أي: الجنّة]، حتّى نجد لذّة ما ندعو الله به، فتدفعنا هذه اللّذة إلى القيام بالطاعة.

كما نحتاج من أجل الاحتراز عن المعاصي إلى «خوف عقاب الوعيد» [أي: النار]، حتّى نجد كآبة ما نستجير الله منه، فتردعنا هذه الكآبة عن ارتكاب المعصية.٣

 ينبغي أن يعيش الإنسان في طاعته لله حالة التسليم والانقطاع عن كلّ شيء ما سوى الله.٤

التقصير في طاعة الله:

١. يدرك جميع المؤمنين بالله بأنّهم مقصّرون في أداء ما أوجب الله عليهم.٥

٢٣٩

٢. لا يستطيع أحد أداء طاعة الله بصورة كاملة، وما نبذله من جهد وسعي في سبيل الطاعة لا يفي بما يستحقه الله؛ لأنّ فضل الله علينا أسبق وأشمل وأعظم وأتم.١

 ٣. إذا لم نعرّض أنفسنا لما يثيرنا ويحفّزنا نحو طاعة الله، فإنّنا لن نجد في أنفسنا ما يدفعنا نحو هذه الطاعة.٢

٤. يحب الله مجالس الصالحين؛ لأنّها توفّر لمن يحضر فيها الأجواء والأرضية المناسبة لنيل الرضوان الإلهي من خلال التحفيز على طاعته تعالى.٣

التنافس في طاعة الله:

دعا الله العباد إلى التسابق والتنافس في موارد الطاعة.٤

أثر طاعة الله:

من يطع الله يوفّقه الله للخير والرشد والصواب.٥

فرائض الله:

١. مبادرة الإنسان إلى إحياء فرائض الله المستحبة تؤدّي به إلى رفع ذكره عند الله سبحانه وتعالى.٦

٢٤٠

٢. النوافل قادرة على أن تشفع لنا في مقام التوبة، فتجعلنا أقرب إلى المغفرة الإلهية، ولكنّنا إذا كنّا مضيّعين للكثير من فرائض الله الواجبة فلا يكون للنوافل والفرائض المستحبة ـ في هذا المقام ـ القيمة المعتد بها.١

 ٣. من ضيّع فرائض الله الواجبة هلك.٢

طول الأمل

إنّ الاختبار الذي نواجهه في خصوص آجالنا هو طول الأمل، وطمعنا بآمالنا في أعمار المعمّرين.

والحلّ هو التوجّه إلى الله ليقصّر آمالنا، ويمنحنا رؤية ذات أفق واسع تؤدّي بنا إلى نبذ طول الأمل والرضا بما قسم الله لنا من العمر.٣

 وإذا لم نتمكّن من القيام بتهذيب أنفسنا في مجال طول الأمل، فالحلّ هو طلب المزيد من الاستعانة بالله ليساعدنا في هذا المجال ويكفينا طول الأمل.٤

الآثار السلبية لطول الأمل:

١. يوقعنا في أودية اللهو والغفلة عن الآخرة.٥

٢٤١

٢. يخدعنا بالباطل.

٣. يصيبنا بشروره.١

تقصير الأمل:

ينبغي علينا أن نقصّـر آمالنا بحيث لا نؤمّل استتمام ساعة بعد ساعة، ولا استكمال يوم بعد يوم، ولا اتّصال نفس بنفس، ولا لحوق قدم بقدم.٢

السبيل لتقصير الأمل:

١. صدق العمل.٣

٢. ذكر الموت بشكل متواصل.٤

الظلم

حرّم الله على العباد تجاوز أحدهم على حقوق الآخر، وانتهاك أحدهم لحرمة الآخر فيما لا يحلّ.٥

دوافع الظلم:

١. ينعم الله على العبد، فيستغني العبد، ويجد نفسه قويّاً، فيطغى ويندفع نحو

٢٤٢

الظلم والتجاوز على حقوق الآخرين.١

٢. يمهل الله العبد عند طغيانه، ويؤخّر عقابه، فيغتر العبد، وتأخذه حالة الخيلاء بما يمتلك من قوّة وقدرة، فيتجرأ نحو الظلم والتعدّي على حقوق الآخرين.٢

الارتداع عن الظلم:

كما أنّنا لا نرغب أن نكون مظلومين، فعلينا أن لا نكون ظالمين، ونسأل الله أن يعصمنا من ممارسة الظلم، ويجعل بيننا وبين ظلم الآخرين حاجزاً وعائقاً يمنعنا من الالتحاق بركب الظالمين.٣

إعانة الظالمين:

ينبغي أن يحذر الإنسان في تعاملاته الاجتماعية لئلا يكون معيناً للظالمين ولا مساعداً ونصيراً لهم على تغيير الشرع وتعطيل الأحكام الإلهية.٤

جزاء الظالمين بالاستدراج:

يجازي الله الظالم بعض الأحيان بالاستدراج، فلا يعجّله بالعقوبة، بل يمدّه بالمال والجاه والقوّة، فيكون ذلك سبباً في إصرار الظالم على الظلم وتماديه في إيذاء الآخرين.

٢٤٣

وعلى المظلوم ـ في هذه الحالة ـ الدعاء من الله لرفع حالة الاستدراج من الظالم وردعه ـ بأيّ نحو من الأنحاء ـ عن مواصلته في الظلم.

ولكن إذا اقتضت الحكمة الإلهية إبقاء الظالم في حالة الاستدراج وإهماله وترك مجازاته إلى يوم القيامة فعلى المظلوم ـ في هذه الحالة ـ الدعاء من الله ليمنحه الصمود والصبر.١

صرف الله الظلم عن العباد:

إذا أراد الله أن يصرف أحداً عن الظلم، فإنّه تعالى:

١. يشغله في أمر يهمّه ويخصّه فيصرفه بذلك عن الظلم.٢

مثال ذلك:يشغل الله الظالم بعدو يعجز عن التخلّص منه، فيصرفه ذلك عن ظلم الآخرين.٣

٢. يكشف له قبح الظلم وآثاره السلبية، فيمنعه ذلك عن ممارسة الظلم.٤

٣. يعين الله المظلوم ليقف بوجه الظالم ويصدّه عن الظلم.٥

٤. يمنع الله الظالم بقوّته عن ممارسة الظلم.٦

٢٤٤

٥. يكسر الله بقدرته شوكة الظالم وشدّة أذاه.١

٦. يذيق الله الظالم في الدنيا شيئاً قليلاً من العذاب الذي أوعده يوم القيامة ليزجره ويردعه عن التمادي في الظلم.٢

المظلومون:

١. لا يخفى على الله أنباء المتظلّمين، ولا يحتاج الباري عزّوجل لمعرفة مظلوميتهم إلى شهادات الشاهدين.٣

٢. نصرة الله قريبة من المظلومين، وعونه تعالى بعيد عن الظالمين.٤

العِوَض الإلهي للمظلوم:

يحيط الله المظلوم بعفوه ورحمته عوضاً وبدلاً عما أصيب من ظلم وإساءة.٥

نصرة الله للمظلوم:

١. يعين الله المظلوم ليتغلّب على الظالم بحيث تكون هذه الإعانة سبباً لشفاء غيظ المظلوم إزاء الظالم، وإطفاء شدّة غضبه، وإزالة كراهيته وغصّته بصورة تكون وافية تحقّق رضا المظلوم لتدارك ما أصابه من شدّة.٦

٢٤٥
السابق اللاحق

فهرس المطالب / تحميل الكتاب

فهرس المطالب

zip pdf doc